Close ad

بعد مرور مائة يوم.. حدة اللهجة الدبلوماسية في التعامل مع قطر تؤكد جدية الرباعي في تحجيم الدوحة

13-9-2017 | 06:39
بعد مرور مائة يوم حدة اللهجة الدبلوماسية في التعامل مع قطر تؤكد جدية الرباعي في تحجيم الدوحةصورة أرشيفية
محمد الإشعابي

بعد غدٍ الجمعة، تكتمل مدة مائة يومٍ من القطيعة العربية لدولة قطر، لم ينفك خلالها نظام تميم بن حمد عن إظهار المظلومية في كل المنتديات والمجالس الدولية، عبر ألسنة مندوبيه وزير خارجيته منذ بدء الأزمة، وإعلان القطيعة من قبل 4 دول عربية في الخامس من يونيو الماضي، ولم تخرج الأزمة الدائرة منذ ذلك الحين عن الإطار الدبلوماسي وعدد من القرارات المشتركة التي هدفت إلى تضييق الخناق على دولة متهمة بتقويض استقرار الدول الأربع.

موضوعات مقترحة

لكن المتابع لأجواء الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة العادية الـ148 لمجلس وزراء الخارجية العرب، التي عقدت ظهر أمس الثلاثاء، بمقر الجامعة العربية بالقاهرة، وما شهدته من مشادات كلامية وصلت لحد التلاسن بالألفاظ والخروج عن المألوف في بيت الدبلوماسية العربية، سيرى، بما لايترك مساحة للشك، أن اللهجة الدبلوماسية في التعامل مع الأزمة، والليونة في التعاطي معها ستتغير مقبل الأيام، سيما بعد حديث مندوب قطر سلطان بن سعد المريخي وزير الدولة للشئون الخارجية القطرية، الذي أثار حفيظة ممثلي الدول الأربع "مصر والسعودية والإمارات والبحرين"، ما دفعهم بالرد بحدة شديدة لم تكن معهودة من قبل.

"إيران أثبتت أنها دولة شريفة وعدنا إليها بعدما رأيناه منكم.. الموضوع خرج من دائرة الإرهاب إلى محاولة تغيير النظام في قطر".. ربما كانت تلك أكثر النقاط التي قلبت أجواء الجلسة الافتتاحية والتي جاءت على لسان ممثل قطر في أثناء كلمته، ما لبث أن انتهى منها حتي تناوب ممثلوا الدول الأربع على الرد بقسوة، لكن ملف إيران تحديدًا دفع بممثل السعودية السفير أحمد قطان بالقول: "نهنئ إيران، وستندمون إن شاء الله على ذلك"، أما فيما يتعلق بتغيير النظام رد "قطان" حمل عدة تلميحات حملت رسالة تفيد بأننا قادرون على فعل أي شيء لكننا لانتدخل في شئون الدول الداخلية، حيث قال " كلام غير لائق، لأن السعودية لن تلجأ أبدا لمثل هذه الأساليب الرخيصة، ولا نريد تغيير النظام، ولكن عليك أن تفهم أن السعودية يمكنها أن تفعل ما تريد"، بينما اكتفى وزير الخارجية المصري بتوجيه كلمة مقتضبة نارية وغاضبة بأنه لا تهاون مع من أسهموا في سيل نزيف دم أبناء بلده وأن تاريخ 7آلاف عام لن يقف مكتوف الأيدي أمام تلك المهاترات.

ربما لم تكن تلك القطيعة الأولى لعدد من الدول العربية لقطر، لكنها لم تكن بتلك الجدية والحزم في الإصرار على الموقف، فبالرغم من قيام دول "السعودية والإمارات والبحرين" من سحب سفرائهم من الدوحة مثلت بداية الأزمة الحقيقية في العام 2013 نتيجة سياسات قطر الداعمة لزعزعة الاستقرار في تلك الدول ودول عربية أخرى، تمخض عنها اتفاق الرياض الأول 2013، الذي تضمن مباديء ومواثيق كان عليها الالتزام بها بوساطة كويتية، تضمنت عدم التدخل فى الشأن الداخلى للدول العربية ودول الخليج، وإبعاد كل من يعادى مجلس التعاون الخليجى من أراضيها، خاصة جماعة الإخوان ووقف دعمها لها خاصة في مصر، كذلك وقف التحريض الإعلامى ضد الدول العربية، وعدم السماح لرموز الطائفية الدينية اعتلاء منابر المساجد بقطر للتحريض على الدول العربية والخليجية، وعدم تجنيس أى مواطن من دول مجلس التعاون الخليجى بالجنسية القطرية، وانتهت مباديء الاتفاق بوقف التحريض ضد مصر، إلا أن تلك المباديء وارت الثرى وتعاملت معها قطر بنوع من اللامبالاه.

