Close ad

رسم الشخصيات في الفيلم السينمائي

14-4-2017 | 16:25
رسم الشخصيات في الفيلم السينمائيفيلم خطاب الملك
مصطفى عطية

تتشكل الشخصيات في السينما في أبعاد ومستويات عديدة، تتم من خلال تركيز الفيلم على رسم ملامح الشخصيات الرئيسة والفرعية، فالأحداث والحوار، وكل ما يحدث في الفيلم يعاوننا في فهم الشخصية التي تتطور مع الأحداث، والجاذبية الكبرى في هذه الأفلام في طبيعة الشخصية المقدمة وتفرّدها.

ففي الفيلم البريطاني "خطاب الملك "، نجد أن الأحداث كلها تنصب حول تبيان شخصية الملك جورج السادس "كولين فيرث" الذي يتولى الحكم في بريطانيا بعد تنازل أخيه الأكبر له عن الحكم بسبب حبه لامرأة مطلقة لا تسمح له قوانين الملكية البريطانية بالزواج منها.

فأصبح الملك جورج السادس في مأزق لا يحسد عليه فلم يكن مستعدا لذلك وكان يعاني تعثّرا في الكلام خاصة عند الحديث علنا، والذي يحرجه بشكل دائم، والمفارقة أن تكون مرحلة حكمه هي مرحلة تغيّر كبيرة في طريقة تواصل الملك والحكّام عموما مع شعوبها فبعد ظهور الراديو أصبح مطلوبا من الملك أن يخاطب شعبه من خلاله، وبالأخص في الأوقات الحرجة وهو ما كانت تمر بها البلاد وهي على أعتاب الحرب العالمية الثانية.

فكون الملك متحدثًا ماهرًا ومعبّرا أصبحت واحدة من أهم الصفات المطلوبة فيه، مما يجعل الملك جورج وزوجته يسعيان للبحث عمن يستطيع علاج ذلك الرهاب، ويجدان بغيتهما في الدكتور ليونيل لوغ (جيفري راش) يعمل في مكتب متواضع وبأساليب غير تقليدية استطاع من خلالها تخليص الملك من عقدته. دارت الأحداث تقريبًا قبيل إعلان بريطانيا قرارها دخول الحرب العالمية الثانية ضد ألمانيا، ورأينا شخصية الملك وهو يلقي خطابه عبر الإذاعة، والجماهير متلهفة لسماع قراره ومبرراته.

وهكذا انتهى الفيلم وقد تم رسم شخصية الملك ببراعة، لنعرف الجانب الإنساني، والدور السياسي، وكيف يقود دولة مثل بريطانيا العظمى ملك استطاع أن يقهر مشكلته الخاصة، ويتوحد مع شعبه في مواجهة أخطار النازية، وهناك عشرات الرسائل التي بثها السرد، وترسخت في الوعي واللاوعي للمتلقي.

-كيفية رسم الشخصية سينمائيًا:
وهي كيفية تخالف ما نقرأه أدبيًا، ففي السينما هناك تقنيات أخرى لرسم الشخصية تعتمد على: - المرئي والصوتي والحركي لها، مثل الملابس، وطبيعة الصوت، ومشية الشخضية وحركتها.

- حواراتها وقاموسها المستخدم، وأفعالها وتصرفاتها.

- ردود أفعالها أيضا، بجانب إظهار هواجسها الداخلية، ومناجاتها الذاتية، وكذلك رد أفعال الشخصيات الأخرى.

هذا وهناك أنماط عديدة لرسم الشخصية في السرد السينمائي منها، ما يكون من خلال عنوان الفيلم، كما في فيلم المنسي 1993، وتدور أحداث الفيلم خلال يوم واحد، ويتناول الصراع بين رجل أعمال فاسد ومتسلط، يريد تقديم سكرتيرته كضحية لتاجر ثري لإنهاء صفقة تجارية مهمة بالنسبة له، وبين شاب فقير وبسيط وضعته الظروف في طريق هذه الفتاة، ويسعى لإنقاذها متحدياً رجل الأعمال وحراسه، أما عنوان الفيلم "المنسي" فيعود إلى البطل عامل السكة الحديد البسيط المهمش، الذي تم نسيانه في محطة فرعية للسكة الحديد.

ومن الأنماط أيضًا، ما يتم رسمه من خلال الشخصيات المختزنة والشخصيات النمطية ، مثل شخصية اليهودي في السينما العربية عامة وكيف تظهر بشكل سلبي، أو شخصية أمراء الأسرة المالكة في مصر قبل الثورة كما في فيلم الأيدي الناعمة.

كما يمكن أن تكون هناك تناقضات في الشخصيات، فيما يسمى المعارضات الدرامية، بأن تظهر الشخصية بسمات وسلوك، وتظهر شخصيات مضادة في الفكر والتوجه والسلوك.

على نحو ما نجد في فيلم عمر المختار 1981م ، فالسرد قائم في أحد أوجهه على تقابل شخصيتين : شخصية عمر المختار، الكهل المقاوم الصبور، وشخصية "غراتسياني" الضابط الإيطالي الممثل لإيطاليا الفاشية المحتلة لليبيا، وتظل الأحداث متراوحة بين الاثنين، وهناك مشهد بين الاثنين، بعد القبض على عمر المختار، وحاوره غراتسياني، الأول ثابت الإيمان، والثاني متغطرس، ولكن اضطر أن يحترم عمر المختار، وتقديره لبطولاته وثباته.

علما بأن هناك شخصيات جامدة - استاتيكية، وهناك شخصيات متطورة - دينامية. فالأولى تظل على حالها ومواقفها وهيئتها طوال الفيلم، مثل الأم الطيبة أو الأب القاسي، أما الثانية فتصاب بتطورات كبيرة في أحداث الفيلم.

وهناك شخصيات مسطحة يسهل التنبؤ بردود أفعالها ومواقفها، وتخلو من العمق النفسي أي نمطية في طابعها، مثل شخصية الباشا أو مالك الأرض كما في فيلم الزوجة الثانية: شخصية اليهودي المحاسب، وشخصية الشيخ المداهن.

وهناك شخصيات مستديرة: ونعني بها الشخصيات فردية الطابع، التي لا يمكن توقع ردود أفعالها، وبها قدر من التعقيد والغموض، مثل شخصية الزوجة الثانية في الفيلم المذكور، فلم نتوقع من بطلة الفيلم "سعاد حسني" أن تكون على هذا القدر من الدهاء، وتخدع كل من حولها، وتذل من تزوجها غصبا، فيمكن أن نطلق عليها الشخصية المفاجأة، أو مفاجأة الشخصية.

كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة