Close ad

حواف النهر الثالث

11-6-2016 | 22:02
حواف النهر الثالثمازن المعموري
مازن المعموري
كلُّ من عاشَ الى جوارِ نهرِ الحلةِ، ملطخٌ بطينِ الجروفِ ورائحةِ المواشي، وصراخِ البطّ وتلافيفِ الحشائشِ الطويلةِ، وسحنةِ الغبارِ الصيفي.
موضوعات مقترحة


كان أبي يمسحُ جروحنا بالطينِ
عندما يرتجفُ النهرُ من غضبةِ الجاموس
...
حين احتلَّ المعدانُ المدنَ، وأصبحوا عساكرَ ومدراءَ، بقي أبي يمسحُ وجهَ الحقولِ بالحليبِ، رغمَ مرارةِ الماءِ وقذارةِ السفوحِ القريبةِ من القصب.

حينَ قلَّ الماءُ سجدَ أبي وسجدتْ معه نخلتُه (المعصومة)
وصارَ كلَّ منْ يمرُّ يعقدُ على جذعِها قطعةَ قماشٍ خضراءَ
عسى أنْ يصعدَ اللهُ في النهرِ
ونغتسلُ مرةً أخرى
...

يجرُّ أخي الصغيرُ جروًا بسلكٍ معدني مثلّمِ الحواف
لا يقبلُ الجروُ أنْ يُسْحلَ تحتَ شجرةِ التفاحِ الصغيرةِ
كي لا ترتعبَ من صوتِ نباحهِ الأجشّ
رغمَ أن الضفادعَ كانتْ تضحكُ كثيرًا من أخي الصغيرِ
كلما رسم ببولهِ سلكًا يربطُ به كلبهُ ببيتهِ المهدمِ
لكنه بكى هذه المرة
ودحسَ نفسه بين ليفِ النخلةِ
حتى لا يرى الضفادعَ تقرقرُ من فرطِ الضحك
...

تميلُ البيوتُ على حافةِ الماءِ
كما تميلُ النخيلُ والغيومُ وزرقةُ السماءِ البارزةِ
من حافةِ الورقةِ المستطيلة
الفتاة الوحيدة التي تطلُّ من الشباكِ العريضِ
كانت تحملُ قلبَها بعينين جاحظتين
وهي تشير إلى لعبتها المعلقةِ بقرنِ الثورِ
الذي ثقبَ الغيمةَ
...

(مازن المعموري
شاعر من العراق)
كلمات البحث
الأكثر قراءة