ظهور فيروس كورونا في مصر والعالم، جعلنا نقلب في أوراق تاريخ الأوبئة، ففي عام 1865م ظهر وباء الكوليرا في عهد الخديو إسماعيل في آواخر شهر مايو من مكة المكرمة، وقد حصد من الأرواح أكثر من 12 ألف ضحية من المصريين والأجانب المقيمين في كافة محافظات مصر، حسب تأكيدات بعض المؤرخين.
موضوعات مقترحة
ظهر الوباء في مكة المكرمة في موسم الحج، كما يؤكد المؤرخ إلياس الإيوبي في كتابه، حيث أرسل الخديو إسماعيل باشا أطباء للأماكن المقدسة، ولم تظهر أي أعراض على الحجاج العائدين وتم نقلهم إلى حجر صحي (المكس) بالإسكندرية، لحين التأكد من خلوهم من الوباء
.
وقد تسبب شيال بمصلحة السكك الحديد في اختلاطه بالعائدين في تفشي المرض في الإسكندرية 1865م وظهرت أول إصابة في 11 يونيو عام 1865م في كوم الشقافة، ليستشرى الوباء بعد ذلك.
تم رش الشوارع وغسلها مرتين في اليوم، وأتلفت كافة المأكولات وتم فرض حجر صحي على مراكب البريد ومنع دخول المراكب للمدينة، إلا أن المرض قفز من الإسكندرية إلى الدلتا ليصل للصعيد وفي 17 يونيو قفزت الوفيات من مائتي شخص إلى 468 يوميًا
.
مثلما كانت الإسكندرية هي محط الوباء في عام 1865م في عهد إسماعيل باشا، كانت أيضًا سببًا في اكتشاف ميكروب الكوليرا عام 1883م مثلما يقول الدكتور نصر الدين أبوستيت في مذكراته الطبية النادرة عام 1948م حين استطاع العالم الألماني كوخ رائد علم البكتربولوجي أن يقبع في المستشفى اليوناني ويجري تجارب على الميكروب الغامض، الذي كان يفتك بالبشرية حيث توصل إلى ماهية الميكروب وأسباب انتشاره
.
حدث شيء غريب رصده الأطباء في وباء الكوليرا في عهد الخديو إسماعيل باشا وهو أن المرض أوقف الفتك بالمصابين بعد أن حصد أرواح الآلاف فجأة، فلم يعد يموت من المصابين سوى ما بين 15 :20 شخصًا، بل كان المصاب يشفي من تلقاء نفسه بعد أن حصد آلاف الأرواح
.
عم الفزع والخوف مصر حتى إن الذين هربوا خارج البلاد وصل لنحو 35 ألفًا أغلبهم من الأجانب، قيل إن إسماعيل باشا حاول السفر لأوروبا خوفا من الوباء، "دون تأكيدات قوية" للواقعة كما يقول الذين دافعوا عن سيرته ومنهم المؤرخ إلياس الأيوبي في كتابه تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا
.
كان وباء عام 1865م هو أول وباء يجري فيه اختبارات على تأثيرات حرارة الجو والرطوبة حيث أجرى أستاذ الكيمياء بطب القصر العيني بمصر، اختبارات فوجد ارتفاع أعدد ضحايا المرض في الحرارة المرتفعة، خلاف الأيام التي انخفضت فيها درجة الحرارة وهي التجارب التي بقيت مستمرة لدي الباحثين والأطباء، مثلما يؤكد سيف النصر أبوستيت حيث أكد علم الأوبئة فيما بعد توصل أن العوامل الجوية لها علاقة بانتشار المرض سواء في درجة الرطوبة أو ارتفاع درجة الحرارة أو انخفاضها
.