Close ad

"صوت الدوحة" في أديس أبابا.. بعد شهر من زيارة "تميم".. "الجزيرة" تدرب الإعلاميين الإثيوبيين

18-5-2017 | 19:05
صوت الدوحة في أديس أبابا بعد شهر من زيارة تميم الجزيرة تدرب الإعلاميين الإثيوبيين صورة تعبيرية
أحمد سمير

9 سنوات، هي مدة زمنية كفيلة بتغيير سياسة البلدان من حالٍ إلى حال، فمن كان بالأمس "عدوا لدودا" يؤجج الصراعات، قد يصبح بعد انقضاء السنوات التسع، "صديقا حميما" يُعين على مواجهة الصعاب.

موضوعات مقترحة

 قبل نحو عقد من الزمان، وتحديدًا في 22 إبريل من العام 2008، أعلنت إثيوبيا رسميًا عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، متهمة الدوحة – في بيان رسمي- بـ"زعزعة الاستقرار في القرن الإفريقي"، وبأن قطر "تنتهج سياسة معادية لإثيوبيا بدعمها المنظمات الإرهابية في الصومال".

 بيان الخارجية الإثيوبية في ذلك الوقت والذي أعلنت من خلاله عن قطع علاقتها الدبلوماسية مع قطر كان واضحًا ، وأشارت فيه إلى إظهار التأني والصبر حيال محاولات قطر زعزعة استقرار المنطقة، وأن "قطر باتت مصدرا رئيسيا لانعدام الاستقرار في القرن الإفريقي ومحيطه، بدعمها منظمات إرهابية في الصومال، ومناطق أخرى بشكل مباشر أو غير مباشر".

 وأضاف البيان، أن "قطر واحدة من أشد داعمي الإرهاب والتطرف في منطقتنا"، وقد تلاحظ لإثيوبيا منذ فترة طويلة "السلوك العدائي" لقطر، رغم "بذل جميع الجهود الدبلوماسية لمحاولة إقناع قطر بتغيير أنشطتها الهدامة.. التي لدى إثيوبيا أدلة لا لبس فيها عليها.. وظلت قطر بعد أن أعمتها الغطرسة فيما يبدو لا تلقي بالًا لجميع جهودنا".

 وألمح البيان، إلى أن عداء قطر لإثيوبيا "يشمل ناتج منافذها الإعلامية"، في إشارة إلى شبكة "الجزيرة" الفضائية، وطالبت إثيوبيا قطر في بيانها "تغيير سياساتها المضللة على وجه السرعة، والتي أدت إلى هذا الوضع التعيس".

ورغم اعتراف إثيوبيا بأن إعلام قناة "الجزيرة" القطرية قد تسبب في "وضع تعيس" أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، نجد الأخبار تُطالعنا بالأمس توقيع معهد الجزيرة للإعلام مذكرة تفاهم مع هيئة الإذاعة والتليفزيون الإثيوبية، للتعاون بين المؤسستين في مجالات إعلامية متنوعة، على رأسها "التدريب".

 التدريب القطري عبر قناة الجزيرة للإعلاميين الإثيوبيين يأتي بعد شهر واحد تقريبا من زيارة تميم بن حمد أمير قطر لإثيوبيا في 11 إبريل الماضي، في زيارة استغرقت يومين، في مستهل جولته الإفريقية، والتي تباحث خلالها الطرفان حول تعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية والتجارية والاستثمارية والاجتماعية والثقافية، فضلا عن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك- بحسب وكالة الأنباء القطرية حينها.

 القطيعة بين إثيوبيا وقطر استمرت لأربع سنوات، عادت بعدها العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 2012، بقرار من هالي مريام ديسالين رئيس الوزراء الإثيوبي الحالي، في رؤية مغايرة لبيان خارجية بلاده إبان تولي مليس زيناوي رئاسة الوزراء وقت قطع العلاقات.

 ورغم حالات التنافر والتجاذب التي شهدتها البلدين، إلا أن ذلك لا يغير من حقيقة "المنهج" الذي اتخذته قناة الجزيرة سبيلا لها مع الدول العربية والإفريقية، والذي يبدو أنه يتوافق مع هوى حُكام قطر.

 ويبدو أن وزير الإعلام الإثيوبي أنغيري لينشهو عندما أشاد بتجربة الجزيرة والإنجازات التي حققتها خلال مسيرتها، والتأكيد على الاستفادة من خبراتها في مختلف مجالات وفنون العمل الإعلامي، قد تناسى بيان خارجية بلاده، وتلميحات ذلك البيان لما تسببت به القناة القطرية لإثيوبيا، وتسببت في قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

 ولكن، أصبح جليًا الآن، أن إشادة وزير الإعلام الإثيوبي قد لا تكون نابعة من شعور شخصي فقط، ولكنه أيضا، قد يبدو أنه توجه عام في بلاده، التي فضلت وكالتها الرسمية للأخبار الإبقاء على حديث سجلته قناة "الجزيرة" الفضائية مع رئيس الوزراء هالي ماريام ديسالين، منذ حوالي 5 أشهر، ليستقر في صدر صفحتها الرئيسة حتى الآن، فضلًا عن مرافقة التسجيل لكل زائر لصفحات الوكالة الرسمية الداخلية، قبل الاطلاع على أخبار الدولة نفسها. 

الدكتور أيمن السيد عبد الوهاب نائب رئيس تحرير التقرير الاستراتيجي العربي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أكد لـ "بوابة الأهرام" أن تعاون هيئة الإذاعة والتليفزيون الإثيوبية مع قناة الجزيرة القطرية له دلالة واضحة على التوسع الكبير في التعاون بين إثيوبيا ودول الخليج بشكل عام، وأن الإثيوبيين يعون جيدا أهمية موقعهم، وكذلك توجه الخليج إليهم لتعميق العلاقات مع دول شرق إفريقيا.

وأشار "عبد الوهاب" إلى أن الوضع منذ 2008 عندما قطعت إثيوبيا علاقاتها الدبلوماسية مع قطر قد تغير، ومع تطورات الوضع في اليمن غيرت إثيوبيا رؤيتها، وتمكنت من توظيف علاقاتها مع دول الخليج، وشكّل ذلك لديها رؤية ثابتة وواضحة المعالم للتعاون مع الخليج.

وأضاف أنه عزز من القدرة الإثيوبية على التعاون مع الخليج قدرتها على التعاون مع إدارة أوباما، وإثبات أنها قوة فاعلة في حوض النيل، خاصة فيما يتعلق بقضايا الإرهاب.

وعن توقعاته بتأثير هذا التقارب على مصر، أكد "عبد الوهاب" لـ"بوابة الأهرام"، ضرورة الإدراك أن الرأي العام الإثيوبي مضاد لمصر، وأن الفترات الطويلة السابقة استطاعت خلالها الحكومة الإثيوبية تحميل مصر مسئولية تراجع التنمية، وبالتوازي أيضا، مصر قد قصرت بشكل كبير في التقارب مع الدول الإفريقية، وتعاملت بشكل سلبي مع إفريقيا.

ولفت إلى أن التدريب القطري لإثيوبيا يؤكد مساحات كبيرة من التعاون بين البلدين خاصة، ودول الخليج عامة، وهو ما لا يصب في النهاية في مصلحة الوضع المائي المصري، وساعد هذا الوضع ومساندة دول الخليج لإثيوبيا في تشدد أديس أبابا مع مصر تجاه قضية المياه.

لجوء إثيوبيا في تدريب إعلامييها إلى قناة "الجزيرة" القطرية، يطرح علامات استفهام عديدة، خاصة في الوقت الذي يُشار فيه عالميا إلى أن قطر متهمة بدعم الإرهاب، ليس بالتمويل فقط، ولكن أيضًا من خلال نوافذها الإعلامية وأبواقها الفضائية، فضلًا عن إيوائها العديد من قيادات الجماعات الإرهابية والتكفيرية، الذين تلاحقهم سلطات بلادهم.

ويثير هذا التعاون التساؤل أيضًا، حول ثقة إثيوبيا في "الجزيرة" التي فتحت "فضاءها" لهؤلاء الإرهابيين كمنبر لهم، يحرضون من خلاله على نشر الكراهية والعداء، حتى سار وراء أفكارهم الهدامة مّن يخربون بلادهم بأيديهم لا بأيادي أعدائهم، محققين قول وزير إعلام هتلر، "جوزيف غوبلز": "أعطني إعلامًا بلا ضمير أُعطيك شعبًا بلا وعي".

كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة