Close ad

حال الآثار في 2016.. اكتشافات وانتكاسات

21-1-2017 | 11:26
حال الآثار في  اكتشافات وانتكاسات وزير الآثار
الحسين عبد البصير

حفل عام 2016 في عالمنا العربي بعدد من الاكتشافات والافتتاحات والاستردادات والاعتداءات والانتكاسات، وأحيانًا إزالة الانتهاكات التي طالت الآثار في مصر والعالم العربي.

وكانت السنة مليئة بقضايا عدة. وكان أهمها ما يجري على مسرح الآثار العريقة في سوريا والعراق، التي تتعرض كل يوم، وبشكل منهجي، للسرقة والهدم والتدمير من قبل الجماعات الإرهابية، فضلًا عن تجاوزات الناس والآثار السلبية للبيئة على المواقع الأثرية في تلك المناطق وغيرها، بشكل يدمي القلب ويمحو التاريخ ويدمر الاقتصاد الوطني، ويغلق سبل التنمية ويعوق إمكانات الاستثمار الأمثل لتلك الموارد الطبيعية والأثرية المهمة، التي يمكن أن تساعد بشكل كبير في نهضة ورخاء الإنسان العربي.

ففي مصر، على سبيل المثال، تعرضت آثار الكنيسة البطرسية لتحطيم عدد من آثارها المنقولة وعمارتها نتيجة الاعتداء الإرهابي الذي تعرضت له في ديسمبر. وكان متحف ملوي بالمنيا تعرض، في أعقاب فض اعتصامي رابعة والنهضة في أغسطس 2013 بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، للتدميروسرقة محتوياته وقتل بعض العاملين به. وتم افتتاحه في سبتمبر بعد نحو ثلاثة أعوام من العمل. وكذلك تم ترميم متحف الفن الإسلامي وإعداده للافتتاح بعد التدمير الذي طاله جراء الحادث الإرهابي الذي تعرضت له مديرية أمن القاهرة في يناير 2014.

وعلى صعيد الاكتشافات الأثرية المهمة، يأتي صعيد مصر في المقدمة، ففي مارس عثرت بعثة جامعة بون علي مجموعة من النقوش الصخرية من عصور ما قبل التاريخ بمنطقة مقابر النبلاء بمدينة أسوان كأقدم نقوش يُعثر عليها بالموقع إلى الآن، وتعد دليلًا على أن هذه المنطقة كانت مأهولة بالسكان آنذاك.

وفي يناير تمكنت بعثة مشروع أسوان كوم أمبو الأثري مع جامعتى "بولونيا" و"يال" من اكتشاف أول حالة للإصابة بداء الإسقربوط ( نقص فيتامين ج) في مصر القديمة أثناء التنقيب الأثري في منطقة نجع قرميلة بأسوان التي يرجع تاريخها إلى عصر ما قبل الأسرات. وفي نوفمبر كشفت بعثة وزارة الآثار المصرية في أبيدوس بسوهاج عن جبانة ومدينة سكنية تعود لعصر بداية الأسرات جنوب معبد الملك سيتي الأول.

وفي مجال الحد من سرقة الآثار والإتجار غير المشروع فيها وعودة الآثار المسروقة لبلادها، تم توقيع مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر بشأن منع التهريب والاتجار في الآثار ويأتي من بين بنودها فرض قيود على الواردات على فئات المواد الأثرية من جمهورية مصر العربية للحد من نهب الآثار.


ومن سويسرا استعادت مصر في يوليو لوحة الزيوت السبعة المقدسة الشهيرة من عصر الدولة القديمة، وفي نوفمبر لوحة أثرية من الجرانيت الأسود من عصر الأسرة الثلاثين سُرقت من معبد بهبيت الحجارة بمحافظة الغربية، وفي ديسمبر، من الإمارات، مشكاوتين سرقتا من مخازن متحف الحضارة بالفسطاط، وفي مايو، من إسرائيل، غطاءين لتابوتين من العصر الفرعوني تم ضبطهما في إحدى صالات المزادات بالقدس عام 2012.

وعلى صعيد المشروعات الدعائية التي أحدثت جلبة ولم تكن ذات قيمة علمية تذكر، في مايو تم مراجعة مشروع Scan Pyramids الذي تم إطلاقه في يناير وكان يهدف إلى فحص ودراسات الفراغات داخل الأهرام المصرية بحثًا عن أسرارها وممرات وحجرات داخلها. وللأسف لم يحقق أية نتائج تذكر إلى الآن.

وفي مايو تم عقد مؤتمر دولي لمراجعة المشروع الخاص بالمسح الراداري لمقبرة توت عنخ آمون لبحث مصداقية فرضية وجود مقبرة الملكة نفرتيتي داخلها. ولم يأت هذا الكشف الراداري وما تلاه من كشوف أخرى بأية نتائج جديدة، ودخل المشروع في زوايا النسيان.

وكي يتم حماية الآثار والتغلب على كل الانتهاكات والتعديات التي تحدث لها ليل نهار في عالمنا العربي الفسيح والحافل بالثروات الأثرية الغالية، لابد من خلال زيادة الوعي الأثري والقضاء على التنظيمات الإرهابية التي تعمل على سرقة الآثار وبيعها كي تمول أعمالها الإرهابية في كل مكان من العالم.

ولابد من تغليظ القوانين وتجريم الاتجار في الآثار خصوصاً في بعص الدول الأوروبية التي تعتبر الاتجار في الآثار شيئاً مشروعاً، كل ذلك، وغيره، قد يمكننا من حماية هذه الآثار وجعلها مهمة بالنسبة للمواطن العادي وجزءاً من ثقافته اليومية وإدخالها ضمن مفردات حياته وعاداته وطقوسه الحياتية، والأهم منذ ذلك هو التوظيف الاقتصادي الأمثل للآثار والربط الوثيق للمواطن بآثار بلاده بصفتها، فضلًا عن كونها مصدر فخاره القومي وماضيه المشرف، مصدر رزقه وقوته اليومي ومصدر دخل مهم لبلاده وحاضره ومستقبله ومستقبل أولاده.

كلمات البحث
اقرأ ايضا: