Close ad

من الأرشيف.. الكوليرا تجبر الحجاج المصريين على مغادرة مكة عام 1903 | صور

6-4-2020 | 16:11
من الأرشيف الكوليرا تجبر الحجاج المصريين على مغادرة مكة عام  | صورالكعبة المشرفة في بداية القرن العشرين
محمود الدسوقي

في عام 1903م، اعتبر مجلس الصحة المصرية رجوع الحجاج بداية إبريل الميلادي في وقت كانت الكوليرا تشغل العالم وتحصد آلاف الأرواح من الضحايا في أعوام مختلفة، مما دعا مجلس الصحة البحرية والكورتينيات المصرية باعتباره أقدم مجلس صحة في مصر ومنطقة الشرق الأوسط للانعقاد من أجل تفعيل الاحتياطات الصحية ضد الكوليرا التي كانت منتشرة في ذلك الوقت في عدة مناطق في قارات العالم وسبب الكثير من الذعر والخوف.

موضوعات مقترحة

استطاعت مصر في شتاء عام 1902م محاصرة وباء موشا، الذي قدم مع الحجاج وأدى لانتشاره في نحو 2026 قرية ونجع ومركز أن يوقع أكثر من 34 ألف ضحية، لذا كانت مجالس الصحة تنعقد بشكل دائم لعمل الاحتياطات اللازمة في موسم الحج للعام المقبل الذي وافق رجوع الحجاج فيه شهر إبريل الميلادي عام 1903م.

وتنشر "بوابة الأهرام" القرار الذي صدر منذ 117 سنة نقلًا عن جريدة الوقائع الحكومية حيث يظهر المنشور، مجهودات الصحة المصرية في حماية أرواح الحجاج المصريين والأجانب بالإجراءات الصحية التي اتخذتها الدولة المصرية في عدم تفشي وباء الكوليرا، من حيث التطهير والتعقيم، والإبقاء على العائدين في الحجر الصحي للتأكد من خلوهم من الكوليرا.

منشور نادر للرعاية الصحية بمصر لمحاصرة وباء الكوليرا

يؤكد كلوت بك مؤسس مدرسة الطب في مصر والذي قدم شهادته في محاصرة الأوبئة أنه في عام 1831م أن عدوى الهيضة الهندية "الكوليرا" قدمت من مكة المكرمة بعد أن قضى على نصف عدد الحجاج أما في مصر فقد بلغت ضحايا الوباء نحو 150 ألفا منهم 36 ألف شخص في القاهرة وحدها، حيث كان الوباء يحصد يوميا نحو 3 آلاف ضحية يومية حسب شهادة الطبيب كلوت بك مؤسس مدرسة الطب في مصر والذي استطاع بصحبة 3 أطباء محاصرة المرض بعد عناء، ليؤسس بعدها في مصر مكاتب الصحة وتشكيل مجلس الصحة الذي يعرف بالكورنتينات.

كانت الكوليرا هي السبب المباشر في تأسيس مجلس الصحة بمصر والتي تعرف بمجلس الكورنتينات والصحة البحرية، والذي استمر في مهامه الموكلة به في محاصرة وباء الكوليرا واتخاذ الاحتياطات الصحية في موسم الحج، وهو الذي أصدر هذا القرار النادر في عام 1903م استعدادا لرجوع الحجاج.

منشور نادر للرعاية الصحية بمصر لمحاصرة وباء الكوليرا

قال المنشور النادر الذي حمل عنوان "قرار من مجلس الكورنتينات الصحية البحرية" باعتبار رجوع الحجاج غرة شهر إبريل الميلادي سنة 1903م،  وقرر المجلس أن تلغي الاحتياطات ضد الكوليرا الجاري اتخاذها في الميناء المصرية علي الواردات بعد أن قام مجلس الصحة باحتياطاته، ويمضي الحجاج الأجانب بكورنتينية الطور "الحجر الصحي" مدة  4 أيام بعد تطهير الأمتعة والعفش،كما يتم تطهير الطرود الكثيرة.

وقال المؤرخ والباحث ضياء العنقاوي في تصريحات لــ"بوابة الأهرام" إن الأوبئة في تاريخ الحرم المكي وبلاد الحجاز كانت كثيرة جدًا كما أحصاها التاريخ في ذلك الوقت مؤكدًا أنه عام 1814م مات نحو 8 آلاف مواطن في بلاد الحجاز بسبب الطاعون، أما في عام 1858 حدث وباء شديد، أما موسم الحج في عام 1864م فقد بلغ عدد الموتي من الحجاج 1000 قتيل يوميًا بسبب الكوليرا.

وأوضح العنقاوي أنه عام 1871م قامت مصر بإرسال الأطباء للمدينة المنورة لمحاصرة الأوبئة، وقامت مصر ببناء حجر صحي بمكة المكرمة في الطريق القادم من مكة للمدينة المنورة، كما أقامت حجرًا صحيًا بمنطقة بئر عنبر في الطريق الموصل بين مدينتي قنا وقفط، وقامت بتفعيل الحجر الصحي بمدينة الطور.

كان وباء الكوليرا عام 1903م يحصد الأرواح في مناطق من بلدان روسيا وتركيا لذا شددت مجالس الصحة المصرية على تطهير أمتعة الحجاج الأجانب، كما شدد المنشور النادر أن الحجاج المصريين يقبعون في الحجر الصحي بمدينة الطور لمدة 15 يومًا كاملًا وتطهر أمتعتهم، وأن يستمر على تنفيذ الاحتياطات المختصة بمرور الوابورات أي السفن التي تحمل حجاجًا أجانب نحو كورنتنية الصحة بقناة السويس، وأن تقدم صورة للقرار لمناديب الصحة.

ويوضح المؤرخ ضياء العنقاوي أنه في بدايات القرن العشرين وحين تم تحويل الذهاب لأداء المناسك من محافظة قنا بسبب افتتاح قناة السويس رصدت الإحصائيات أعداد الحجاج الهائلة، مؤكدًأ أنه في بدايات القرن العشرين بلغ عدد الحجاج الذين مروا من قناة السويس عن طريق الإسكندرية وبورسعيد نحو 8 آلاف حاج و352 من كافة الدول، فيما خلت القائمة من الحجاج الجزائريين نظرًا لقيام فرنسا التي كانت تحتل الجزائر بمنعهم من أداء فريضة الحج لمدة 5 سنوات.

وأكد العنقاوي أنه في عام 1904 بلغ عدد الحجاج نحو 10 آلاف و319 ليصل تعدادهم بعد مرور 4 سنوات في عام 1908 لنحو 16 ألفا و856 حاجا، ليصل بعد ذلك إلى الأعداد الهائلة في عصرنا الحالي.

واختتم المنشور النادر لمجالس الصحة المصرية أن واردات الاسكندرية وميناءها ينفذ المنشور من ابتداء السفريات 31 مارس 1903م ، كما أن المنشور مختص كذلك بتطهير الوابورات والسفن لإبادة الجرذان والتي كانت تتسبب في نقل المرض.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: