Close ad

بالصور.. الكاتب الفرنسي سينويه: مصر عام 1801 تشبه فوضى سوريا الآن.. ومذبحة القلعة "مُبررة"

4-4-2016 | 21:45
بالصور الكاتب الفرنسي سينويه مصر عام  تشبه فوضى سوريا الآن ومذبحة القلعة مُبررةجانب من الندوة
منة الله الأبيض
قال الكاتب الفرنسي جيلبرت سينويه، إن تاريخ مصر لم يتوقف عند عصر الملكة نفرتيتي، فهناك شخصية أخرى لا يمكن إغفالها هي شخصية "محمد علي"، تلك الشخصية التي تجمع بين الرجل القومي والمؤسس والمنشئ، وهي الصورة التي طرأت على ذهنه وجعلته يشبهه بالفرعون في كتابه "محمد علي.. الفرعون الأخير".
موضوعات مقترحة


وأضاف "سينويه"، في ندوة لمناقش كتابه "محمد علي.. الفرعون الأخير"، بالمجلس الأعلى للثقافة بالقاهرة، مساء اليوم الإثنين، مستعرضًا تاريخ محمد علي: اجتمع علماء الدين والمشايخ لأول مرة في التاريخ المصري، على الاتفاق على حاكم لمصر، وهو "محمد علي"، التركي وليس الألباني كما يشيع البعض، مرورًا بانتصاراته والنهضة الحديثة التي أسسها في مصر، وسياساته التوسعية التي أغضبت الغرب وأشعرتهم بأنه لن يكون تحت سيطرتهم، ومذبحة القلعة، حتى وفاته بعد صراع مع مرض "الزهايمر"، ودُفن في صمتٍ تام، بدون جنازة عسكرية تليق به.

وشرح "سينويه"، الوضع المصري قبل مجيء محمد علي حاكمًا لمصر، معتبرًا أن تلك المرحلة شهدت فوضى تامة بدون مبالغة عام 1801، تشبه سوريا الآن، حيث يأكل الكبير الأصغر منه، ويتسلق القوي فوق الضعيف، حالة من الإحباط والفشل السياسي والاقتصادي.


وبرر "سينويه" ما فعله محمد علي مع المماليك، أو ما يُعرف بـٰ"مذبحة القلعة"، موضحًا أن محمد علي أدرك أن المماليك يمكن أن يسبببوا جرحًا عميقًا وأزمة لمصر، والحل هو القضاء عليهم جميعهم، بجمع قادتهم وذبحهم، لذلك فإن ما قام به محمد علي كان مبررًا آنذاك، لأن "نابليون بونابرت"، الذي كان مثلًا أعلى لمحمد علي قتل في "يافا" حوالي 2500 من السجناء.

وأشار "سينويه" إلى أنه قد وجّه إليه اللوم كثيرًا، عندما يتغافل الجانب المظلم والأسود في حيوات بعض الشخصيات التي كتب عنهم، موضحًا أنه حين يكتب، لا يرغب في أن يعتنق الأفكار التي يعتنقها الجميع، في أن يقول إن محمد علي ديكتاتور اعتبر مصر مزرعته الشخصية مثلًا، لكن "سينوية" يحاول أن يلقي الضوء على جوانب أخرى في حياة من كتب عنهم، ومما لا شك فيه أن حياة محمد علي بها جانب مظلم لكنه جعل مصر مستنيرة حتى القرن العشرين.


وقال: "نقطة ضعفي الوقوع في أثر الشخصيات التي كتبت عنهم، فحين نكتب السيرة الذاتية نميل إلى أن نحبهم حتى لو كان بعضم أشخاصا فظيعين".

وأوضح "سينويه" أن النظام السياسي بصفة عامة يبغضه، ولديه تشكك في رجال السياسة، ونحن نعيش في عصر تتداخل فيه جميع الأمور، فلم تعد تلعب فرنسا الدور ذاته التي لعبته في الماضي، مشيرًا إلى أن وجود رجل سياسي مستقل يتخذ قرارات محايدة قد أصبح أمرًا شبه مستحيل، واللعبة التي لعبها محمد علي، والمكانة الاستراتيجية لا يجب أن نغفلها.

واعتبر "سينويه" أن فرنسا خانت محمد علي في الوقت الأخير من حكم محمد علي، فقد أيدته طول فترة حكمه ودعمته، والتحليلات السياسية المعقدة جدًا تشير إلى أن فرنسا لم تكن لديها الشجاعة للاستمرار حتى النهاية في دعمه، وقد ارتكبت فرنسا أخطاء كثيرة، أبرزها الاشتراك في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956.

وختم "سينويه" كلمته بأن محمد علي لم يكن يحمل الجنسية المصرية، إلا أنه يجب اعتبار جميع الرجال الذين أحبوا مصر وقدموا الكثير لهذا البلد، يجب أن يعتبروا مصريين، فقد جعل محمد علي مصر بلدًا منفتحًا على العالم والعالم منفتحا عليها، حكم مصر في وقت كانت فيه بلدًا مهلهلًا ممزقًا.


فيما قالت الدكتورة أمل الصبان، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة، إن كتابات الفرنسي جيلبرت سينويه، متأثرة بالتاريخ المصري، بخاصة القرن الثامن عشر، موضحة أن كتاب "محمد علي.. الفرعون الأخير"، من أهم الكتب التي نحتاج إلى أن نسترشد بها، لنبحث في تاريخ محمد علي.

واستعرضت "الصبان"، السيرة الذاتية للكاتب الفرنسي، مشيرة إلى أنه تأثر بالقاهرة، تلك التي تحتل مكانًا خاصًا في قلبه، وغادر منها إلى بيروت واستقر في باريس، وبدأ دراسة الأدب الفرنسي، وبعد ذلك تعلم الموسيقى وتأليف المقطوعات، ثم بعد ذلك بدأ في كتابة الروايات في الأربعينيات من عمره، وحصل على جوائز عديدة منها جائزة الأدب وجائزة الرواية البوليسية، ومن أعماله: "السفير"، و"ابن سينا والطريق إلى أصفهان"، والثلاثية "إن شاء الله".


فيما قال الدكتور أنور مغيث، مدير المركز القومي للترجمة، إن مناخ مصر مناخ خصب لكتابة الروايات، سواء كانت روايات بوليسية أو رومانسية، أو غير ذلك، والتاريخ المصري في القرن التاسع عشر، يعد جوًا جديدًا وغامضًا على سرد رواية تاريخية.

وأوضح "مغيث" أنه انبهر بحجم المعرفة والحقائق والتفاصيل التاريخية لحيوات الناس في العصور القديمة، فقد قدم تقاصيل المجتمع المصري في فترة حكم محمد علي، بشكل متزن وعصري، عرفنا من خلاله التطور الهيكلي المرتبط بقيم الأفراد وعلاقاتهم ببعضهم البعض، قدمها وكأنه عاش في تلك الفترات، وكان واحدًا منهم.

وأكدت الدكتورة زبيدة عطا الله، أستاذة تاريخ العصور الوسطى، أنها تؤيد ما كتبه الراحل لويس عوض في مقالاته من أن الفترات المضيئة في تاريخ مصر كانت في عهد محمد علي والخديو إسماعيل، وجمال عبد الناصر، وأشارت إلى أن أول جيش وطني كان في عهد محمد علي، ولولا أنه أجبر المصريين على دخول الجيش، لما أصبحت لدينا قيادات وطنية مثل أحمد عرابي.

وقالت: الفترات الفوضوية تفرض على الحاكم أن يكون مستنيرًا مستبدًا، ولذلك فإن محمد علي يعتبر باعث نهضة مصر الحقيقية.
كلمات البحث