Close ad

داليا عاصم تكتب.. مستقبل اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي

22-2-2018 | 13:37
داليا عاصم تكتب مستقبل اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعيجميلة بوحيرد

كلمة مؤثرة قالتها المناضلة الجزائرية العظيمة جميلة بوحيرد في افتتاح مهرجان أسوان السينمائي لسينما المرأة تختصر الكثير، فهي بعنفوان المناضلة قالت: "سألقي كلمتي لكم اليوم بالفرنسية؛ لأن فرنسا حرمتني نتعلم اللغة العربية التي أعشقها"، كلمة بوحيرد واكبت ليلة الاحتفال باليوم العالمي للغة الأم 21 فبراير من كل عام.. ويا لها من مصادفة فما حدث في منتصف القرن الماضي في العالم العربي لاتزال آثاره ممتدة حتى اليوم تعاني منها مناضلة عظيمة، فأي مستقبل ينتظر أبنائنا وبناتنا؟!، علينا أن ننشغل بذلك ونفكر فيه بكل جوارحنا فما يحدث اليوم من إهمال وتراخي في ممارسة اللغة العربية سيكون حصاده مريرا.

موضوعات مقترحة

في إحصائية نشرتها أمس، مؤسسة الفكر العربي عن مستقبل اللغات العالمية وفقًا لعدد المتحدثين بها، تبين أن الصينية سوف تكون اللغة الأكثر انتشارا على مستوى العالم، فيما تتراجع الإنجليزية للمرتبة الثانية لأول مرة منذ قرون، وتأتي الإسبانية لتحل في المرتبة الثالثة.

وقد احتضنت مؤسسة الفكر العربي محاضرة هامة للبروفسور لويس-جان كالفيه، قال فيها: "تطرح اللغة العربية اشكالية مهمة؛ لأن الفصحى هي اللغة الرسمية المشتركة في ٢١ بلدًا، في حين يتحدث السكان في حياتهم اليومية بما يسمى العاميات".

اللغة هي وعاء الفكر، وهي نتاج للوسط والمحيط الاجتماعي الذي يتم تداولها فيه، كما أشار عالم اللغويات الراحل أنطوان ماييه، ورغم أن لغتنا العربية تتربع على عرش اللغات في العالم، ولم تندثر كاللاتينية رغم محاولات إنجلترا وفرنسا في تهميشها في العالم العربي لكنها صمدت واستمرت بجهود أهل اللسان وخبراء اللغة ومجمع اللغة العربية بالقاهرة " مجمع الخالدين"، فرغم سنوات الاحتلال الطويلة التي عانى منها العالم العربي إلا أنها لم تفلح في التخلي التام عن اللغة العربية والتحول للغة الإنجليزية أو الفرنسية.

لكن لا يخفى على الجميع أن اللغة العربية تشهد تراجعا ملموسا في وسائط الثقافة الجماهيرية والإعلام، ونلمس ذلك أيضا لدى الأطفال والشباب، فكل يوم نشهد ضعفا لديهم في فهم معاني ومرادفات لغة الضاد؛ لذا ينبغي علينا وضع ضوابط لاستخدام العامية كلغة تخاطب شفاهي فهي أشد تأثيرا على لغتنا العربية من اللغات الأجنبية.

هذه الضوابط ستعمل على زيادة استخدام اللغة العربية الفصحى في المجال العام والاستمتاع بثرائها وجمالياتها، مع عدم التحقير من شأنها، لاحظت انعدام استخدام اللغة العربية الفصحى في برامجنا التليفزيونية وبرامج الأطفال التي باتت أيضا شبه معدومة، فأصبح الأطفال يتجهون لبرامج أطفال مدبلجة أو مترجمة لا تعكس ثقافتهم ولا هويتهم وتنقل لهم عادات وتقاليد لا تمت لواقعهم بصلة، فقد يعاني هؤلاء كما تعاني جميلة بوحيرد فهي برغم انتمائها العربي إلا أنها لا تتمكن من الحديث بالعربية الفصحى، يقع العبء الأكبر هنا على التعليم والإعلام والمنزل وكل فرد منا يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي.

ومؤخرًا علمت بقرارات رائعة اتخذها اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية برئاسة أ.د. حسن الشافعي (رئيس الاتحاد)، وأمانة أ.د. عبدالحميد مدكور (الأمين العام للاتحاد) عقب اجتماعهم بمجمع الخالدين بالزمالك، حيث قرر الاتحاد استشارة المجامع اللغوية لتزويد الاتحاد بأسماء خبراء الحوسبة والهندسة اللغوية، وإضافة 3 أعضاء جدد للمجلس العلمي، يكون أحدهم متخصصًا في اللغات السامية، والدعوة من خلال المجامع العربية إلى عقد ندوة علمية حول الحوسبة والهندسة اللغوية في المعجم التاريخي للغة العربية.

هذه القرارات الرصينة تهدف دون شك لاختراق الفضاء الافتراضي ودعم اللغة العربية فيه وتطويعها للغة الحوسبة والبرمجة مما يؤهلها لخوض صراعات المستقبل الرقمية في عصر يسيطر عليه الذكاء الاصطناعي.

استعين هنا بمقولة العلامة ابن خلدون (السمع أبو الملكات اللسانية) لذا ينبغي أن تقوم وسائل الإعلام بمهمة الوسيط الأمين المنوط بنقل اللغة العربية الفصحى والنطق السليم بها والتصدي لمحاولات التشويه والتحريف عبر الوسائط الرقمية من خلال دعوات التدوين الجماعية عبر المنصات والمواقع الإلكترونية.. فالأمم لا ترتقي بلغات غيرها بل بلغتها الأم.. لذا ليس غريبا أن نظل في محلنا بينما تتقدم الأمم.

كلمات البحث
اقرأ ايضا: