قال الدكتور حاتم الجوهري، إن حصوله على جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية لعام 2016، يمثل فرحة شاسعة، كتكريم له من داخل بلده وموطنه الذى يعشقه ويحلم من أجله طوال الوقت، ولأنها أيضا جاءت بعد تكريم من نوع آخر على المستوى الدولي هذا العام، حينما اكتشف أن إصداراته المتنوعة تقتنيها وتتابعها مجموعة من المكتبات والجامعات العالمية، وصلت إلى 32 مكتبة عالمية مسجلة، تتوزع بين جامعات ومكتبات أمريكا وأوروبا واليابان والصين وفق موقع (ورلد كات).
موضوعات مقترحة
واعتبر "الجوهري"، خلال حديثه لـ"بوابة الأهرام"، أن مصدر الفرحة الكبير كون هذه الجائزة تمثل مؤشرًا على نجاح الطريق المعرفي الذى يسير فيه، وهو طريق البحث عن مدرسة فكرية جديدة تقيم الصلة مع جدل الأزمة الحضارية الراهنة والبحث عن استشراف المستقبل، بخاصة أنها جاءت بعد حصوله على جائزة ساويرس في النقد الأدبي بكتاب: "خرافة الأدب الصهيوني التقدمي"، وبعد وصول ترجمته لكتاب أغنيات البراءة والتجربة للقائمة القصيرة لجائزة الترجمة بالمركز القومي للترجمة.
وينظر "الجوهري" للظاهرة الإنسانية ككل متكامل متصل، يتداخل فيه المعرفي مع الثقافي مع الأكاديمي مع الإبداعي، وتقوم على حالة المجتمع الفعال والتغذية والتغذية العكسية بين عموم المجتمع وطليعته العارفة.. وتقوم على علاقة بين الذات والآخر، وهو ما تمثل في الكتاب الذى فاز بالجائزة، فهو يقوم على نقل متن الآخر وفكره متمثل في نص الكتاب نفسه: "تأملات في المسألة اليهودية" ، ثم التعبير عن فكر الذات من خلال الدراسة النقدية التي أعددتها للكتاب بعنوان: "سارتر بين الصهيونية وسلب الحق الوجودي للفلسطينيين".
وحول حديثه عن الترجمة، يرى "الجوهري" أن الترجمة في ظل التدافع الحضاري الراهن، يجب أن تحدد لها محاور فكرية تركز عليها وتدرسها، ترتبط أيضًا ببحثها عن المستقبل مثل: دراسات الهوية، الدراسات الحضارية ونظرياتها، الدراسات اللغوية والعرقية والاجتماعية التي تربط الوجود الإنساني بجذوره وتستشرف احتمالاتها ونظريات وجوده، دراسات الأطر الكلية للعلوم الإنسانية وتطورها وفق كل جماعة ثقافية بعينها للبحث عن علاقة الذات العربية بمدرسة خاصة بها في الوجود الإنساني في العالم، دراسات الأنساق الكلية للأدب والآداب البشرية المتنوعة ومحددات كل منها، بحثا عن نظرية عربية أو بذورها تنبع من طبيعة الذات وظرفها الخاص. وتصوره هذا وفق المدرسة الفكرية التي يعتقد فيها، ويعمل من خلالها في دراسات التدافع الحضاري، الذي قدمه كمشروع طموح لتطوير جهد "الهيئة المصرية العامة للكتاب" في مجال الترجمة منذ عامين، بوصفها إحدى أهم مؤسسات الثقافة المصرية، ومن خلال تفعيل "المركز العلمي للترجمة" بداخلها، وفق خطة طموحة حالمة من أجل البلاد واستشراف مستقبلها والحلم من أجلها.
ويعتقد أنه قدم النموذج لذلك التصور الذي يحلم به في مشروع الترجمة التفاعلي هذا، في الترجمتين اللتين نشرا له، في الترجمة الأدبية "أغنيات البراءة والتجربة" والدراسة المصاحبة لها بعنوان "سيد الرومنتيكية" للشاعر الإنجليزي الشهير وليم بليك، التي وصلت للقائمة القصيرة لجائزة المركز القومي للترجمة 2015م.
وفي ترجمته الفكرية "تأملات في المسألة اليهودية" ودراستي النقدية المصاحبة لها: "سارتر بين الصهيونية وسلب الحق الوجودي للفلسطينيين" للفيلسوف الفرنسي الشهير، جان بول سارتر، كذلك هو المنهج الذى اتبعته في ترجمته الثالثة التي قيد النشر حاليا بعنوان: "الحل النهائي للمسألة العربية" للشاعر الصهيوني دافيد أفيدان، والدراسة المصاحبة لها عن ظهور الصورة غير النمطية للعربي في الأدب العبري.
ورأى "الجوهري" أن خطته المستقبلية، على المستوي المهني، يتمنى تفعيل تصوره للمركز العلمي للترجمة بهيئة الكتاب، وعلى المستوي الشخصي هناك عدة مشاريع علمية يعمل عليها، على مستوى الترجمة، وعلى مستوي النقد، وعلى مستوي الإبداع، يتمني أن يخرج بعضها للنور هذا العام.
ويهدي "الجوهري" هذه الجائزة إلى روح والدته، السيدة ليلي رمضان العيوطي، وقال "أنا انتصارها المتأخر لرحيلها المفاجئ المبكر والمحزن بالنسبة لي، وهي مصدر فخري واعتزازي، وإلي روح أبي الطيب رحمه الله، وإلي كل من عرفوني أسير وحدي في الطريق، ولم يدعوني للحاق بالقطيع والتكيف مع السائد، أهديه لكل من دعمني في مسيرتي خلال الرحلة الطويلة وصمود طائر الفينيق الجميل".
وكانت قد أُعلنت جوائز الدولة (التشجيعية، والتقديرية، والنيل، والتفوق)، أمس الأحد، بالمجلس الأعلى للثقافة.## ## ## ## ## ##