Close ad

منى لملوم و"حيرة فرح".. الكتابة للأطفال بأسلوب مشوّق

6-12-2016 | 10:22
منى لملوم وحيرة فرح الكتابة للأطفال بأسلوب مشوّقصورة ارشيفية
أحمد فضل شبلول
"معلومات للأطفال في قالب قصصي مشوق"؛ هذا ما استطيع أن أصف به كتاب "حيرة فرح" للكاتبة منى لملوم الذي صدر مؤخرًا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، والذي تتوجه به للأطفال من ذوي الفئة العمرية (5 – 9 سنوات).
موضوعات مقترحة


تطرقت الكاتبة إلى موضوعات وأسئلة تحير الأطفال فعلا ـ بل بعض الكبار أيضا ـ عن الله والجنة والملائكة والشياطين، مثل: لماذا لا نرى الله؟ وكيف يرانا الله إذا اختبأنا؟ وهل الله قريب أم بعيد وكيف يسمعنا؟ ولماذا نعبد الله وحده؟ وهل الله يعلم كل شيء؟ ولماذا خلق الله الملائكة؟ وكيف خلق الله الشيطان من النار وسيحرقه بها؟ ولماذا اختار الله الأنبياء من الرجال دون النساء؟ وما شكل الجنة؟ ولماذا يحاسبنا الله إن كان يعلم الشيء قبل أن نفعله؟

إنها عشرة أسئلة مطروحة على عقل كل طفل يفكر في الله والكون والطبيعة والإنسان والعالم من حوله، واستطاعت منى لملوم أن تجيب عنها بكل سهولة ويسر وإقناع وبلغة عربية بسيطة ومعبرة لا تحتاج إلى شرح أو تعليق أو تفسير. ويحسب لها أنها ابتعدت عن العامية سواء في لغة الحوار أو السرد.

بطلة القصص هي الطفلة "فرح" التي تطرح الأسئلة تلو الأسئلة ـ نيابة عن ملايين الأطفال، وتتلقى الإجابات ويتلقاها معها أيضا ملايين الأطفال.

ولا تطرح فرح الأسئلة على أمها فحسب، ولكن تطرحها أيضا على الأب، ومعلمة المدرسة، ومعلمة دار تحفيظ القرآن، ومقدمة البرنامج التليفزيوني الأستاذة منى، وأخيها أحمد، وتتنوع الأماكن والأوقات التي يُطرح فيها السؤال ما بين المنزل، والمدرسة، ودار تحفيظ القرآن الكريم، واستديو التليفزيون، والحديقة، وما بين النهار (وقت الظهيرة (حيث شدة ضوء الشمس، والصباح حيث اليوم الدراسي ودار تحفيظ القرآن في العطلة الصيفية، والذهاب إلى الحديقة) والفجر (حيث صلاة الفجر)، ونلاحظ أنه لا يوجد ذكر لليل، ففي الليل ينام الأطفال ولا يسألون ولا يلعبون.

إن الأسئلة المطروحة بذكاء من "فرح" تدل على الرغبة في البحث عن تفسير لوجودها وشعورها بالانتماء إلى وطن ما، وأرض ما، أو كون ما.
ومثلما تنوعت الأسئلة تنوعت الإجابات، وكانت كل إجابة في قالب قصصي مشوق أيضا، ولنضرب مثالًا بالسؤال الثاني: كيف يرانا الله إذا اختبأنا؟
تقول الكاتبة:
"قررت فرح أن تقوم بتجربة جديدة، فأحضرت تفاحة، وفتحت دولاب ملابسها، ودخلت وسط الملابس، وأغلقت الباب.
وبعد أن أتمت أكل التفاحة أسرعت إلى والدتها، وأخبرتها أنها أكلت تفاحة دون أن يراها الله!
فسألتها الأم: وكيف ذلك يا (فرُّوحتي)؟!
فقالت فرح: ألم تخبريني أن الله يرانا في أي مكان؟
الأم: نعم؟
فرح: ولكن الله لم يرني، لأني اختبأت في الدولاب!
قالت الأم: تعالي معي يا فرح إلى السفرة، لنقوم بتجربة بسيطة .. ولكن أغمضي عينيك أولا!
قلبت الأم طبق الفاكهة الموجودة على السفرة، وقامت بتخبئه أشياء عدة تحته.
وسألت الأم فرحا: ماذا خبأت تحت الطبق؟
قالت فرح: لقد خبأت هاتفا محمولا، وتفاحة، وعلبة ألواني!
هنا سألتها الأم: وكيف عرفتها، وقد خبأتها منك؟
قالت فرح: لأن الطبق شفاف يا أمي، ويُظهر ما تحته!
فقالت لها الأم: يا ابنتي، إن الكون كله شفاف بالنسبة لله، فلا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء".

هكذا بالتجربة العملية البسيطة، وبتقريب الأشياء الملموسة من خلال واقع حسي تراه وتحسه الطفلة تكون عملية الإقناع العقلي والمنطقي دون الخوض في فلسفات ونظريات وعبارات كبيرة وكلمات معقدة، يصعب على الطفلة فهمها، ومن خلال حدوتة بسيطة أو حكاية خفيفة، ومن خلال كلمات محببة مثل تصغير أو تدليع فرح بـ"فرُّوحة" أو "فروحتي" تستطيع الأم الوصول إلى عقل طفلتها وقلبها معا، فيتحقق الهدف المنشود من وراء القصة.

هكذا نجحت منى لملوم عن طريق أسئلتها العشرة في الوصول إلى ذهن الطفل والتغلغل في تفكيره حول القضايا التي تشغل باله، فتقدم له على طبق من ذهب الإجابات الشافية بطريقة حسية ملموسة مقنعة.

إن هذا الكتاب الذي وقع في 56 صفحة ملونة وبرسوم معبرة لهشام السعيد، أرى أنه أفيد لتلاميذنا في المرحلة الابتدائية، فلا تعصب أعمى، ولا أسلوب متعالٍ على الطفل، كما أن قصصه منتزعة من الواقع الفعلي لعالم الطفل، وأسئلة الكتاب مطروحة في كل زمان ومكان، والإجابات عنها مفهومة ومقنعة ومنطقية من العصر الذي نعيش فيه، وعلى سبيل المثال في إجابة عن سؤال" هل الله قريب أم بعيد وكيف يسمعنا؟ يضرب الوالد مثلا بالتليفون والإنترنت، وذلك عندما سأل ابنته فرح:
يمكننا أن نتحدث مع أي شخص في أي بلد عن طريق التليفون أو شبكة المعلومات (الإنترنت) أليس كذلك؟
قالت: نعم يا أبي؟
قال: من الذي صنع التليفون ووسائل التواصل الحديثة؟
فرح: الإنسان!
الأب: إذا كان هذا شأن الإنسان البعيد، فما بالنا بالله القريب.
معظم القصص اعتمدت على هذا المنطق في الحوار وتغليب صفة العقلانية، مع الصفة الإيمانية.
وكما تنوعت الأماكن والأسئلة، تنوعت أيضا عبارات إهداء الكتاب إلى الأم والأب والأخوة، بل إلى كل طفل قابلته المؤلفة وتعلمت منه وعلمته.

تهنئة للكاتبة منى لملوم على إصدارها الأول الذي دخلت من خلاله إلى عالم الكتابة للطفل، هذا العالم الجذاب الساحر الذي يحتاج إلى كاتب ذي مواصفات خاصة تتمتع بها الكاتبة، فهنيئا للطفل بها، وهنيئا لنا.
كلمات البحث
اقرأ ايضا: