كلّ حياةٍ بمنظورٍ.
وهكذا أمشي في حياتي الأولى، بانتظارِ أن تعرِفَني نفسي، في حياتي الثانيةِ، والثالثةِ، هلُمّ جَرّا.
مرةً، رآني غرابٌ، فعاجَلتهُ بضربةٍ في جَناحهِ السّحيمِ، حتى طارَ ينعَقُ.
ومرةً، رأيتُ بقرةً تضحكُ، فما كانَ مني إلا أن قرأتُ لها مرثيةَ ابنِ الرّيبِ، وكانَ لصّاً، يقطعُ الطريقَ، قد "حَلّ سُقمي، وحانَت وَفاتيا"، فارتُجّت البقرةُ من بكاءٍ علَيّ.
وكذا، مرةً، قَبّلَتني امرأةٌ سوداءُ، كأنّ ليلى العامريةَ في جِلبابها، وأنا عبدُ بني الحَسحاسِ، يدّخرونني لِمقتلَةٍ.
من جديدٍ، أراني في فُستانِ أمي، توحِشُني أمي، بوردٍ على خَصرها، وزخارفَ مُنبَثّةٍ في ثَنيةِ الكِتفَين لكن، عندَ كلّ ذراعٍ وَحشٌ مُنَمنَم، ككلبٍ وليدٍ يَعوي بصوتٍ من براءتهِ.
▪
ما بعدَ الستينِ، حُريةٌ وجَمالٌ، ولا يقهَرني الماضي.
كانَت إحداهُنّ شَجرةً خيريةً، تُعطي كما تُعطي، ولا تأخذُ غيرَ السّهمِ في الحائطِ، عندَ الغروبِ.
أمسِ، الشّعرُ جَندلَني، كقَزمٍ مُهرّجٍ، ولم يُنجني من بينَ ذراعَيهِ إلا أن سَبّتهُ أمي، وقد طلَعَت كسَكّينٍ من صوفِ دميةٍ، فصارَ كالعانسِ خلفَ العتَبةِ.
أستيقظُ، كي لا أموتَ.
أدخّنُ، فالحبّ ناحَ، ولا أستطيعُ مجاراةَ أحبابي.
جَفّفتُ زَرعي، وبَخّرتُ مائي.
كلّ الحوائطِ منهارةٌ، وما بإرادتي أن أقومَ على مطلوبي.
في بالي، كثيرٌ من الأشباحِ، ليرتاحَ حُلمي.
آخرُ النهارِ، تحتي حريقٌ، لأرتفعَ.
وطيرٌ على رأسي، مستميتٌ.
أجلسُ القُرفصاءَ، من الفَحمِ في اللّحمِ.
وسَردُ الضميرِ، في جُثّتي، كتعاسةٍ حَلّت على صالحٍ، فأُرتّب حياتي.
ثلاثُ ليالٍ، فَرَكتُ دمي، وطِرتُ.