تسببت الأمطار في الدلتا والقاهرة، والسيول الكاسحة التي تتعرض لها محافظات الصعيد في فصول الخريف والربيع، في تدمير الكثير من المنازل القديمة في القرن التاسع عشر، فقد أدت السيول المدمرة التي شهدها الصعيد في آواخر عصر محمد علي باشا لتدمير آثار القرنة، وإلي إخراج المومياوات المدفونة لسطح الأرض، مما حدا بخلفاء محمد علي باشا فيما بعد لترميم آثار القرنة، ومنها معبد سيتي والمعابد الحديثة التي بنيت لحماية الجبانة بالقرنة.
موضوعات مقترحة
ويؤكد الأثريون أن هيردوت أبوالتاريخ البشري، أكد أن كثيرًا من المعابد الفرعونية التي زاراها، كانت مليئة بالأملاح بسبب ارتفاع المياه الجوفية، حيث تقوم الأمطار بدور معروف وهو غسيل المعبد، وربما هذا ما أجبر المصري القديم علي عمل آبار لتصريف الأملاح من جهة ومياه الأمطار الكاسحة إليها من جهة آخرى.
الأمطار والسيول في أرشيف صحيفة الأهرام وتستعرض بوابة الأهرام أهم الظواهر المناخية التي حواها أرشيف صحيفة الأهرام، منها ما نشر في أحد الأعداد الصادرة عام 1890م، عن الواقعة الغريبة التي حدثت في شهر يناير، حيث استمر سقوط الأمطار لمدة 25 ساعة بلا توقف في مدينة القاهرة ومدن الوجه البحري.
في يناير عام 1890م، رصدت الأهرام ظاهرة استمرار الأمطار لمدة 24 ساعة متصلة في القاهرة ومدن الوجه البحري، وقالت "مرت علينا الأيام الثلاثة الماضية بين رياح عاصفة وسحائب متراكمة ومطر متواصل وبحر مزبد وبرد شديد قل أن يوجد في هذا القطر، مؤكدة هطل الغيث منهمراً كأنه من أفواه القرب، حتي ظننا أن أبواب السماء قد تفتحت، وأن مياهها قد اندفعت مرة واحدة".
الأمطار والسيول في أرشيف صحيفة الأهرام وأوضحت الأهرام أن المنازل المبنية من الطوب الأخضر في القاهرة يخشي سقوطها، أما المبنية بالطوب الأحمر فقد تسربت لها المياه من سقوفها فالمطر استمر 25 ساعة بلا توقف ومازال الجو يبكينا بدمعه الغزير".
أما في وقت أمطار الخريف خلال أكتوبر عام 1892م، فقد نبهت الأهرام رؤساء الأحياء بالالتفات إلي الأزقة والحارات المليئة بالأمطار، وفي عام 1898 رصدت الأهرام " موجة الأمطار والصقيع" وقالت "غامت السماء في النصف الأول من نوفمبر وهطلت الأمطار في العاصمة، فنزعت الشوارع وسقطت البيوت، ودخلت المياه المخازن، وكانت المركبات تسير في الماء، وهو يغمر قوائم الخيول إلى عقدة الركب، ووحلت الشوارع الضيقة بين المنازل وانبعثت منها روائح خبيثة، وبعد أيام سدت منافذ الفضاء وقد انقضى الشهر وما تزال الأحوال متراكمة في القاهرة، ولعل ذلك أقنع رجال الحكومة أنه لا بد للقاهرة من مصارف".
الأمطار والسيول في أرشيف صحيفة الأهرام يقول محمد سباق الحويطي باحث تاريخي لــ"بوابة الأهرام " إنه لم تشهد القاهرة وجود شبكات صرف صحي إلا في منتصف ثلاثينيات القرن الماضي حيث كانت الأمطار تمثلاً عائقاً كبيراً وتأتي محملة بالأوبئة لوجود البرك المسنة بدون تصريف.
ويوضح الحويطي أن الأهرام كانت أول صحيفة مصرية تدعو لوضع شبكة صرف صحي في القاهرة، مؤكداً أن في شهر أكتوبر عام 1890م انشغلت الصحف المصرية عامة بالتجربة التي أحدثها اشتعال البارود ومن ثم سقوط الأمطار لتكون هذه الواقعة التي حدثت في أوروبا من أوائل تجارب الاستمطار الحديث.
ويؤكد الحويطي أن المؤرخين القدامي استرسلوا في تدوين الظواهر الغريبة مثل إحمرار السماء في إحدي الفترات في القاهرة في العصر الفاطمي أو الأمطار، مثل المؤرخ المقريزي الذي أكد في تاريخه أن الأمطار استمرت لمدة 40 يوما في بلاد الشام ثم أعقبها سيل عرم أدي لغلاء طاحن في العصر المملوكي، وغيره من المؤرخين الذين استرسلوا عن الظواهر المناخية.
الأمطار والسيول في أرشيف صحيفة الأهرام تعرضت الآثار المصرية للكثير من السيول المدمرة مما حدا بالوزير الأسبق عبدالفتاح البنا في دراسته للدكتوراه بتقديم حلولا كبيرة لإنقاذ آثار معبد الملكة حتشبسوت بالدير الغربي من خطر السيول، وتعامل الدكتور البنا بحرفية مع كيفية حماية المعبد خلال انهيارات الصخور المرتبطة بالسيول والزلازل، وكيفية الحفاظ علي الآثار وعلي المعابد من خطر السيول.
أما معبد دندرة فقد هرع إليه الأهالي للسكني في 22 من شهر ديسمبر من عام 1954م حيث شهدت محافظات الصعيد قنا والبحر الأحمر والوادي الجديد والأقصر، أشرس سيل كاسح، أدى لتدمير الكثير من المدن وتشريد آلاف المواطنين، الذين هرعوا للمساجد والمعابد للاختباء من قوة السيل، وهو ماقامت بتغطيته صحيفة الأهرام التي كتبت في صدر صفحتها الأولي "لجوء مئات المواطنين لمسجد القطب الصوفي الشهير عبدالرحيم القنائي".
بعد انتهاء السيل المدمر في خمسينيات القرن الماضي، قرر الرئيس جمال عبدالناصر بناء مدينة قنا الجديدة الحالية، كما قرر الاهتمام بالمعبد ورحيل الأهالي منه بعد زيارته لفرنسا ومشاهدته للبقرة السماوية الآلهة حتحور آلهة العشق والجمال عند الفراعنة.
المؤرخ الأثري فرنسيس أمين قال لــ"بوابة الأهرام": أن المصري القديم صنع ترعة بالقرب من معبد الكرنك من أجل الأمطار والسيول الكاسحة، لافتاً إلى أن تاريخ الآثار المصرية مع السيول كون تاريخاً آخر يضاهي التاريخ المكتوب لمواجهة الآثار لقسوة الطبيعة التي تثور في الصعيد وأقواها السيول.
وأكد أمين أن السيول والأمطار، كانت سبباً رئيسياً في هلاك وتدمير مومياء إخناتون في الجبانة 55، حيث حولت مياة السيول والفيضانات المتعاقبة مومياء الملك إلي هيكل عظمي، مشيراً إلي أن السيول كانت سبباً رئيسياً في الدفع بمخلفات يشبه الرماد لجبانة رمسيس الأول، مؤكداً أن قدر المقابر المنخفضة أنها كانت تستقبل مياة السيول مما أدي إلي تدمير الكثير من النقوش في هذه المقابر.
يذكر أن مومياء المقبرة 55 خضعت للتحليل العلمي في عام 2010م من خلال البصمة الوارثية وتحليل الجينات حيث أكد الدكتور زاهي حواس انه يعتقد أن المومياء تعود لرجل توفي بين سن 20 و25 عاماً. لكن تبين نتيجة الأبحاث أنه توفي بين 45 و50 عاماً وهو ابن لأمنحتب الثالث والملكة تي ما يشير إلى أنه هو نفسه إخناتون".