لفتت الأنظار إليها بدور البطولة أمام النجم حمادة هلال في مسلسل "قانون عمر"، الذي عرض ضمن الموسم الرمضاني المنقضي، من خلال شخصية "سارة"، تلك الفتاة التى تلعب على كل الحبال ولا تفوت أي فرصة إلا وتحاول استغلالها، لتتباين ردود أفعال الجمهور حول تلك الشخصية، وهل هي طيبة بداخلها أم أن الظروف التي مرت بها هي التي دفعتها لأن تكون شريرة.
موضوعات مقترحة
إنها الفنانة التونسية فاطمة ناصر، التي تحدثت في حوارها لـ"بوابة الأهرام" عن تجربتها في العمل، وكيف استعدت لها، والتحديات التي واجهتها، وعن سبب تأخرها في البطولة..
وإلى نص الحوار:
كيف جاءتك ردود الفعل عن شخصية "سارة"؟
عندما أخوض أي تجربة أجتهد في الدور الذي أظهر به للجمهور قدر ما استطعت، كي يتفاعل معي الجمهور سواء بالحب أو الكره، وأدوار الشر بالنسبة للفنان هي سلاح ذو حدين، فهي تجذب انتباه المشاهد، ولكن في الوقت نفسه تتفاوت ردود الفعل حولها، فلو نجح الممثل في تجسيد الشخصية يصبح مكروهًا من الجمهور خلال فترة عرض العمل، وعليه أن يتقبل ردود الأفعال المتنوعة، أما لو لم يتقنها فلن يصل ذلك للمشاهد وسيمر عليه مرور الكرام.
وانقسمت ردود أفعال الجمهور ما بين كارهين لتلك الشخصية الانتهازية، ومتعاطفين معها، وكيف أنها تحاول أن تعيش حياة سعيدة مع عمر بغض النظر عن الوسائل التي تتبعها للوصول لذلك الهدف.
ألم تخافي من هذه التجربة، خاصة أنها تعد أول اختبار لك على مستوى البطولة؟
أي عمل للفنان هو مغامرة بغض النظر عن حجمه، وجذبتني تركيبة الدور كثيرًا لأنني لم أقدمها في أعمالي الفنية السابقة، والذي يعد من أهم الأدوار التي أسندت إلىّ في الدراما المصرية خلال السنوات الأخيرة، من حيث المساحة والحجم وتأثير الدور طوال أحداث المسلسل، فضلًا عن التركيبة النفسية لهذه الشخصية المليئة بالتناقضات ومن الأدوار تمنيت تقديمها.
هل وضعك المخرج في تحدٍ صعب أمام المشاهد في الحلقة الأولى؟
هذا صحيح؛ المشهد الذي تحاول فيه سارة إغواء عمر أصعب المشاهد في المسلسل، لأني وضعت نفسي في ثوب امرأة تتحرش برجل وهو يصدها تمامًا، وكان علي تقديمه بطريقة ليست فجة، بل بإحساس عالٍ كي يصل للمشاهد المعنى المراد توصيله. وهذه النوعية من المشاهد يكون عليها العديد من القيود دراميًا واجتماعيًا سيبنى عليه انطباع المشاهد من البداية، وهو محرك للأحداث التي تتسبب في سجن عمر، وكذلك تنفيذه بشكل لائق ليوصل المعنى.
هل كان من الممكن الاستغناء عن هذا المشهد؟
لا يمكن الاستغناء عن هذا المشهد، لأنه ستترتب عليه أحداث العمل، وهو المحرك للتفاصيل، لأنه سيكون سببًا في غضب صاحب مركز الصيانة الذي يعمل لديه عمر، ويزج به إلى السجن، وتحدث تحولات كثيرة في شخصيتى من بعده.
البعض يرى أن سارة تميزت بالبرود العاطفي؟
غير صحيح، فطبيعة شخصية سارة أنها تتصنع البرود وتتظاهر بأنها بلا أحاسيس، ولكنها تعاني فراغًا عاطفيًا كبيرًا، فمن حولها يحاولون استغلالها، فمثلًا زوجها "شهاب"، فتوح أحمد، وافقت عليه كي تعيش حياة مستقرة، وبعد وفاته تزوجت من "شاكر"، محسن منصور، الرجل البخيل الذي يحاول تسخيرها لمصالحه، فضلًا عن علاقتها بعشيقها "طارق"، إيهاب فهمي، الذي ظنت أنه يحبها وتركها تتزوج من رجل ميسور الحال كي تعيش حياة أفضل، ويستفيد هذا العشيق من ورائها، فهي تتعامل مع شخصيات بلا قلب، فيكف يكون مطلوبًا منها أن تكون عاطفية معهم.
عندما ظهر "عمر"، حمادة هلال، في حياتها، وشعرت أنه شخص يتمتع بصفات حميدة، ضعفت أمامه وحاولت التقرب منه، وبذلت كل الجهود لإبعاده عن حبيبته "مريم"، إيمان العاصي، بالترغيب تارة وبالتهديد تارة أخرى، والدليل أنه مع نهاية الأحداث تعرضت للموت بسبب أنها أحبت، لأنه لو لم تقع في حالة الحب لما كان هذا مصيرها، كما أنك تجدها في المشاهد التي تجمعهما مهزوزة وضعيفة وتشعر بالاحتياج إليه.
