Close ad

شخصية المثقف في الدراما

1-6-2017 | 14:53
شخصية المثقف في الدراماصورة تعبيرية
حميد الربيعي

‎الشكل النمطي السائد لشخصية المثقف في الدراما، فيما مضى، لم يعد مجديًا إذ تم استهلاك هذه الشخصية من خلال تكرارها الدائم في معظم الأعمال الدرامية، بالإضافة إلى انتهاء مرحلتها الزمنية، فالذي كان يُطرح على الشاشة دائما هو الشخصية المنطوية، الرثة، المنعزلة والتي تحمل الكتب كعلامة دالة عليها.

موضوعات مقترحة

‎خلف هذه الصورة ثمة أبعاد موحية عنها، وهي لحظة الانبهار التي كانت تحاط بها الشخصية من قبل الآخرين، وذلك لعمق الأفكار أو الآراء الجريئة التي تطرحها هذه الشخصية، بالإضافة إلى انعزالها ومقدرتها على تجاوز الأعراف السائدة في المجتمع سلوكيًا، لم يكن هكذا نمط من الشخصيات مقبولًا في الوسط الثقافي والمجتمعي، إذ أنها وبقصديه واضحة كان ينظر لها على أنها انطوائية، غير قادرة على التفاعل مع المجتمع.

‎الأدوار التي تناط بهذه الشخصية كانت ضحلة، لا تتعدى بعض اللقطات هنا وهنالك وهي تكملة لمشاهد درامية أخرى، غالبًا ما كان يؤدي هذه الشخصية من هم كومبارس في مدرجات التمثيل، ولا يشكل ظهورهم ثقلًا مهمًا لدى المشاهد أو في الحدث الدرامي.

‎أحيانا يطرح المثقف بثقله المعرفي في مجرى الحدث، لكن أولًا كشخصية ثانوية، قابلة للتلاشي والاختفاء بأي لحظة دون تأثير يُذكر في مجرى الأحداث، أو أنه يطرح ثانيًا كصائد للفتيات من خلال الافتتان به، شخصيًا أو فكريًا، ويكون منطقة جذب في مجتمعات المعرفة، كطلبة الجامعة أو أستاذ محاضر في مجتمع مخملي والانجذاب إليه يعد نوع من التسلية وكسر لرتابة الحياة ومللها، غالبًا ما تكرس لدى النساء هذه الظاهرة، فنادرًا ما تناولت الدراما شخصية المثقف النسوية، فهو دائما مذكرًا ويحمل "البايب" في فمه والكتب بيده.

‎أن البحث عن الفراغات وتغير سير الدراما وأحداث نوع من التوازن للظلم الواقع على المجتمع هي العوامل الجاذبة لشخصية المثقف، بطرحه كمعادل ومحاور لهذه الجوانب، بينما الفعل المؤثر في الحدث يتأتى من الأبطال الفعلين في الدراما.

‎طوال سنوات كثيرة وفي كلا جوانب إنتاج الدراما سينمائيًا وتلفزيونيًا، بقيت شخصية المثقف كما هي دون تغير يذكر، عدا الهوامش التي تتمثل في نمط الزي السائد بهذه المرحلة أو تلك، مع أن المنطقة العربية، جميعًا أو انفرادًا، مرت بتحولات دراماتيكية، مجتمعيًا وسياسيًا، وانعكس هذا في الدراما، بشكل ما ودرجة معينة، لكن شخصية المثقف بقيت كما هي، راسخة دون تغير.

‎مع تعدد مراكز الإنتاج في المنطقة العربية واختلاف الرؤيا بين هذه الأقطاب، من حيث رؤيتها إلى وظيفة الفن وإدخال التقنية في الإنتاج وتعميق الأعمال الدرامية بدخول جيل جديد من مخرجي السينما إلى الميدان، ألا انه ورغم كل هذه التغيرات لم تتغير نمطية المثقف في الدراما العربية ألا قليلًا، بالتأكيد لا يمكن التعميم في هذا الجانب، فدرجات الاختلاف في إنتاج الدراما واردة وبالتالي تصبح الرؤية والآراء متباينة أيضًا، نلمس ذلك بوضوح عند تناول الدراما للتاريخ، بالذات حين تكون سردًا لسيرة حياة كاتب ما.

‎كل الصفات - السابقة - لم تعد علامة دالة على المثقف في الوقت الحاضر، فلقد وجد كتاب السيناريو في عالم العربي أن المثقف هو مثل الآخرين، ابن مجتمع يتحرك ويأكل ويتصرف كالآخرين وان الآراء المعرفية التي يطرحها لم تكن تصادمية، أنما هي مثل الكثير من الأفكار التي أصبحت متداولة في الشارع والمجتمع، وبسبب الثورة المعلوماتية فإن أراء المثقف هي جزء من حركة مجتمع، خاصة ذلك المجتمع الوسطي – أبناء الطبقة الوسطى – الذي تدور عنه الدراما العربية.

‎التسطيح وسهولة المواضيع التي تطرحها الدراما بالوقت الحاضر، تجعلها تتجنب طرح شخصية المثقف الحقيقي، وذلك لسهولة تقبل المواضيع من قبل السائد من المشاهدين ومتطلبات سوق التوزيع، بالتأكيد لا يخلو الموضوع من توجه فكري لدى منتجي الدراما من تجنب شخصية المثقف لكذا من أسباب موجهة وذات اتجاه فكري معين.

كلمات البحث
اقرأ ايضا: