صدر كتاب "مساءلة العقل العربي، المسارات الغائبة"، للناقد والباحث الدكتور محمود الضبع، عن مؤسسة بتانة للنشر بالقاهرة، وهو الكتاب العاشر في سلسلة كتب بدأها الضبع منذ عام ٢٠٠٣، تبحث في دراسة موضوع قصيدة النثر، وتحولات الشعرية العربية، ثم توالت مؤلفاته حول دراسة حركات وتحولات المشهد الروائي والشعري في الوطن العربي، وأدب الأطفال وامتداده من التراث العربي إلى المعلوماتية.
موضوعات مقترحة
وشهدت السنوات العشر الأخيرة، ظهور اتجاه جديد في كتاباته، يهتم بالبحث في الثقافة العربية، والهوية العربية، والمستقبل الثقافي العربي، ونقد العقل العربي، وكانت بداية هذا الاتجاه مع قراءته التي قدمها في كتابه "طه حسين، لغو الصيف وجد الشتاء، قراءة ثقافية" عام ٢٠١٤م، ثم تلاه كتاب "الثقافة والهوية والوعي العربي"، قبل صدور الكتاب الجديد "مساءلة العقل العربي".
ويعد الكتاب الجديد، قراءة في العقل العربي، ماضيه وحاضره ومستقبله، ومساءلة للمرتكزات الجوهرية التي تمثل القاسم المشترك لكل فئاته على اختلاف جنسياتهم وأوطانهم، فيساءل المنظور الذي تتبناه العقلية العربية، والرؤية للحياة، والمفاهيم عن الوعي بالذات وبالآخر، والصراعات الفكرية التي عاشها العقل العربي عبر التاريخ، والإمكانات التي يمتلكها، ولا يستطيع استثمارها، وموقعه من المستقبل، وغيرها من قضايا يطرحها الكتاب في لغة سلسلة تعتمد تبسيط المفاهيم العميقة.
يشتمل الكتاب على سبعة عشر فصلا تناقش الموضوع من جوانب عدة، ويأتي بعضها صادما في عناوينه، مثل (الثقافة العربية والتنوع، لماذا لا نتعلم الدرس؟ عيوب العقلية العربية، تحديد المفاهيم أولًا، التعلم خارج الكتب، الأفق العربي والهجومية، العقل العربي وصناعة الإرهاب، ماذا سيكتب المؤرخ العربي؟ حتمية التاريخ وطلاقة الماضي، المحتوى العربي على الإنترنت، الثقافة والتعليم، أزمة فكر عربي)، وعبر مناقشة هذه الموضوعات وغيرها، يطرح الكاتب القضية ويقدم مساراتها الغائبة كما يشير عنوان الكتاب، ثم ينبه إلى خطورة الاستمرار فيما هو حادث الآن.
وفي مقدمة الكتاب، يشير المؤلف إلى أن هذا الكتاب يأتي في صيغة دراسة تحليلية ثقافية تأملية في الوضع الثقافي الراهن للأمة العربية، وبخاصة مصر، التي نعيشها يوميًّا، ونتأملها عن قرب، ومن جهة أخرى لأن إعادة بناء ثقافة هذا الوطن ليست عملية أحادية، يكفي لتحقيقها بناء جانب واحد فقط، وإنما لابد أن يشملها مشروع أكبر تتدخل فيه كل القطاعات، وتتكامل فيه كل التخصصات، وهو يستحق ذلك بالفعل؛ فقط لأنه ليس في الإمكان انتظار المزيد، فسقوط الهويات عالميًّا تتزايد معدلاته يوما بعد يوم لصالح هويات تتضخم يومًا بعد يوم أيضًا، مثل هوية الشرق الآسيوي، وغيرها مما استطاع في سنوات قليلة أن يهدد الهويات التي كان الاعتقاد بأنها مستقرة من جهة مثل الغرب الأوروبي والأمريكي، ومن جهة ثانية، يغزو شعوبا أخرى فكريًّا وماديًّا، دون أن تستشعر هذه الشعوب الخطر على هوياتها الأصلية، مثل الشعوب العربية والإفريقية.
. .