بمجرد أن سمع أصواتهم تعلو في الخارج، أسرع يرتدى رداءً فوق بيجامته، يتحسس سلالم البيت مسرعًا ليهبها النجدة.
موضوعات مقترحة
فعلى الرغم من مرضه الشديد، فإنه بمرضه أقوى جدار أمان لها، بل إنه حصنها الوحيد.
وقف بجوارها ناظرًا إلى جميع الحضور بضيق قائلاً: ألم أقل لكم من قبل ألا يضايقها أحدكم!
فهبت شقيقته مدعية الحنان: لم يضايقها أحد. بل هي من قامت بإتلاف حياتنا جميعًا، حتى أشقاؤها يكرهونها. ثم اقتربت إليه متصنعه الود هامسةً: أتقوم من سريرك وأنت بهذه الحالة؟
وقبل أن يهم بالرد نظرها الجميع تخطو لتقف خلفه، فشعر بها ومد يديه للخلف فسلمت له كفيها مطمئنة. فعاد برأسه للخلف هامساً: لا تخافي.
فوضعت فمها في أذنه وسألت بهمس: أأخاف وأنت معي؟
فابتسم ضاغطاً على يديها من خلف ظهره ونظر لهم: أخبرتكم من قبل أن من يعاملها بسوء فهو يعاملني أنا. ثم أكمل: أنتم هنا جميعا بسببها هي، فلولاها ووالدها المرحوم لكنت طردتكم خارجًا.
لملم أشقاؤها خيبتهم وخرجوا وهم يكادون يموتون غيظًا.
وما لبثت أن لحقت بهم أخته وهى تنظر شررًا لها.
فالتفت للخلف دافعًا إياها للجلوس صارخًا: كم من مرة طالبتك أن تكفى عن ممارسة أفعالك الصبيانية! ألم أخبرك من قبل بأنه لن يشفع لك جمال وجهك ونضارة ابتسامتك وحداثة عمرك عندهم؟
فصاحت بضيق: وكم من مره أخبرتك بألا تتركني لهم؟
ثم همست بعيون ممتلئة بالدموع: لماذا ترفضني؟؟
فابتسم قائلاً: لأنني كنت أعتقد أن من يتقدم لخطبة الفتاة هو الرجل وليس الفتاة.
فردت بخجل: وإذا لم يتقدم الرجل، أمن الصواب أن تترك الفتاة من تحب لأنه لم يتقدم؟
فطأطأ رأسه للأرض هامسًا: تعلمين جيدًا أنني مريض، وأن فرق العمر بيننا مثل عمرك تقريبًا فلماذا أكون سببًا في شيبك؟
فاقتربت منه ممسكة بكفيه: أتعتقد أنني بفراقك لي لن أشيب؟ أم أنك بتركي وحيدة وسط عالم مملوء بالكره ستجعل شبابي يستمر؟
فهمس: كم أتمنى أن تجدي من الشباب من يستطيع أن يهبك الحب.
فألقت بيديه صارخة: لا أعلم من أي الرجال أنت؟ أترى في العالم من يحبني أكثر منك؟
فهمهم رأسه قائلاً: عندما أموت ستكونين أرملة مكسورة القلب محطمة الفؤاد.
فأمسكت وجهه كي ينظر عينيها وهمست: ومن أدراك من يموت أولاً؟ ألم يبدر إلى ذهنك أن يدركني الموت وأنا أعبر الطريق أو بينما آكل طعامي، أو بينما أنجب لك صبيًا؟
فردد بغضب: تنجبين؟
فردت بذات الابتسامة الخلابة: ألا ترغب في أن يكون لك ولد شبيه بك؟
فرد بابتسامة: أتعنين أنه لا مجال لك للتراجع؟
فردت بتحدٍ ولهفةٍ تكشف ما في قلبها: نعم.. فإن أصررت على رفضك.. فعليك أن تعلم أنني سأتزوجك حتى ولإن اضطرت إلى تكبيلك.
فكاد الضحك يوقعه، فأمسكت به هامسة: لا أحلم سوى أن أنام بين ذراعيك وأنا أنظر تلك الابتسامة وهذا الدفء.
فاقترب مقبلاً إياها: فتاتي. فلتستريحي يا.. .. سأذهب لأعد الزفاف.
-----
شيرين غالب
(كاتبة مصرية)