رفضت عائشة محمود أن تتزوج دون أن تعرف، حيث فوجئت بإخوتها يحررون عقد توكيل مزور لتزويجها دون معرفتها أولًا، ودون رغبتها ثانيا، فقامت في عام 1898 أي منذ أكثر من 118 سنة برفع قضية ضد إخوتها وضد الشهود الذين شهدوا علي الواقعة الغريبة لتكون أول فتاة مصرية بالريف تتحدي التقاليد علانية وتطالب بحقوقها الشرعية كأنثي.
موضوعات مقترحة
وتنشر "بوابة الأهرام" فى اليوم العالمي للمرأة، حكاية الفتاة عائشة التي عاشت في القرن التاسع عشر والتي كانت يتيمة، فقد تركها والدها طفلة صغيرة ليقوم زوج خالتها بتربيتها عنده وحين بلغت سن الرشد قرر إخوتها الذكور - محمد 37 سنة ويعمل مزارعا - ومحمود 32 سنة، أن تعيش معهما في الرحمانية بالبحيرة ورغم محاولة زوج خالتها أن تستقر عنده إلا أن محاولته باءت بالفشل.
عائشة القوية التي عاشت في زمن لم تكن فيه منظمات نسائية نشأت في العالم أجمع ولا وسائل تواصل اجتماعي ولا مجالس قومية لحقوق المرأة سلكت طريق المحاكم المصرية الأهلية بعد إنشائها بسنوات بسيطة في نهايات القرن التاسع عشر، ورفضت معاملة أخيها الأكبر لها الذي حبسها في المنزل لمدة 5 سنوات وأراد أن يجبرها علي التنازل علي أموالها وورثها الشرعي.
وأخبرت عائشة والدتها التي تدعي "ستيتة" القضية، وهل كانت الزوجة الثانية لوالدها أم لا؟ غير أن القضية توضح أن السيدة ستيتة توجهت لزوج شقيقتها ويدعي "علي أفندي" كي يكف الأخ الأكبر عن معاملته السيئة لعائشة، وحاول زوج خالتها بكافة الطرق أن يأخذ عائشة عنده ويرحمها من العذاب دون جدوي.
وتقول أوراق القضية النادرة التي ننشرها، نقلاً عما دونته الحقوق في أوراقها الصفراء في 8 مايو عام 1898، إن عائشة أخبرت النيابة أن أخيها الأكبر المزارع قام بتحرير توكيل مزور وقام بتزويجها لشخص يدعي محمد فهمي بل قام بإدخال الرجل عليها في حجرتها بصفته زوجها لتقوم عائشة بالصراخ هي ووالدتها ستيتة غيرعابئين بجبروت الأخ.
وتجمع أهل البلدة حول المنزل، بسبب هذا الصراخ، ليقوم الزوج الذي اصطحبه الأخ بالفرار خوفًا من الفضيحة ولا يظهر ثانية في حياة عائشة لتشهد المحاكم المصرية وقائع القضية الغريبة لعائشة التي كان من قدرها أن تقاوم تقاليد أسرتها من جهة وأن تكون أول فتاة تتجه للمحاكم وتطعن في عقد زواج مزور.
ثم قامت برفع قضية ضد أخويها محمد ومحمود، وعلي اثنين من الشهود كانا أيضًا أخوة أشقاء واستدعت النيابة نائب العمدة الذي كان قريبًا للطرفين وشهد أنه في يوم السبت من شهر يناير عام 1898 حضر إليه أحد الطوافة المعينين خدمة وأخبره بوجود صراخ في منزل محمد محمود بعد أن قام بتزويج أخته غصبا عنها دون أن تعرف بل وشرع في إدخال الزوج علي أخته غصبًا لذا قرر نائب العمدة أن يذهب للمنزل لاستيضاح الأمر بنفسه فوجد كلام الطواف صائبًا وأن الأخ زوج أخته علي غير رضاها.
فما كان علي النيابة إلا أن تستدعي المأذون الشرعي في مركز دسوق ليقرر أن المتهم أحضر له شخصًا يدعي محمد فهمي وأخبره أنه يريد أن يزوجه علي أخته وحدد يوم الخميس لعقد الزواج حيث حضر مع أخيه الثاني ويدعي محمود فأخبرهم المأذون أنه لابد من توكيل من الزوجة فحضرا ومعهما شخصان شهود فقام بتحرير عقد الزواج بناء علي القوانين المستوفاة.
وقال محامي عائشة في القضية إن العقد مزور والدليل علي ذلك أن المتهمين ذهبوا لمأذون دسوق في مركز بعيد رغم أن الرحمانية بها مأذونان، لعدم انكشاف أمرهما، لافتًا إلى أن عائشة قامت برفع دعوي ضد الشهود أيضًا الذين شهدوا علي واقعة مزورة، كما فجر محامي المتهمين الشهود مفاجأة أن المتهم الأول محمد قام بإحضار فتاة تدعي فاطمة للشهود علي أنها هي أخته عائشة، للشهود لذا يجب علي المحكمة براءتهما وعدم الاعتداد بحكم محكمة الإسكندرية بحبسهما 3 سنوات مؤكدًا أن المتهمين الآخرين محمد ومحمود أشقاء عائشة هما من قاما بالتزوير وهما من يقع عليهما العقاب فقط.
ثم قررت المحكمة بعد التدوال براءة الشهود وبحبس محمد وشقيقه محمود لمدة سنة طبقا للمادة 49 عقوبات وإلزامهما بنحو 1000 قرش لأختهما عائشة.
أوراق قضية عائشة
أوراق قضية عائشة
أوراق قضية عائشة
أوراق قضية عائشة