في ذكرى ميلاده الـ 89.. عبدالله غيث.. "أسد قريش" الذي أبكي جيهان السادات.. وفشل القذافي في إنقاذه | صور

هو ملك الفيديو و أسد قريش في فيلم " الرسالة"، وعباس الضو في المال والبنون، شخصيات فنية خالدة جسدها الفنان المبدع عبدالله غيث، والذي نحتفي اليوم بذكري ميلاده الـ 89.

نشأ الفنان عبدالله غيث في اسرة ميسورة الحال , حيث كانت تمتلك عائلته مئات الافدنة من الاراضي الزراعية , وكان والده رجلا مثقفا , ويجيد اللغة الانجليزية، وكان قد درس الطب في لندن, واستدعوا والده ليتولي العمودية في قريتهم مع اوائل الحرب العالمية الاولي، فتزوج وانجب خمسة ابناء كان اصغرهم عبدالله غيث، ولكن القدر لم يمهل الاب ان يعيش طويلا، فتوفي الاب وتركه في سن صغيرة, وظل في قريته ليكمل دراسته,ولكنه كان تلميذا مشاغبا ,شقيا , يهوي الهروب من المدرسة,ليذهب لحضور الحفلات الصباحية في السينما والمسارح وعليه لم يحصل بالكاد إلا علي الشهادة الأعدادية، ثم الثانوية.

عمل الفنان عبد الله غيث بالزراعة بعدها واستمر يشرف علي ارضه ما يقرب من (عشرسنوات),ثم انتقل الي القاهره ليلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية, تحت إشراف أخيه حمدي غيث)والذي كان يعمل استاذا بالمعهد آنذاك, بعد رجوعه من بعثته بباريس، ولقد التحق عبدالله غيث بالمسرح القومي وهو لا يزال طالبا بالمعهد، وكان مدخلا سلسا له الي عالم الفن.

ولقد حزي الفنان عبدالله غيث حزو والده وتزوج هو أيضا في سن صغيرة, فلم يكن حينها يتجاوز ال 18 سنة, تزوج من ابنة خالته , والتي رافقته في رحلة عمره بأسرها, وانجبت منه ثلاثة اطفال هم ,(أدهم , الحسيني وعبلة)، وقد كان عبدالله غيث ,من ابعد ما يكون عن صخب الحياة الفنية, فقد كان محافظا علي حياته الاسرية بعيدا عن علاقات الوسط الفني الا في اضيق الحدود.

وبالحديث عن حياته الفنية الحافلة بالعديد والعديد من الاعمال الفنية , بداية ,لا يجب ان ننسي دور الفنان عبد الله غيث في فيلم (الرسالة), والذي كان فيه الفنان علي كفة الميزان مع النجم العالمي (انتوني كوين),حيث كانا يجسدان نفس الشخصية وهي اسد قريش (حمزة بن عبد المطلب) ,فكان عبدالله غيث هو البطل في النسخة المصرية للفيلم, و"انتوني كوين" في النسخة الاجنبية ,وكان المخرج والمنتج السوري (عبدالله العقاد) يصور النسختين في نفس الوقت بنفس الديكور مع اختلاف الممثلين وبعض المجاميع, ولكنه كان يتوقع ان الممثلين المصريين سيستقوا براعة الاداء من الممثلين الاجانب ,ولكن بعد تصوير عدة مشاهد قليلة، فوجيء المخرج ببراعة اداء الممثلين العرب ووقف الفنان العالمي انتوني كوين يشاهد تجسيدعبدالله غيث للدور وعلق علي أدائه قائلا (لو كان عبدالله غيث في أمريكا حاليا, لكان له شأن آخر الآن).

اما عن المسرح في حياة عبدالله غيث , فحدث ولا حرج ,فقد كان من افضل من قدم المسرح الشعري , و كان الفنان عبدالله غيث يرفض التنازلات الفنية ولا يقبل باي دور يسند اليه الا بعد ان يدرسه جيدا ويقتنع به فنيا , مما جعله من ابرز نجوم المسرح العربي , فقد رشحه عميد المسرح الفنان يوسف وهبي , ليخلفه علي المسرح في اداء دوره في مسرحية (الوزير العاشق)، ومن شدة براعته في تجسيد الشخصية فقد بكت السيدة جيهان السادات عندما مات البطل في العرض.

وتوالت أدوار البطولة للفنان في ذلك المجال (المسرح الشعري)وبهذا استحق عن جدارة لقب (النجم الأول للمسرح علي مستوي الوطن العربي).فقد كان يلقي الشعر ويغني , ولم يكن يحلم إلا بالفلاحة والفن فقط, فقد كان عاشقا لريف بلده ولم يكن يجدنفسه علي حقيقته التي يعشقها الا وسط غيطان ارضه وهو يرتدي الجلباب الفلاحي ويجلس علي المصطبة، علي شاطئ الترعة بعيدا عن الشكليات السخيفة وصخب حياة المدينة والأضواء .

فقد كان يتردد مرتين في الأسبوع على قريته ما جعله يشارك أهله وجيرانه كفاحهم والتعرف على مشاكلهم ومتاعبهم وآلامهم وأمانيهم ولذلك منحوه الحب والثقة , وقاموا بترشيحه للعمودية بعد وفاة والده وأخيه الأكبر، وعندما وافق مبدئيا على المنصب أعلن الناس عن حبهم وترحيبهم بهذه الموافقة ولما شغله الفن عن تولي العمودية، تركها لابن عمه مساندا له .

وبالرغم من الرصيد الفني للفنان عبدالله غيث المسرحي , الا انه لم يشارك إلا في عدد قليل من الافلام وكان أشهرها (آدهم الشرقاوي) و"حكاية من بلدنا" و"السمان والخريف" و"جفت الأمطار" و"الحرام" وكان لفيلم "الرسالة" العالمي وضع خاص. ويرجع سبب قلة أفلامه إلى عدم استعداده لتقديم أي تنازلات وكان يدقق في ما يختاره ويناسبه من الناحية الفنية فظل يمارس الفن بروح الهواية ولم يستطع أحد منافسته خاصة في نوعية الأدوار التي يختارها.

ومن أكثر أعماله البارزة في المسرح دوره في مسرحية "الحسين ثائرا"، و"الفتي مهران" و"زيارة السيدة العجوز"، و"الوزير العاشق".

وبالنسبه للتليفزيون، فقد قدم الفنان عبدالله غيث مسلسلات رائعة لا تزال محفورة في أذهان المشاهد ولن ينساها, ولقب بعدها بملك الفيديو وهي "الصبر" و"الثعلب" و"المال والبنون" و"محمد رسول الله" و"الحرية" و"الكبرياء تليق بالفرسان" وآخرها "ذئاب الجبل" ولم يكن عبد الله يحب التردد على الأطباء أو المستشفيات لذلك لم تكتشف إصابته بسرطان الرئة والكبد معاً إلا في مراحلهما الأخيرة وكان وقتها يعمل في مسلسل "ذئاب الجبل" وفي مسرحية "آه يا غجر" تحامل على نفسه حتى انتهت المسرحية ولم يستطع إكمال أربعة مشاهد من "ذئاب الجبل" وأثناء وجوده بالمستشفى فوجئ بوفد ليبي ينوب عن الرئيس العقيد معمر القذافي يبلغه بأن هناك طائرة طبية خاصة تنتظره لنقله إلى أي بلد في العالم للعلاج أخبرهم طبيبه الخاص بأنه قد فات الأوان، حيث رحل عبد الله غيث عن دنيانا يوم 13 مارس عام 1993 .