انتهت القمة العربية بسلام لكن نوادرها ستبقي ماثلة في الأذهان خاصة للذين تابعوها وعاشوا أيامها ولحظاتها بحلوها ومرها.
وهذه القمة انفردت بإجراءات أمنية شديدة التعقيد شهدتها العاصمة العراقية بغداد وخاصة المناطق المحيطة بمقرات إقامة الوفود وأماكن انعقاد الاجتماعات طوال أيام القمة بدأت باخلاء المساكن وتهجير أصحابها وفرض حظر تجوال بالشوارع المحيطة بمقر انعقاد المؤتمر.
يذكر أن العديد من الصحفيين المصريين وصحفية جزائرية تساقطوا من الإعياء في طريق العودة مساء أمس الأول بعد انتهاء اجتماعات وزراء الخارجية أثناء توجههم من القصر الجمهوري إلي حيث مقر مسكنهم ، وتم نقلهم إلي المستشفيات لإسعافهم.
وكان السبب في حالات الإعياء والسقوط هو الاستيقاظ مبكرا مع الانتظار لساعات داخل الأتوبيسات ما بين التفتيش عدة مرات والنزول والصعود علاوة علي تعقيدات الإجراءات الأمنية ، وكان اللافت هو اعتذار ضباط أفراد الحراسات العراقيين المرافقين لنا ودعوتهم إلينا لضرورة تقدير الظروف وتلمس العذر لهم لخشيتهم المفرطة علي وقوع أي حادث عابر يعكر صفو القمة .
وبرغم إخلاء المساكن بالأحياء المحيطة بمواقع المؤتمر من ساكنيها وحظر التجول ، لكن أكمنة متعددة لوحظت علي جانبي هذه الشوارع في الوقت الذي كانت الدوريات تجوب هذه الشوارع طوال الوقت، فيما أحيطت سيارات نقل الضيوف المشاركين بالمؤتمر والحافلات بأسطول من قوات الحراسات الخاصة وسريعة الانتشار مؤججة ، موجهة إلي الاتجاهات الأربعة.
فيما تولي خبراء مفرقعات أمريكيون مهمة التفتيش علي السيارات والحافلات التي نقلت الوفود إلي القمة عبر كلاب بوليسية ، في الوقت الذي تولي العراقيون بقية إجراءات التفتيش للأفراد.
مثلا ناهد زرواطي وهي صحفية جزائرية بصحيفة المستقبل تحفظت علي وضع فلاشا أمام الكلب الذي يقوم بــ " شم " الحقائب والسيارات بحثا عن مفرقعات أو مواد متفجرة،و كشفت ناهد عن أنه يوم اجتماع وزراء الخارجية التهم الكلب جهاز الكاسيت الخاص بها وفي اليوم التالي "أمس" صرخت حين طلب رجال الأمن العراقيين منها ضرورة وضع الفلاشا التي بحوزتها أمام الكلب وصرخت"هياكلها مثلما أكل الكاسيت من قبل"..!!
وبدا أن الوجود الأمريكي مازالت له أذيال بالعراق برزت أثناء إجراءات التفتيش علي السيارات التي اضطلع بها خبراء مفرقعات أمريكيون كانوا يتناوبون علي هذه المهمة نهارا وليلا ، بالكلاب البوليسية المدربة علي هذه المهمة ، وفي هذا قال أشقاء عراقيون أن بعض شركات الأمن خاصة في مجال الكشف عن المفرقعات والمتفجرات مازالت متواجدة برغم انتهاء الوجود الأمريكي ورحيل كل أفراد قوات الاحتلال.
وفي هذا الصدد لا يخفي العراقيون سعادتهم وابتهاجهم الكبيرين بزوال الاحتلال ويرون أنه كان كابوسا جاثما علي أنفاسهم طوال سنوات دفعوا خلال الكثير من التضحيات ، إلي جانب ما قام به بعض أفراد هذه القوات من انتهاكات للأعراض وعمليات اجرامية.
ومما يلفت الأنظار أيضا في هذه القمة هو الوجود التركي الكبير بالعراق خاصة قطاع السياحة وهو ما تجلي أثناء القمة ، وكان من ثمار هذا الوجود حصول الشركة التي أضطلعت بكل أعمال ومهام تقديم الخدمة والطعام والنظافة خلال أيام انعقاد المؤتمر علي نحو 8 مليون دولار ، حيث نهضت بكافة مقرات انعقاد المؤتمر،علما بأن الأتراك يهيمنون تماما علي الأعمال الفندقية بالفنادق العراقية.
وفي هذا الصدد يذكر أن تكليف مصر رئيس مكتب التمثيل التجاري لها في بغداد برئاسة وفدها باجتماع وزراء الاقتصاد والمال العرب " المجلس الاقتصادي والاجتماعي " أثار استياء وحالة من الدهشة والاستنكار بين الصحفيين المصريين الذين تابعوا القمة ، خاصة أن المندوب الدائم لدي الجامعة السفير عفيفي عبد الوهاب كان متواجدا، ورأوا أنه كان الأحرى بتولي هذه المهمة ، طالما غاب الوزير المختص عن المشاركة وزير الاقتصاد والتجارة محمود عيسي.