Close ad

"الشهية الموسيقية" لعبدالوهاب.. لحن السامبا من أجل "طشة ملوخية" وخاصم شادية بسبب "صينية بسبوسة"

10-10-2017 | 18:38
الشهية الموسيقية لعبدالوهاب لحن السامبا من أجل طشة ملوخية وخاصم شادية بسبب صينية بسبوسة موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب
أحمد عادل

صورة نادرة جمعت بين الموسيقار محمد عبدالوهاب، وكوكب الشرق، أم كلثوم، بينما تتناول الطعام من "الحلة" في إحدى البروفات، كشفت امتعاض موسيقار الأجيال من نهم سيدة الغناء العربي، فقد عُرف عن عبدالوهاب عنايته الشديدة بانتقاء قائمة طعامه، وقد اعترف بنفسه في أكثر من مرة، أن تنظيم الطعام يُعطى الفنان الشعور بحياة أفضل وعمر أطول، ومع ذلك لم تغب نكهة "الطعام" عن موسيقاه، فنراه يُغنى لـ "الجميز" فى طفولته" ، يتخلى عن كبريائه الموسيقى من أجل "طشة ملوخية" أو يندفع في خصومة فنية من أجل "صينية بسبوسة! .

موضوعات مقترحة
البداية كانت من الأزقة الضيقة لحارة "الشعراني" بحي باب الشعرية، حيث وُلد ونشأ موسيقار الأجيال، وهناك استرق السمع لأصوات الباعة الجائلين، ومنهم نداء بائع الجميز، لتتشكل بذلك أولى لمسات الإبداع في نفس الموسيقار الكبير، بحسب حديثه للبرنامج الإذاعي "وقفات مع التاريخ" بصحبة كروان الإذاعة الأستاذ محمد فتحي، وقد غنى عبدالوهاب نشيد بائع الجميز خلال هذا الحوار" ولا تين ولا تين ولا عنب..يا جميز بنكلة والوزنة عنب".

لم نبتعد كثيرًا عن حي باب الشعرية، وهناك وفي تلك الأحياء الشعبية، لا تقف بك قدمٌ وتهوى أخرى حتى تستهويك روائح الطعام المنبعثة من "دخان المطابخ" ليتخلى عبدالوهاب عن كبريائه الموسيقى من أجل "طشة ملوخية".

ففي ذلك الحي، حيث أمضي عبدالوهاب طفولته، وصباه، جمعته صداقة وثيقة مع مبدع آخر، هو المطرب عبدالغنى السيد، فقد كان ابنا لهذا الحي الشعبي، وكان يعمل "استورجيا" يقوم بدهان الموبيليا، قبل أن يحل بديلا لعبدالوهاب ليُجسد دوره في "مسرحية مصرع كليوباترا" أمام سلطانة الطرب منيرة المهدية.

"الطشة العاطفية" التي رضخت لها مشاعر موسيقار الأجيال، فأبدع لها لحنا رائعا لصديق طفولته، لم تكن سوى كلمات الشاعر السكندري "أحمد ملوخية"، والتي تقول: "أنا وحدي يا ليل سهران بفكر في اللي ناسينى..أنا وحدي مع الحرمان وحرماني مكفينى..أنا وحدي مع الحيران ,خالي البال مجافينى .. أنا وحدي ..أنا وحدي".

الحالة الرومانسية التي فرضتها الكلمات على عبدالوهاب، جعلته يتغاضى عن اسم "ملوخية" مؤلف الكلمات، وكذلك وظيفته، حيث كان يعمل "مكوجى"، فقد رفض الشاعر صاحب الكلمات الرومانسية الملتهبة على وقع حرارة "المكواة" من قبل، طلب الموسيقار فريد الأطرش بتغيير اسمه، من أجل إتمام عمل فني مشترك مع الفنانة شهرزاد.

اختار عبدالوهاب لكلمات "ملوخية" الرومانسية، إيقاع السامبا الراقص، ليمنحها ثوبًا ينبض بالشياكة الموسيقية، ليتعانق كل هذا مع جمال الأداء الصوتي للمطرب عبدالغنى السيد، والحصيلة إبداع موسيقى.


