تثير عودة أمير الحرب السابق، قلب الدين حكمتيار إلى كابول وسط تحديات سياسية وأمنية غير مسبوقة فى أفغانستان، ذكريات الفوضى والصواريخ لسكان المدينة ، لكنها تبعث أيضا بصيصا من الامل في تحقيق السلام.
وقوبلت عودة حكمتيار بالترحيب من جانب الأفغان الذين أرهقتهم الحرب، وأشاع الصراع الدائر في بلادهم منذ أكثر من أربعة عقود فى نفوسهم الخوف والرعب.
ومازال حاجي غلام محمد، صاحب أحد المطاعم يتذكر بقاءه في الطابق السفلي لمبنى سكني في وسط كابول مع أسرته، عندما اخترق أجواء العاصمة 1700 صاروخ خلال أسبوع واحد، أثناء القتال بين فصائل المجاهدين في أوائل تسعينيات القرن الماضي.
وكان قلب الدين حكمتيار، زعيم جماعة الحزب الإسلامي، وهي واحدة من الجماعات التي اتهمت بقصف العاصمة الأفغانية كابول في الفترة ما بين 1992 و1996، وقتل آلاف الاشخاص - يحظى بسمعة سيئة بين سكان المدينة، في ذلك الوقت حيث كان يوصف بأنه"جزار كابول".
وكان الحزب الاسلامي، هو ثاني أكبر جماعة متمردة في أفغانستان، قبل التوقيع على اتفاق سلام مع الحكومة الأفغانية في سبتمبر الماضي.
ونفذت الجماعة عمليات في شمال وشمال شرق أفغانستان، حيث تردد أن قواعدها توجد داخل باكستان.
ويعتقد أن الجماعة لديها علاقات بتنظيم القاعدة والاستخبارات الايرانية والباكستانية، إلى جانب جهات أخرى.
ويقدم اتفاق الحزب الإسلامي مع الحكومة الأفغانية "حصانة قضائية" لجميع أعضاء الجماعة، وسيتم إطلاق سراح جميع سجناء الجماعة المحتجزين لدى سجون الحكومة الافغانية.
وكان حكمتيار، زعيم الجماعة المتمردة أحد زعماء حرب العصابات السابقين المناهضين للاتحاد السوفيتي ورئيس الوزراء الأسبق، الذي كان مسئولا بالأساس عن إغراق البلاد في حرب أهلية دموية بعد سقوط النظام المؤيد للاتحاد السوفيتي عام 1992 في كابول.
وبعد الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر في عام 2001 بالولايات المتحدة، والغزو الامريكي اللاحق لافغانستان، رفض حكمتيار الانضمام إلى الحكومة الجديدة، وأعلن القتال ضد القوات الاجنبية.
ووصفت الولايات المتحدة حكمتيار بأنه إرهابي عالمي وأدخلت جماعة الحزب الاسلامي في دائرة اهتماماتها، على الرغم من أنها ليست منظمة إرهابية دولية.
وقال محمد إحسان، أحد سكان كابول، مشيرا إلى المجاهدين الذين دمروا كابول"بسبب هؤلاء الخونة، فقد الالاف من الرجال والنساء والاطفال الابرياء حياتهم".
وأضاف إحسان أن الزعماء الذين تسببوا في إلحاق الضرر "وتعذيب دولتنا" هم جزء من الحكومة الحالية، ويتزايد نفوذهم "لذلك ليس هناك أي مشكلة إذا تم إضافة آخر لهذا المزيج".
وتابع إحسان أن الافغان سئموا استمرار القتال وإهدار الدم، وقال:"لا يمكن غسل الدم بالدم".
وأضاف "نريد السلام وإذا تم تحقيقه من خلال المصالحة مع حكمتيار، سوف يكون ذلك محل تقدير وترحيب".
وبعد الاجتماع مع حكمتيار أمس الجمعة، نشر محمد غلاب مانجال، حاكم إقليم نانجارهار بشرق أفغانستان بيانا تضمن دعوة زعيم الحزب الاسلامي لطالبان إلى "وقف سفك الدماء" وتحقيق أهدافهم من خلال الوسائل السلمية".
وقال حكمتيار في البيان:"خلافنا مع طالبان هو أنهم يحكمون بالقوة".
وبالنسبة لغلام محمد، وهو صاحب متجر في حي شرقي في كابول فإنه ليس من السهل نسيان ماضي حكمتيار بشكل كامل.
وأضاف"مازلنا نعاني وندفع ثمن أخطائهم من بين ذلك أخطاء حكمتيار".
لكن زعيم الحزب الاسلامي، ليس أمير الحرب الافغاني الوحيد،الذي سوف يتمتع بثقافة الحصانة في البلد الذي تمزقه الحرب.
لم يخضع بعد للمساءلة الكثير من الزعماء المجاهدين السابقين، المتهمين بانتهاكات حقوق الانسان، من بينهم الجنرال عبد الرشيد دوستم، وهو نائب رئيس الدولة.
ويعتقد غلام أن انضمام الجماعة إلى عملية السلام ليس عملا صغيرا، بعد أن كانوا يعارضون الحكومة منذ الغزو الذي قاده الامريكيون، والذي أطاح بطالبان في عام 2001 .
وقال غلام:"الكراهية تزيد الاحساس بالمعاناة. دعونا ننسى الماضي، ونفكر بشكل إيجابي، ونعقد آمالا للمستقبل".