Close ad

السينما المصرية ترجع إلى الخلف.. مطالبات بتدخل الدولة لمنع هدم دور العرض

12-7-2018 | 20:54
السينما المصرية ترجع إلى الخلف مطالبات بتدخل الدولة لمنع هدم دور العرضسينما فاتن حمامة
سارة نعمة الله

"انتبه من فضلك..السينما ترجع إلى الخلف"، هذه ليست عبارة يمكن أن تسمعها خلال عبورك بجوار إحدى سيارات المدينة الكبرى، القاهرة الساحرة كما يصفها الفنان علي الحجار في أغنيته الشهيرة "هنا القاهرة"، لكنها جرس يطلق إنذاراته بين الحين والآخر دون أن يلتفت له أحد، ففي الوقت الذي تعيش في العديد من الدول العربية، وآخرها المملكة العربية السعودية، عصرًا من النهضة السينمائية على مستوى الإنتاج وإنشاء كثير من دور العرض، تتراجع السينما المصرية خطوات كثيرة للخلف.

موضوعات مقترحة

قرار هدم سينما "فاتن حمامة"، الذي صدر منذ أيام لم يكن الأول ولن يكون الأخير، فعلى مدار السنوات الماضية، لم تتبن أحد الجهات المعنية بتطوير الصناعة فتح هذا الملف المغلق، واستمرت فوضى غلق دور العرض السينمائية بأحياء ومواقع كثيرة بالقاهرة، كان الكثير منها بمثابة النافذة الوحيدة للعديد من الأسر المصرية المتوسطة والفقيرة أمام نوافذ سينما المولات التجارية، التي لا يزال المترددون عليها ينحصرون في فئات اجتماعية محددة.

"٤٣٠ دار عرض سينمائي تمتلكها جمهورية مصر العربية، التي يزداد تعداد سكانها عن الـ٩٥ مليون نسمة على مستوى محافظاتها التي لا يمتلك بعضها دار عرض واحدة، هذا الرقم الهزيل الذي لربما يتناقص قليلًا مستقبلًا في أعقاب قرارات الهدم المستمرة بين الحين والآخر، وبالعودة للخلف، فإن قائمة هدم دور العرض السينمائية ضمت الكثير كان آخرها سينما "علي بابا"، التي هدمت منذ عام، وكانت تقع بشارع ٢٦ يوليو بمنطقة وسط البلد، هذا بالإضافة إلى العديد من السينمات الأخرى، منها "دوللي" بشبرا، و"فريد شوقي"، و"حديقة النصر"، و"كوزمو"، و"هليوبوليس"، وغيرها من تلك التي أغلقت أبوابها في أقاليم ومحافظات مصر.

كثير من علامات التعجب والاستفهام تحيط بقرار هدم سينما فاتن حمامة تحديدًا، دون غيرها من دور العرض السينمائية التي اختفت من المشهد، في مقدمتها التساؤل نحو دور الشركة القابضة التي تم تأسيسها مؤخرًا للاستثمار في المجالات الثقافية والفنية، والتي صدر قرار بتأسيسها في ٢٠ يونيو الماضي، وهل ستدخل مستقبلًا باعتبارها كيانًا وليدًا؟ ولماذا لم يطبق تفعيل القرار الوزاري الذي صدر في عهد وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني في مثل هذه الحالات التي تفرض على صاحب الملك في حالة هدمه لدار عرض بناء أخرى في نفس المنطقة.

المدهش في تجاهل قرار هدم سينما فاتن حمامة أن العديد من صناع السينما واللجنة التي تم تشكيلها لتولي مهام عرض أزمات الصناعة على الحكومة كانت قد أقرت بإحدى ندوات مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الأخيرة بضرورة زيادة دور العرض، ضمن توصياتها التي كانت ستعرض لاحقًا على الجهات المسئولة، إلا أنه لم يحدث شيء على أرض الواقع.

يقول المخرج مجدي أحمد علي إن "الدولة عليها أن تكون واعية كثيرًا في مسألة دعمها لصناعة السينما، بمعنى أن يكون لديها موقف واضح في هذا الدعم، لأنها في النهاية صناعة وطنية مهمة للتنمية وإشاعة مناخ للبهجة والتنوير الثقافي والفكري، يتوافق مع حرب الدولة ضد الإرهاب"، مضيفًا أن "مصر كانت مصدرة لصناعة السينما بالمنطقة العربية بأكملها ولم تعد في هذه المكانة الآن".

وأشار علي، في تصريحات لـ"بوابة الأهرام"، أن هناك بالفعل قرارًا ملزمًا لمن يقوم بهدم دار عرض سينمائية ببناء أخرى بالمنطقة ذاتها، مؤكدًا أنه "بمنطقة المنيل كانت هناك أربع دور عرض، إحداها يتم تربية طيور بها، وأخرى تحولت لمسرح، وصولًا لسينما فاتن حمامة"، التي اعتبرها صاحبة مكانة خاصة في قلبه لكونها أول سينما دخلها في حياته عندما غادر قريته متجهًا للقاهرة، متذكرًا تفاصيلها القديمة عندما كانت مغطاة بسقف معين يعمل صيفًا وشتاءً، ثم قام الورثة بعمل سقف ذو طراز معماري معين.

ونوه إلى أنه يأمل بأن يكون للشركة القابضة الجديدة التي أعلنت عنها وزارة الثقافة مؤخرًا دور فعّال في مثل هذه الأزمات، مضيفًا أن "تلك الجهة كانوا يطمحون لتأسيسها منذ سنوات طويلة، حفاظًا على التراث ونيجاتيف الأفلام"، إلا أنه ربط المسألة بضرورة تدخل سيادي من الدولة يؤكد دعمها الحقيقي لهذه الصناعة ويحميها من فوضى الوقوع في قبضة القطاع الخاص، كما تتجه المخاوف لدى البعض.

عبد الجليل حسن، المستشار الإعلامي للشركة العربية للسينما، التي توقفت عن إدارة سينما فاتن حمامة منذ أربع سنوات، يقول إن قرار هدم سينما فاتن حمامة يخص مالك الأرض، ولا يحق لأحد أن يتدخل في ذلك، وتساءل: لماذا لا تتدخل الدولة لوقف ذلك، ولم تقم بشراء السينما وإنقاذها؟

وأوضح عبد الجليل، ردًّا على تساؤل عما إذا كانت سينما فاتن حمامة رابحة أم لا خلال فترة إدارتهم لها، أنها "كانت سينما خاسرة، لسبب بسيط، يتمثل في كونها تضم قاعة واحدة، بعكس سينما المولات التي انتشرت بالفترة الأخيرة وباتت هي الغالبة والمسيطرة على دور العرض، لأنها تحتوي على عدد كبير من الشاشات".

وشدد عبد الجليل على ضرورة أن يكون هناك دور واضح للسينمائيين في مثل هذه الأمور، بالإضافة لوجود دعم من وزارة الثقافة وتفعيل لعمل الشركة القابضة التي تأسست مؤخرًا.

أما المنتج حسين القلا فقال إن جميع الملفات السينمائية التي تفتح بين الحين والآخر "لا يعرف لها صاحب"، متسائلًا عن هوية الأشخاص المسئولين عن هذا الملف، و"لماذا لا يلجأون لأصحاب الصناعة ذاتهم؟"

كما أشار إلى أن "العمل بالملف السينمائي المصري بشكل عام يدار بطريقة عشوائية، وكل ما يطالب به أو يعلن عنه مثل فكرة زيادة دور العرض لا وجود له على أرض الواقع".

أما المنتج جابي خوري، الذي نادى كثيرًا بضرورة زيادة عدد دور العرض السينمائية، فلم يستطع التعليق على قرار هدم سينما فاتن حمامة بأكثر من كلمة "لا تعليق".

سينما فاتن حمامة حملت في البداية اسم "ميراندا"، وأعيد افتتاحها في ٢٩ ديسمبر عام ١٩٨٤ بقرار من عبد الحميد رضوان، وزير الثقافة حينها، لتصبح أول دار عرض سينمائي يطلق عليها اسم أحد نجوم السينما المصرية، وهي سيدة الشاشة"فاتن حمامة"، التي حضرت افتتاحها مع العديد من الشخصيات العامة ونجوم السينما المصرية.

وقد أعيد بناء السينما بتكلفة 600 ألف جنيه، وتضمنت 1100 كرسي، وكانت تحتوي على أحدث ماكينة للعرض السينمائي من ألمانيا، وتوقفت عن العمل منذ ثلاث سنوات إلى أن هدمت في يوليو الجاري.

وكان أول الأفلام التي عرضت بها فيلم "عندما يبكي الرجال" لفريد شوقي ونور الشريف وفاروق الفيشاوي ومديحة كامل.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة