Close ad
16-5-2017 | 12:26
مشهد ساكن بريشة الفنان هيثم سعيد
فريد دوهان

ذات صباحٍ، توقّفت شاحنةٌ مُحمّلةٌ بقناني الغاز وسط شارعٍ مُزدحمٍ فأعاقت تدفُّق سير المركبات التي توقّفت مضطرّةً هي الأخرى.

على جانبي الشارع توقّف الكثيرُ من المارّة وأخذوا يُراقبون المشهد بصمت، والعديدُ ممّن كانوا يتناولون إفطارهم في محلاّت بيع الأطعمة السريعة المنتشرة على طول الطريق توقّفوا عن الأكل وراحوا يُتابعون ما يجري.

بائعُ الفاكهة توقّف عن الصراخ على بضاعته، والحلاّقُ عن ثرثرته المُعتادة ووضع المقصّ جانباً، والشحّاذ عن لُهاثه وراء الناس بيدٍ مفتوحة.

موضوعات مقترحة


المجانينُ توقّفوا عن هذياناتهم، والجياعُ عن أحلامهم برغيف خُبزٍ، والتجّارُ عن عدّ النقود... الأطفالُ في المدرسة القريبة توقّفوا عن الإصغاء إلى معلّمتهم التي توقّفت أخيراً عن الكلام.


عصافير كثيرةٌ احتشدت وتوقّفتْ فوق أسلاك الكهرباء، وفي السماء توقّفت طائرةٌ مروحيّةٌ على ارتفاع منخفض و.. توقّف الهواءُ عن الحركة، والأرضُ عن الدوران لبضع ثوانٍ ثمّ تعالى صوتُ انفجارٍ عنيفٍ.


عشراتُ العباءات، والقمصان، والسراويل، والحقائب، والكُتُب المدرسيّة، حلّقت في سماء المدينة المكفهرّة لبضع لحظاتٍ ثمّ سقطت بهدوء، وتناثرت هنا وهناك فوق أرضٍ ضاعت ملامحُها. أرض امتلأت بأجساد متفحمة، ونواح مرير، وبحركةٍ دائبةٍ لم تهدأْ.. ولم تتوقّفْ أبداً.

-----

فريد دوهان

(كاتب من العراق)

كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة