كانت شجرة الجميز مقدسة عند المصريين القدماء، حيث تم الربط بينها وبين إيزيس وحتحور ونوت، وهن الآلهة التي تم نقشها على التوابيت البديعة في كشف سقارة الأثرى، الذي تم الإعلان عنه السبت الماضي، وسط تغطية إعلامية من وكالات أنباء عالمية ومحلية وصفت الكشف بأنه الأضخم في اكتشافات جبانة سقارة.
موضوعات مقترحة
واستعرض الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، أروع التوابيت البديعة المكتشفة في سقارة، حيث استعرض التابوت الذي تتواجد فيه رموز وأشكال الآلهة، مؤكدًا أن التابوت لشخص ثري، كما أوضح خلفية التابوت التي تتواجد فيه شجرة الجميزة التي تخرج منها الآلهة حتحور آلهة السماء، والحب، والموسيقى، والسعادة، والخصوبة، حسب الاعتقادات المصرية القديمة، والتي تم رسمها على التابوت.
وأكد وزيري أن النقوش تظهر كأنها نقشت بالأمس، مضيفًا أن الخلفية تظهر أن المتوفي يتلقى أكسير الحياة بالقرب من شجرة الجميز التي تخرج منها حتحور، كما تظهر النقوش "ألبا" وهي الروح "القرين" في اعتقادات الفراعنة، كما أظهر التابوت سر التحنيط، والأواني الكانوبية، والرحلة الجنائزية للعالم الآخر.
يقول الدكتور أحمد الحصري في تصريحات لــ"بوابة الأهرام"، إن شجرة الجميز، دائمًا ما تظهر في كتاب الخروج من النهار وكتاب العالم الآخر، مضيفًا أن الجميزة السماوية في اعتقادهم كانت تمثل نوت وحتحور وإيزيس التي كانت تلقب بسيدة السماء حيث كان الثلاثة يمثلون رمز الأمومة السماوية للإنسان في اعتقاداهم.
ويضيف الحصري مؤلف كتاب "المواقع الأثرية"، إن المؤرخ هيردوت أكد أن مصر كثيفة أشجار الجميز، حيث استخدم الإنسان ثمارها كفاكهة أو في الطب، كما قدسها ووضعها في معتقداته، فيما كانت أغلب التوابيت مصنوعة من أشجار السنط لصلابتها، مضيفًا أن المعتقدات الفرعونية تؤكد أن في السماء شجرتي جميز تقفان على البوابة الشرقية للسماء تشرق الشمس كل يوم من خلالهما، لذا تم رسم الجميزة على التوابيت الجنائزية.
في كتاب الموتي كان الكاهن له القدرة على استخدام الحواس، حيث يرصد الكتاب الكثير من التراتيل منها "لقد فتح حورس فمك.. أنك تصعد إلى جوار أمك نوت، أنها تمسك بساعدك إنها تساعدك" وغيرها.
وقال مصطفى وزيري إن الأبحاث المبدئية التي أجريت على التوابيت أظهرت أن من بينهم أعمار لا تتعدى 45 عامًا، كما استرسل في شرح التحنيط عند الفراعنة، وطريقة الأنبوب الذي يصل من فتحة الأنف لتجويف المخ لإجراء عملية التحنيط التي تمكن فيها القدماء.
وأوضح الأثري نصر سلامة لــ"بوابة الأهرام" أن عملية التحنيط كانت تستغرق أربعين يومًا ويباشرها الكهنة، وكانت أولى العمليات تتم بها هي تفريغ الجمجمة من المخ عن طريق الأنف بواسطة خطاف طويل يعرف بالعقاف، مع حرصهم على قصبة الأنف، أما الأحشاء فكانت توضع في أواني كانوبية، مؤكدًا أن كشف سقارة الأخير يثبت تواجد ورشة كاملة لصنع التوابيت الجنائزية، وهذا ما أكدته وزارة الآثار والسياحة في مؤتمر الإعلان عن الكشف الأثري الأخير.
وأوضح نصر سلامة أن كشف سقارة الأخير ينفي الأقاويل والخرافات التي تتردد بأن الفراعنة كانوا عمالقة، فهم كانوا يمتازون بأجسام مثلنا، كما ينفي طول الأعمار ومارددته الكتب التي تعتمد على الخرافة فالذين يقبعون في التوابيت ماتوا في عمر الشباب، والدراسات سترجح فيما بعد سبب وفاتهم والأمراض التي كانوا يعانون منها.
وطالب سلامة بإقامة متحف متخصص عن البعث والخلود عند المصري القديم، يستعرض طرق التحنيط، وفلسفة الموت والبعث والحساب والعقاب من خلال عرض لهذه التوابيت وتماثيل الأوشابتي والأواني الكانوبية، ولوحات حساب الموت وكل ما يتعلق بفنون التحنيط.
الجدير أن الكشف الأثري أسفر عن أكثر من 100 تابوت، بحالة جيدة من الحفظ لكبار رجل الدولة، والكهنة من الأسرة الـ26، وذلك بعد استكمال الحفائر التي تم الإعلان عنها فى شهر أكتوبر الماضي، كما أسفرت عن 59 تابوتًا تم العثور أيضًا على 130 تمثالًا مختلفة الأحجام، منها عدد كبير مذهب، عبارة عن لقى وتماثيل خشبية وأقنعة ملونة ومذهبة بحالة جيدة للغاية، كما أن التوابيت التي تم العثور عليها ملونة داخل آبار جديدة مدفون بها العدد الضخم الذي بلغ الـ100 تابوت، بخلاف الـ59 الذي تم اكتشافهم من قبل، بنفس المكان، لم يفتح على الإطلاق ومغلق منذ 2500 عام.
أسرار نقوش توابيت سقارة أسرار نقوش توابيت سقارة أسرار نقوش توابيت سقارة أسرار نقوش توابيت سقارة