هل معنى هذا أنك تميلين للأداء الغربي الهادئ بعكس الأداء الشرقي المفرط في المشاعر؟
الموضوع ليست له علاقة بـأي أداء أميل، بقدر ما أحاول أن أتعايش مع الشخصية وتفاصيلها، وكيف تواجه المواقف التي تتعرض لها، وأعترف أنني لا أحب الإفراط في الأداء التمثيلي، وأميل دائمًا لأن تكون انفعالاتي داخلية أكثر منها خارجية، فأنا أضع نفسي مكان الشخصية وظروفها، وأتعامل وفق ما تقتضيه طبيعة الأحداث التي تتعرض لها، سواء مثلًا الغضب أو الصمت أو البكاء. فالشخصية بها صراعات كثيرة بين الخير والشر، وحاولت أن تكون تعبيرات وجهي هادئة رغم أن بداخلها صراعًا داخليًا كبيرًا.
سارة جانية أم ضحية؟
دعنا نتفق على أنه ليس هناك إنسان بداخله شر مطلق أو طيبة مطلقة، الشخصية تجمع بين الإثنين في وقت واحد، هي في بادئ الأمر جانية، لأنها تقبلت أن تتزوج من شخص ليس بينه وبينها أي مشاعر، فضلًا عن أنها تخون وتسرق وتسببت في سجن شخص مظلوم، "عمر"، واستولت على ميراث ابنة زوجها المتوفى "مريم"، إيمان العاصي، فضلًا عن أن الشر الذي بداخلها هو ميراث تجارب مرت بها.
وهي ضحية مجتمع صعب لا يحترم إلا القوى وصاحب النفوذ، فزوجها الأول الذي لم يحتضنها ولم يلب احتياجاتها وزوجها الثاني المحامي الذي استغل نقاط ضعفها كي يقنعها بالاستيلاء على ثروة ابنة زوجها، ولم يكن هذا يدور ببالها، وورطها في مؤامرة، فضلًا عن عشيقها الذي أقنعها بأنه يحبها ثم تخلى عنها، مع عمر بطل العمل الذي كان دائمًا يصد مشاعرها ويرفضها بطريقة جرحت كرامتها، وهو ما دفعها للانتقام منه، ورغم أنها حاولت أن تكفر عن ذنبها، فإنه لم يمنحها الفرصة، ونصب لها كمينًا تسبب في مقتلها، أضف إلى ذلك أنها تعيش دون سند من أسرة أو أهل.
أيهما أهم بالنسبة إليك، مساحة الدور وحجمه بالنسبة للعمل أم أهميته؟
أهمية الدور تأتي في المقام الأول، ولا بد من أن تكون مساحة الدور كافية لأن تثير اهتمامي، فمن الممكن أن يكون هناك دور كبير ولا يكون له طعم أو لون، لأنه قد يكون سطحيًا، وهذه الأدوار لا تستهويني، بل إنني أختار أدواري على حسب أهميتها وتأثيرها في السيناريو، والمشاهد عندما يتابع عملًا فنيًا، فهو يركز مع فريق الممثلين بأكمله على اختلاف أدوارهم، حتى لو كان ضيف شرف، فلو أدى الدور بشكل جيد سيحظى بتركيز المتلقي.
والدليل على ذلك مشاركتي كضيفة شرف ضمن مسلسل "أمر واقع"، حيث إن الشركة المنتجة للعمل تربطني بها علاقة وثيقة، وقد قدمت أحد الافلام القصيرة لبرنامج "حكاية كل بيت"، التي كتبها محمد رفعت، مؤلف العمل، لذا فلم يكن من الممكن أن أرفض الدور.
ما سبب تأخر إسناد الأدوار الكبيرة لك؟
لا أعرف تحديدًا، لم يكن التقصير من عندي، ولكن من بعض المخرجين والمنتجين الذين لم يحاولوا منحي الفرصة بمساحة دور تظهر قدراتي التمثيلية.
وأعترف بأن أغلب أدواري في الماضي لم تكن مساحتها كبيرة، ولكني لم أتهاون في أداء دور معين حتى لو كان صغيرًا، وأحاول على قدر مساحة الدور وتفاصيل الشخصية التي أؤديها على أكمل وجه.
هل يرجع ذلك إلى أن أعمالك قد تكون متشابهة مع بعضها؟
غير صحيح، أحرص دائمًا على عدم تكرار الأدوار والشخصيات، لأن التنوع والاختلاف يظهران إمكانيات الممثل الحقيقية، ويعطيانه فرصة إخراج طاقات فنية جديدة في كل مرة، كل ممثل لا بد أن يغير من جلده طوال الوقت، وعدم حصر اختياراته في أدوار بعينها، ويذهب للمناطق التمثيلية التي يراها صعبة أو يخشى تقديمها، ويتغلب على مخاوفه، وهذا جزء من متعة التمثيل، وأتمنى أن أكون موفقة دائمًا في اختيار الأفضل من بين ما يعرض علي من مشاريع فنية.
ما وجه التشابه بين شخصيتك وسارة؟
ليس هناك أي وجه تشابه بين شخصيتي الحقيقية وشخصية سارة، وإلا سيكون الأمر كارثيًا، ولكن قد تكون الصفة الوحيدة المشتركة بينهما هي صدق المشاعر، وهو ما استعنت به عند تقديمي للشخصية، فأنا لا أستطيع إخفاء مشاعر الحب أو الكره للشخص الذي أتعامل معه، وهذا ما فعلته سارة.
ما مشاريعك الفنية الجديدة بعد رمضان؟
أنتظر العرض الثاني لمسلسل "الحاج نعمان"، وهو من نوع المسلسلات الدرامية الطويلة، يتألف من 70 حلقة، والجزء الثاني من مسلسل "نصيبي وقسمتك"، لأنني أُقدم فيه دورين مميزين ومختلفين.