وحين سُئل الموسيقار محمد عبدالوهاب عن التعاون مع الشاعر أحمد ملوخية، رد بسؤال يعكس مدى اقتناعه بكلماته قائلا: "كنا هنظلع إيه من دقية واحدة!" في إشارة إلى طبق "دقية الملوخية"، وهى من أشهر الأكلات المصرية، حيث تتم إضافة دقة الثوم إلى الملوخية، ما يمنحا مذاقًا ورائحة فريدة من نوعها.

هذا بالنسبة إلى الطعام، ولكن الشهية الموسيقية لعبدالوهاب فتحت المجال أمام "الآيس كريم" و"البسبوسة"! .

في ذروة الحرب العالمية الثانية عام 1944، ومع امتداد ساحات المعارك لتشمل الغارات أحياء القاهرة، أطلق عبدالوهاب فيلمه الجديد "رصاصة في القلب" عن قصة الأديب توفيق الحكيم، وبطولة راقية إبراهيم وبشارة واكيم وليلى فوزي، وخصص للفيلم ألحانا تمزج بين الرشاقة والخفة الموسيقية، لتخفف عن المشاهدين أجواء الحرب الخانقة، وهنا حضرت فكرة "الجلاس" أو "الأيس كريم".

فلا أحد ينسى ذلك الحوار بين عبدالوهاب وراقية إبراهيم في أغنيته الشهيرة حكيم عيون، حين كشف عن أسنانها قائلاً: "أنا مش شايف غير صفين لولى.. عشان تحرمي تاكلى جلاس.. وتدوبى في قلوب الناس".


وقد أشار عبدالوهاب، إلى أن فكرة الحب في الفيلم، قامت على تناول البطلة لـ "الجلاس" أو "الأيس كريم" لدى لقائهما الأول، ومعها ذاب البطل في الحب كما تذوب قطعة "الجلاس"، فلحن عبدالوهاب وغنى من كلمات الشاعر حسين السيد "يا جلاس ..الشوق فاض بي وطول ..يا ما دبت معاك وأنا مش دارى..يا مسبب ناري من الأول..دلوقت بس طفيت ناري" .

شكلت تلك الأغنية قفزة في موسيقى عبدالوهاب، وأثبتت ريادته على غناء كافة القوالب الموسيقية الطويلة منها والقصيرة، بل وتصدرت صورته المتحررة برفقة راقية إبراهيم، وهما يتناولان "الآيس كريم" في السيارة المكشوفة، واجهات المطاعم، والكافيتريات، التي تقدم "الجلاس".

آخر أغنيات الموسيقار عبدالوهاب ارتباطا بالحلوى، كانت أغنية "بسبوسة" من نصيب الفنانة شادية، خفة اللحن وحلاوة الكلمات التي كتبها الشاعر حسين السيد، لم تجعل أحدا يتوقع أن خصومة فنية ستقع بين "الدلوعة" و"الموسيقار" ستقضى بانتهاء تعاونهما الفني، والسبب "صينية البسبوسة".

فحين انتهت شادية من تصوير فيلم "زقاق المدق" عام 1963، وجد مخرج الفيلم حسن الإمام، أن الوقت أصبح طويلا، فخير شادية أن تخصم واحدة من أغنيتها فى الفيلم، وهما "نو يا جونى نو" التي لحنها الموسيقار محمد الموجى، وأغنية "البسبوسة" لموسيقار الأجيال، فاختارت حذف "البسبوسة" لعدم تأثيرها على سياق الفيلم بخلاف الأغنية الأخرى، ما أثار حفيظة عبدالوهاب وغضبه، خاصة أن شادية واجهته بذلك، فاتخذ عبدالوهاب قراره الصامت بوضع "الفيتو" أمام أي تعاون فني مع شادية، رغم تعاونهما من قبل في عدة أغاني عاطفية مثل أغنية"أحبك .. أحبك وأضحى لحبك بأعز الحبايب" وعدة أوبريتات وطنية، مثل "وطني الأكبر، صوت الجماهير، الجيل الصاعد، قولوا لمصر تغنى معايا في عيد تحريرها".


موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب

موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة