شهد اللقاء الفكري، الذي استضاف عالم الآثار الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، في ثالث أيام بدء فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته التاسعة والأربعين لعام 2018، أمس الإثنين، حضورًا كثيفًا من رواد المعرض، وأدار الحوار الإعلامي سليمان جودة.
موضوعات مقترحة
قال الدكتور زاهي حواس، إن مصر تمتلك أكبر قوى ناعمة في العالم، باعتبار أننا نملك التراث والآثار، مدللًا على حديثه، برحلة تمثال الملك رمسيس الثاني، واستقراره أخيرًا مُنذ أيام قليلة في البهو العظيم بالمتحف المصري الكبير بمنطقة الأهرامات، وسط احتفاء عالمي ومصري كبير، يبرهن على عشق المصريين للأجدادهم القدماء، وولعهم الكبير بتاريخ الفراعنة.
واستعرض "حواس" في حديثه، رحلة الملك رمسيس الثاني التي بدأت منذ ثلاثة آلاف سنة، عندما أمر الملك العظيم، بنحت تمثاله من الجرانيت ووضعه بجانب معبد "بتاح" في منف، مرورًا بقرار نقل التمثال عام 1955 في محطة مصر، إلا أن التطورات العمرانية في القاهرة، واتساعها، جعلت التمثال في خطر إلى أن تقرر نقله في 25 أغسطس عام 2006م من محطة مصر، ووضعه في منطقة الأهرامات بمحافظة الجيزة لإجراء الترميمات عليه لمدة عام ولحين الانتهاء من إنشاء المتحف المصري الجديد، واستقر الآن، في البهو العظيم بالمتحف المقرر الانتهاء منه نهاية هذا العام 2018.
وذكر "حواس" واقعة نقله من محطة مصر في عام 2006، بعد دراسات استمرت ثلاث سنوات مع المهندس إبراهيم محلب، في شركة المقاولون العرب، وكيف ودعه المصريين بالزغاريط والاحتفاءات، وقال "لن أنسى السيدة البسيطة التي قالت لتمثال الملك رمسيس الثاني (مع السلامة يا رمسيس يا حبيبي هتوحشنا)"، في دلالة على حب المصريين العميق لأجدادهم، وتأثير القوى الناعمة على المصريين، التي بثت فيهم هذا العشق اللامنتهي.
وروى حواس في لقائه بالجمهور، عناصر القوى الناعمة في رأيه، التي تتمثل في؛ الملك رمسيس الثاني، والملك خوفو، وكليوباترا ونفرتيتي، وأبو الهول، وغيرهم.
وتحدث عن عظمة هرم الملك خوفو باعتباره أحد عناصر القوى الناعمة في مصر، وقال "فكرة بناء هرم بحجم وعظمة الأهرامات الثلاثة، مستحيلة، لأن فكرة بناء هرم، كانت مشروع الحضارة المصرية القديمة التي اشترك فيها أكثر من عشرة آلاف عامل، ومهندس، على مدار 30 عامًا"، لكننا نستطيع أن نقدم للحضارة الإنسانية الكثير من خلال مشاريع حضارية أخرى.
ونفى "حواس" بعض الادعاءات التي تفيد بأن الأهرامات ليست ملكًا للمصريين، مشيرًا إلى أن بعض الكتب الغير علمية تدعي أن الهرم بُني بحوالي 2 مليون و300 ألف حجر، جلبها المصريين القدماء من طرة، وتبعد طرة حوالي 12 أو 13 كيلو، كما تدعي أن الملك خوفو حكم مصر لمدة 23 سنة، وقال "كل هذه الادعاءات باطلة، والحقيقة أن الملك خوفو حكم مصر لمدة 32 عامًا، وهي الفترة التي بُنى فيها الأهرامات وليس 23 سنة بأحجار لا تزيد عن المليون حجر، ولهذا كان هرم خوفو هو المشروع القومي للمصريين آنذاك بحسب الكتابات المصرية القديمة".
وأكد "حواس"، أن الأهرامات لم تُبن بالسخرة كما ادعى البعض، وقد بناها مصريين، وقد اكتشف حديثًا أن عمال بناء الأهرامات والأسماء التي وجدناها لهم، تؤكد أن العمال الذين شاركوا في بناء الأهرامات مصريون فقط، ولم يوجد بينهم أي اسم يهودي أو عبراني، وهو ما يكذب الادعاءات بأن الأهرامات لم يبنها المصريون، وقد كان العمال يعملون يوميا ولا يحصلون على إجازات إلا كل ١٠ أيام مرة.
وأشار إلى أن العمال الذين شاركوا في بناء الأهرامات كانوا يعتمدون على اللحوم في غذائهم بشكل يومي، حيث كان أهالي الدلتا والصعيد يرسلون يوميا ١١ عجلا و١٣ خروفا لتغذية العمال، فقد كان بناة الأهرام يعتمدون على اللحوم بشكل أساسي في تغذية العمال.
وأوضح "حواس"، أن إسرائيل لم تُذكر في الحضارة المصرية إلا في موضع واحد فقط، وهي لوحة "مرنبتاح" في المتحف المصري بالتحرير، وروت اللوحة انتصارات الملك مرنبتاح ابن رمسيس الثاني، على القبائل الغربية والشرقية، خصوصًا الليبيين والإسرائيليين، وهي لوحة تتكون من 28 سطرًا، تروي انتصارات الملك، وذُكرت إسرائيل في سطر واحد فقط، وهو السطر الأخير في جملة "لن تكون هناك بذرة لإسرائيل"، إذ إن إسرائيل الموجودة داخل النص ليس لها علاقة بإسرائيل الدولة الحاليّة، وإنما إشارة إلى قبيلة تُدعى "إسرائيل" آنذاك.
ودعا الدكتور زاهي حواس، إلى ضرورة إقامة معارض أثرية خارج مصر، لأن فائدتها عديدة، فعلى المستوى السياسي، تُحسن العلاقات الدولية مع مصر والدولة المستضيفة للمعرض، كذلك تروج بشكل هائل للسياحة في مصر، وتعرف العالم بقيمة الآثار المصرية، مما يدر دخلًا كبيرًا للخزانة المصرية، مشيرًا إلى أن الملك توت عنخ آمون، استطاع أن يجلب لمصر 140 مليون دولار، وهو المبلغ الذي بُني به المتحف المصري الكبير، الذي يُعد أهم مشروع ثقافي، بمثابة نقلة حضارية كُبرى يؤكد أن مصر تمتلك كنوز العالم.
ونوه "حواس" إلى أهمية الآثار في مواجهة الإرهاب، إذ أنه من الضروري أن تُستخدم قصور الثقافة في كل قرى مصر ومدنها إلى التعريف بأهمية الآثار والحفاظ عليها، وقيمتها، وقال "لدينا مقومات سياحية كثيرة، لكننا لم نستطع أن نستقطب السياحة بالشكل الأمثل لذلك.