وجاء الإطار التكميلي في اتفاق الرياض 2014 للتأكيد علي الالتزام بالبنود سالفة الذكر، لكن النظام القطري ضرب بكل تلك المباديء عرض الحائط وتعامل معها بعبثية وزاد من الطين بله تصريحات رأس الدولة "تميم بن حمد" العدائية، مايوالماضي، في حفل تخريج الدفعة الثامنة من مجندي الخدمة الوطنية في ميدان معسكر الشمال نقلتها وكالة الأنباء القطرية، سيما فيما يتعلق بإيران وأنه ليس من الحكمة التصعيد معها وامتلاكها نفوذًا كبيرًا في المنطقة وكذلك ثنائه على حزب الله وحركة حماس وأن قاعدة "العديد" لأمريكية "أكبر قاعدة أمريكية في العالم خارج النطاق الجغرافي الأمريكي" تقيهم من أطماع بعض الدول المجاورة، بما يمثل تهديدًا واضحًا للدول التي تعاني من توتر في العلاقات معها، كل تلك التصريحات والتباين في المواقف وعدم الالتزام بما خرج من رحم اتفاقي الرياض، كذلك تسجيلات صوتية لرموز الدولة القطرية مع شخصيات بحرينية داعمة للإرهاب في محاولة لقلب نظام الحكم هنالك، سرعت من وتيرة قرار القطيعة العربية تجاه قطر.

وحددت الدول الأربع مباديء ستة و13 مطلبًا، وأعلنت عدم التنازل عنها وإلا فسيكون هنالك إجراءات تصعيدية، واقتصرت المباديء الستة على مكافحة التطرف، وإيقاف كافة أعمال التحريض وخطاب الحض على الكراهية أو العنف الالتزام الكامل باتفاقي الالتزام بكافة مخرجات القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي عقدت في الرياض مايو 2017، والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول ودعم الكيانات الخارجة عن القانون، مسؤولية كافة دول المجتمع الدولي في مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب، بينما جاءت الثلاثة عشر مطلبًا كالتالي:

خفض التمثيل الدبلوماسى مع إيران ومغادرة عناصر الحرس الثورى الإيرانى من قطر، والإغلاق الفورى للقاعدة العسكرية التركية، قطع علاقاتها مع التنظيمات الإرهابية بينها "الإخوان المسلمين - داعش - القاعدة - فتح الشام جبهة النصرة سابقا - حزب الله"، وإيقاف تمويل تلك الكيانات، وتسليم عناصرها المطلوبة لدى الدول الأربع، وإغلاق قنوات الجزيرة والقنوات التابعة لها، ووقف التدخل فى الشئون الداخلية للدول، ومنع التجنيس لأى مواطن يحمل جنسية إحدى الدول الأربع، والانسجام بالمحيط الخليجى والعربى، وتسليم قواعد بيانات بالمعارضين الذين قاموا بدعمهم، وأعطت 10 أيام من تاريخ تقديمها كمهلة وإلا تعتبر لاغية، تلاه بيانًا لـ 59 شخصًا على قوائم الإرهاب و12 كيانًا داعمًا للإرهاب.

مذ طرح هذه المطالب وقطر تراوغ بين الحين والآخر، ولم تفلح وساطة أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في الخروج بصيغة نهائية لحلحلة الموقف ووضع حدٍ للأزمة بسبب المحاولات القطرية الدائمة التنصل من كل ما هو منسوب لها بالنفي أو عدم الإعلان عن موقفها بشكل رسمي كلما بدت مواقف تشير لانفراجة حقيقية، فمنذ أيام قليلة تداولت أنباء عن اتصال أمير قطر بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وأبدى رغبته في التباحث والجلوس على مائدة الحوار ومناقشة المطالب، إلا أن وكالة الأنباء القطرية وبعد وقت قصير من الاتصال، حرفت مضمونه وسياقه، ما دفع الخارجية السعودية إلى الإعلان عن تعطيل أي حوار مع قطر حتى يصدر منها تصريح واضح عن موقفها بشكل علني، بيد أن الإجراءات التركية بعيد القطيعة "بنشر جنود أتراك في الأراضي القطرية ومدها بما يلزم من الأغذية والسلع الأساسية" كذلك الموقف الإيراني الداعم لقطر "من خلال نشر أفراد الحرس الثوري لحماية أميرها"، يراها النظام القطري إجراءات حمائية بما يكفي لإطالة أمد القطيعة والمراوغة لعلها تحقق مكاسب ولو ضعيفة تمسح بها خيبة الوهن التي منيت بها بعد قرارات الدول الأربع حتى لو كلفها ذلك كل ما تملكه.

وباتت تصريحات أمير الكويت التي خرجت من واشنطن بعد لقاء له مع الرئيس الأميركي ترمب، بأن "قطر مستعدة لتلبية المطالب الـ 13 التي قدمتها دول الخليج، دون إعلان رسمي بذلك من الدوحة وعنادها يدفع بجهود الوساطة أدراج الرياح، ورغم اتهامات ترامب لقطر بأنها ممول للإرهاب "على مستوى عال"، فإن وقوف الولايات المتحدة على درجة واحدة من أطراف الأزمة يعزز من إطالة أمد الأزمة أيضًا، ويعزز بعدم اتخاذ إجراءات دولية حازمة تجاه دعم قطر للإرهاب، وإن كان العناد القطري سيدفع ربما، مقبل الأيام، بانفجار الأزمة أكثر واتخاذ إجراءات شديدة الوطأة من الدول الخليجية الثلاث بينها الاتجاه لخروجها من مجلس التعاون الخليجي، والدفع بالقضية في المحافل الدولية للضغط على قطر وشل حركاتها وسواعدها عربيًا ودوليًا، وأصبح الرهان على الشعب القطري الذي لن يتحمل إجراءات نظامه التخريبية "ممثلة في فتح خزانة البلاد للأتراك والفرس ووقف استثماراته محليًا وعربيًا ودوليًا نتيجة الإجراءات التي تتخذ ضد بلاده يومًا بعد يومٍ بسبب تعسف رأس نظامه".

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة