Close ad

بعد اقتحام الكابيتول ترامب وأنصاره على «شيزلونج» الطب النفسي

12-1-2021 | 11:26
بعد اقتحام الكابيتول ترامب وأنصاره على «شيزلونج الطب النفسي أنصار ترامب يفتعلون الفوضى بعد اقتحامهم لمبنى الكابيتول
هبة عبد الستار
الأهرام اليومي نقلاً عن

لن ينسى الأمريكيون والعالم أجمع مشاهد السادس من يناير عندما تم اقتحام مبنى الكابيتول، رمز الديمقراطية الأمريكية، من قبل مجموعة من أنصار الرئيس المنتهية رئاسته دونالد ترامب، الذى طالب أنصاره بالقدوم إلى واشنطن، وتحدى الكونجرس ونائبه مايك بنس لإجبارهم على تجاهل نتائج الانتخابات الرئاسية وإبقائه رئيسا.

موضوعات مقترحة

وسائل الإعلام الأمريكية وصفت ما يحدث بوصمة عار تسبب بها الغوغاء. تلك الصفعة التى تلقتها الديمقراطية الأمريكية لم تكن وليدة ذلك اليوم بل هى نتاج تراكمات من الانقسامات والاستقطاب الذى مازالت تعانيه الولايات المتحدة دون حل كفيل برأب الصدع.

وبالتأكيد لن يشكل رحيل ترامب وتولى جو بايدن الرئاسة فارقا كبيرا كما يظن البعض فستظل أمريكا على صفيح ساخن وستظل «الترامبية» معنا لوقت أطول بفضل عوامل كثيرة. ولكن كيف انتهى الأمر بأمريكا مع رئيس يتصرف بهذا الاستبداد الفج، ويتعارض مع مبادئها الديمقراطية؟ ولماذا يتمسك أنصاره به، حتى وإن كان يتصرف ضد مصالحهم؟.. تساؤلات حاول أطباء وخبراء علم النفس الإجابة عنها فى عدد من الكتب التى عادت لتتصدر دائرة الاهتمام والمبيعات بعد اقتحام الكابيتول.

يقول المؤرخ تيموثى سنايدر إن الديكتاتوريين يعتمدون على إملاء شعاراتهم وكلماتهم بشكل متكرر حتى تصبح كـ «تعويذات سحرية شامانية» على أتباعهم وهو ما يفسر مسيرات مؤيدي ترامب، مع صيحاتهم وملابسهم الكورالية التى يراها كثيرون تمثل تراجعا؛ لذا ليس من المستغرب أنه عندما أعلن ترامب عن خطته للتغلب على جائحة كورونا أشاد بـ «عقلية القطيع» بدلا من «مناعة القطيع» فعقلية القطيع هى التى تحكم تلك العلاقة منذ البداية، وهو ما يحلله جون دين، المستشار السابق بالبيت الأبيض الذى اشتهر بشهادته ضد الرئيس نيكسون فى فضيحة «ووتر جيت» وبوب ألتماير، أستاذ علم النفس المتخصص بتحليل الاستبداد والمستبدين فى كتابهما «كابوس سلطوي.. ترامب وأتباعه»، بالاعتماد على نتائج العلوم الاجتماعية وأدوات التشخيص النفسى.

يقدر دين وألتماير قاعدة ترامب المخلصة بـ 50 مليون شخص وأن معظمهم لديه سمة أو اثنتان سلطويتان، ويغلب عليهم المسيطرون الاجتماعيون الذين يؤمنون بعدم المساواة بين المجموعات ويعتقدون أن مجموعاتهم الخاصة يجب أن تتحكم بالآخرين، والأتباع الاستبداديون وهم الأشخاص الخاضعون والخائفون والتواقون لقائد قوى يحميهم من تهديدات الحياة. بالإضافة إلى ما يسميهم ذوى الارتفاعات المزدوجة وهم الأشخاص الذين يحصلون على درجات مرتفعة بصفتهم المسيطر الاجتماعي والتابع الاستبدادي، والذى يبدو محيرا، كما يقول دين وألتماير، لأن ذلك سيجعلهم يسيطرون على الخاضعين. والفئات الثلاث تُظهر تمركزا عرقيا وتحيزا ملحوظا، وهو ما تردد فى الاستطلاع الذى أجراه دين وألتماير بالتعاون مع جامعة مونماوث خصيصا لهذا الكتاب. وأخيرا يأتى «الصمغ» الذى يجمع كل هؤلاء الأشخاص معا وهو التحيز، فجميعهم ضد «الآخر»  فى العديد من القضايا. وتتعزز مشاعرهم بشدة عندما يذهبون لتجمعات ترامب. بالطبع، ليس كل مؤيدي ترامب متحيزين بشكل كبير.

يلعب الدين أيضا دورا كبيرا بالتكوين النفسى لقاعدة ترامب حيث تبين أن الإنجيليين يسجلون درجات مرتفعة من التحيز والسلطوية وهكذا، عندما جند الحزب الجمهورى بنشاط المحافظين الدينيين، كان يملأ نفسه بأتباع سلطويين متحيزين للغاية. أنصار ترامب أيضا يؤمنون بمزيج من الأمور المربكة والمتناقضة، ويواجهون صعوبة كبيرة فى التفريق بين الحقيقة والخيال، وليس لديهم مشكلة فى المعايير المزدوجة فهم يهاجمون معارضى ترامب على سلبيات يتغاضون عنها تماما عندما يرتكبها ترامب ويتسامحون إلى ما لا نهاية مع عدم كفاءته لأنهم يخشون أن يتفكك عالمهم ويحتاجون إلى رجل قوى لحمايتهم من مجموعة من الخطر والشرور المتخيلة، ويعانون جميعا «نقصا ملحوظا فى الوعى الذاتى»، بحسب دين وألتماير اللذين يجادلان بأن 33% من قاعدة ترامب، على استعداد لاتباعه فى أى مكان، مما يؤكد أن رحيل ترامب من الرئاسة لن يمنع وقوع المزيد من الصراعات والمخاطر.

الأمر نفسه دفع 27 طبيبا نفسيا وأكثر من 60 ألف متخصص بعلم النفس للتوقيع على عريضة جاءت ضمن كتاب «الحالة الخطيرة لدونالد ترامب: 27 طبيبًا نفسيا وخبيرا فى الصحة العقلية يقيمون رئيسا»، الذى حررته الطبيبة باندى إكس لى، للمطالبة بعزل ترامب لأنه من وجهة نظرهم يظهر مرضا نفسيا خطيرا يجعله غير قادر نفسيا على أداء واجبات رئيس الولايات المتحدة بكفاءة، وفقا للمادة الـ 4 من التعديل الخامس والعشرين للدستور. على الرغم من صدور هذا الكتاب بنهاية 2017 إلا أنه عاد ليتصدر المبيعات أخيرا. الأطباء المشاركون بالكتاب يرون أن ترامب خلق عواقب وخيمة على البلاد وصحة الأمريكيين النفسية بسبب الخصائص الشبيهة بالعبادة لأتباعه الذين أيدوه على طول الخط رغم خروجه على القانون والدستور والمنطق فى أقواله وقراراته.

كشف هؤلاء الخبراء عن أن ترامب أظهر العدوانية اللفظية، والتفاخر بالاعتداءات الجنسية، والتحريض على العنف فى الآخرين، والانجذاب إلى العنف والأسلحة القوية والاستهزاء المستمر بأمة معادية بقوة نووية، وأن ذلك دلل على وجود علل فى شخصيته مثل العنف، والاندفاع، والتهور، والبارانويا، والفهم السيئ للعواقب، وردود الفعل الغاضبة، ونقص التعاطف، والعداء تجاه الآخرين، والحاجة المستمرة لإظهار القوة، حيث ينظر ترامب إلى العنف على أنه حل عندما يتعرض للتوتر ويرغب فى استعادة سلطته. إن جنون العظمة والمشاعر الطاغية بالضعف وعدم الكفاية تجعل العنف جذابا للغاية بالنسبة له، وهو ما يبرر حشده لأنصاره وتشجيعه لهم على الفوضى والعنف.

وربما يكون أفضل ما نختتم به هذا التحليل هو رأى عالم النفس المخضرم جيرولد إم بوست، الذى شغل منصب المدير المؤسس لمركز وكالة المخابرات المركزية لتحليل الشخصية والسلوك السياسى، أنشأ بوست ملفات تعريف لقادة العالم مثل السادات وبيجن وبن لادن وصدام حسين، وغيرهم، استخدمها الرؤساء الأمريكيون خلال مختلف الأحداث التاريخية. فى كتابه «كاريزما خطيرة: علم النفس السياسى لدونالد ترامب وأتباعه» يضع بوست الرئيس ترامب تحت المجهر النفسى، ويفحص العلاقة الفريدة بينه وبين أنصاره، متتبعا جذور وأسباب نرجسيته الشديدة وكيف ينجح أسلوبه باستخدام الشعارات لحشد أتباعه الذين ربطوا أنفسهم بـ «قائد ينقذهم، ويعتنى بهم» حتى أصبحت العلاقة أشبه بعبادة زعيم نرجسى كاريزمى يعانى جنون العظمة وانعدام الأمن والتهديد والعدوان المستمر والافتقار التام للتعاطف.

يجادل بوست بأن ترامب حافظ على عادته فى تنظيم التجمعات «لأنه يحتاج للاستمرار فى التغلب على إعجاب أتباعه كشكل آخر من أشكال التعويض عن انعدام الأمن والشك فى نفسه». كما يقول « هناك نوع من الثمل المتبادل بين الجانبين ، حيث يطمئِن ترامب أتباعه الذين بدورهم يطمئنونه على قيمته الذاتية. القادة مثل ترامب، ينقلون هذا الشعور بالقدرة المطلقة العظيمة، يجذبون الأفراد الذين يبحثون عن مصادر مثالية للقوة، وينقلون إحساسا بالاقتناع واليقين لأولئك الذين يستهلكهم الشك وعدم اليقين كان هذا واضحا فى دعم ترامب من المناطق الريفية والطبقة العاملة، حيث كان لشعاره (اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى) صدى قوى رغم افتقاره لأى سياسة ملموسة، إلا أن تغريداته المتعلقة بالوظائف قوبلت بصدى لدى العديد من أتباعه، خاصة أولئك الذين يكافحون ويشعرون بأن الإدارة السابقة تخلت عنهم» .

ويضيف بوست «إن الجاذبية المنومة للقائد الكاريزمى مقنعة للتابعين الجائعين. يشعر التابع الجريح بأنه غير مكتمل بنفسه ويسعى لإلحاق نفسه بآخر مثالى. وبالتالى، هناك انجذاب قوى شبه كيميائى. وترامب موهوب بشكل خاص فى مناشدة الأفراد الذين يبحثون عن منقذ بطولى. إنه يؤكد لهم أنهم أتباع متحدون لقائد إلهى سيخرجهم من حالتهم الجريحة، وبذلك سيتبعون دعوة القائد للعنف دون تدقيق».

بلا شك كان ترامب يحشد قطيعه، عن وعى كامل، لفوضى اقتحام الكابيتول، ورغم المشاهد الصادمة فإن الشغب والفوضى بدوا كنتيجة حتمية لما سبق، وبسبب طبيعة ترامب الخطيرة والعلاقة بينه وبين أنصاره فقد تظل أمريكا عرضة للمزيد مستقبلا، حيث سيكون الاختبار وقتها أكثر صعوبة للديمقراطية الأمريكية الهشة بالفعل.


 بعد اقتحام الكابيتول ترامب وأنصاره على «شيزلونج» الطب النفسى بعد اقتحام الكابيتول ترامب وأنصاره على «شيزلونج» الطب النفسى
كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة