Close ad

قمة السيسي ترامب.. التوازن العربي الإسرائيلي في المنطقة يربك حسابات واشنطن بشأن إيران

2-4-2017 | 15:02
قمة السيسي ترامب التوازن العربي الإسرائيلي في المنطقة يربك حسابات واشنطن بشأن إيرانالرئيس السيسي ودونالد ترامب
سعيد قدري

توقيت لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب بواشنطن غدًا الإثنين، يحمل دلالات مهمة، حيث يأتي بعد انتهاء القمة العربية الـ28 التي عقدت بالأردن، وحمل بيانها الختامي مجموعة من القرارات والتوصيات، أهمها التأكيد على مواجهة إيران ووقف تدخلاتها في شئون الدول الداخلية خصوصا الخليج.

كما أن اللقاء يسبق لقاء آخر لايقل أهمية، وهو اللقاء الذي سيجمع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بالرئيس عبد الفتاح السيسي أبريل المقبل في الرياض، أي بعد أيام من لقاء السيسي وترامب.

أوساط عربية تنتظر توضيحًا للعديد من نقاط الالتباس بشأن العلاقات بين دول بحجم واشنطن وطهران والرياض والقاهرة.

صحيح أن القمة العربية في الأردن وضعت عناوين رئيسية يمكن اعتبارها قواعد أو استراتيجية حاكمة لتلك العلاقات، لاسيما في ما يتعلق بالعلاقات العربية- الإيرانية، حيث كان الحضور أكثر حسمًا لمسألة ضبط العلاقة مع طهران، إلا أن مدى تفاعل بعض النظم العربية مع هذه التوصيات يبقى في طور الغموض حتى الآن.

وتعتبر القاهرة نموذجًا واضحا لمسألة الغموض في علاقتها بطهران، ورغم أن هذا الغموض في بعض الأحيان يكون مقصودًا خصوصًا في إدارة العلاقات الدولية – حسب د.أشرف سنجر أستاذ العلاقات الدولية والأكاديمي بجامعة كاليفورنيا- إلا أنه في حالة القاهرة يعكس تأنيا مصريا في حسم علاقتها مع طهران، مشيرا إلى أن العلاقات الإيرانية الخليجية في مجملها ليست بهذا التصور من العداوة، فكثير من دول مجلس التعاون الخليجي تربطها علاقات تجارية معقولة مع إيران، وهو ما أعطى مصر مبررًا للاحتفاظ بعلاقات ثابتة معها.

سنجر قال لـ"بوابة الأهرام" إن القاهرة تعلم أن الرياض لازالت تحتفظ بقيادتها لكثير من الملفات الإقليمية، كما أنها "القاهرة" لاتمانع في هذا الدور القيادي للرياض بسبب الظروف الاقتصادية التي تجعلها في احتياج إلى الدعم السعودي، متوقعا أن تحتفظ القاهرة بعلاقاتها الثابتة مع طهران دون حدوث أية تحولات سواء بالسلب أو الإيجاب، مع الالتزام بسياسة السعودية في الفترة القادمة تجاه ملفات محددة مثل سوريا واليمن.

ولفت سنجر إلى تغير موقف السعودية وبعض دول الخليج بشأن التعامل مع الأزمة السورية، حيث أصبحت فكرة الحل السياسي أكثر حضورا في الخطاب الخليجي بعد أن كان هناك إصرار على الحسم العسكري والإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، وهو ما يتوافق مع المسار المصري، مؤكدًا أن الاستراتيجية العربية الآن في سوريا أصبحت تدور حول إشكالية إسقاط النظام أم إسقاط الأسد؟ وهو ما يعطي انطباعا بأن مستقبل النظام السوري له مساحة في الخطة العربية الفترة القادمة.

وكان التقارب في الرؤى بين مصر وإيران بشأن الأزمة السورية أحد موضوعات الخلاف بين القاهرة والرياض، بالإضافة إلى ما قيل عن تفاهم مصري مع الحوثيين بشأن حركة التجارة في مضيق باب المندب، وهو ما اعتبرته الرياض تحيزا لإيران على حساب العلاقة مع المملكة العربية السعودية على اعتبار أن الحوثيين مدعومون من إيران .

الولايات المتحدة الأمريكية في سياستها الجديدة بقيادة دونالد ترامب مهتمة بصناعة محورعربي مدعوم إقليميا لمواجهة إيران وتطويق نفوذها بالمنطقة العربية، لاسيما بعد التمدد في العراق واليمن وسوريا، وهو ما ينسجم مع الأهداف الخليجية في مواجهة طهران، بسبب التخوفات من الإنفاق العسكري الهائل الذي تنفقه طهران على الآلة العسكرية، ما تعتبره الخليج تهديدا لأمنها القومي، ما حدا بالأمير السعودي محمد بن سلمان إلى التنسيق مع واشنطن في هذا الصدد، ومحاولة استمالة القاهرة في هذا المحور عن طريق سياسة المقايضة.

موضوعات مقترحة

محاولات استمالة مصر إلى المحور الأمريكي السعودي في مواجهة إيران ظهرت في مقترح واشنطن بتشكيل ناتو عربي لهذا الغرض، ورغم ما يعترض الفكرة من صعوبات، حيث ترفض بعض الدول الطابع المذهبي الذي يغلفها "سنة وشيعة"، إلا أن الرياض وواشنطن بدا عازمين على تنفيذه، ومن غير المستبعد أن يكون هذا الموضوع أحد محاور المناقشة بين الرئيسين المصري والأمريكي.

ويمكن اعتبار تأخر الولايات المتحدة الأمريكية في حسم ملف الإخوان المسلمين كجماعة إرهابية حتى الآن، أحد مظاهر محاولات واشنطن لجذب القاهرة إلى محور مواجهة إيران، حيث نقلت تقارير إعلامية أن مشروع قرار تصنيف الجماعة كإرهابية يواجه عراقيل كثيرة داخل الكونجرس الأمريكي، وهو ما اعتبره مراقبون محاولة للضغط على القاهرة لتجاوز علاقتها مع طهران مقابل مواجهة الإخوان في واشنطن.

مهدى عفيفي عضو الحزب الجمهوري الديمقراطي سابقا قرأ إشكالية العلاقات "الأمريكية المصرية السعودية الإيرانية" في سياق الحفاظ على التوازن بين القوى في منطقة الشرق الأوسط، لافتًا إلى أهمية إسرائيل في السياسة الخارجية الأمريكية، وأن تحركات السياسة الأمريكية في المنطقة العربية تقوم أساسا على فكرة حماية إسرائيل، ووجود إيران بالمنطقة العربية يحفظ هذا التوازن بين الدول العربية وإسرائيل.

مصادر مصرية قريبة من دوائر صنع القرار المصري أكدت لـ"بوابة الأهرام" أن لقاء السيسي ترامب سيشهد اتفاقا على أن تتعامل الدولتان مع إيران من منطلق أنها عدو، وهذا التفاهم سينعكس على علاقات القاهرة الرياض، التي ستشهد في الفترة القادمة تفاهمات أكثر بين الدولتين، خصوصا بعد زوال العديد من نقاط الخلاف بينهم لاسيما في سوريا، حيث باتت دول الخليج أقرب إلى مسألة الحل السياسي من خلال مسارات جنيف.

مراقبون مصريون لم يرصدوا أي مظهر من مظاهر التعاون المصري الإيراني، حيث إن العلاقات بين الطرفين يمكن وصفها بالمجمدة منذ 1979، ولذلك فإن الاستناد إلى أن هناك علاقات جيدة بين القاهرة وطهران هو طرح غير صحيح على أرض الواقع، كما أن الحديث عن تفاهمات إيرانية مصرية بشأن سوريا أو اليمن، هو محض افتراء، حيث شاءت الصدفة وحدها أن تكون الرؤية المصرية قريبة من الموقف الإيراني من حيث النظرة إلى النظام السوري، ولكن جوهر الرؤيتين مختلف تماما، فالقاهرة لا تمانع في التغيير ولكن وفقا لآليات سياسية، بينما تريد طهران الاحتفاظ بالرئيس السوري، أما بالنسبة لمسألة التفاهم مع الحوثيين، فكيف يمكن الحديث عن تفاهمات بينما مصر مشارك رئيسي في تأمين مضيق باب المندب ومنع الإمدادات الإيرانية إلى الحوثيين -حسب المراقبين.

وقال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون إن هناك المزيد من المباحثات التي يتعين إجراؤها بشأن مستقبل سوريا ولكن وضع الرئيس السوري بشار الأسد سيقرره الشعب السوري.


تصريحات المسئول الأمريكي تؤكد أن الرؤية الدولية للأزمة السورية قد اختلفت، والحديث الآن عن حل سياسي، بما يعنى أن هناك مقاربة جديدة بين الأطراف المعنية بالملف السوري، وهو ما ينسحب على العلاقات بين الرياض والقاهرة وبالتبعية إيران.

الدكتور محمد عباس ناجي، رئيس تحرير مجلة "مختارات إيرانية" الصادرة عن مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كان معنيا أكثر بتوضيح مسألة المحاور معتبرا أنه لا توجد سياسة محاور بالشكل الدقيق مشيرًا إلى أن الدول تختلف فيما بينها في ملفات وتتفق في ملفات أخرى ما يعني أن كل طرف يصيغ سياسته الخارجية وفقا لما تحققه تلك الصياغة من مصلحة.

ولفت رئيس تحرير مجلة "مختارات إيرانية"، إلى أن الإدارة الأمريكية الجديدة لم تنته بعد من صياغة سياستها الخارجية في كثير من الملفات، وهو ما سيؤجل الحكم على فكرة الناتو العربي التي تريدها واشنطن من العرب في مواجهة إيران، مؤكدًا أنه لا علاقات أصلا بين القاهرة وطهران حتى يمكن اعتبارها سببا في عرقلة العلاقة مع الرياض، وأن السياستين المصرية والسعودية أصبحت قريبة بشأن التعامل مع سوريا.

 

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: