Close ad

مثقفون لـ"بوابة الأهرام" عن رحيل "إدوار الخراط": صاحب تجربة فذة في الثقافة العربية

1-12-2015 | 21:39
مثقفون لـبوابة الأهرام عن رحيل إدوار الخراط صاحب تجربة فذة في الثقافة العربية الخراط و فضل وعبد الحميد والقعيد و رمضان
منة الله الأبيض
اعتبر الناقد الدكتور صلاح فضل أن الكاتب الراحل إدوار الخراط، الذي رحل عن عالمنا صباح اليوم الثلاثاء 1 من ديسمبر 2015، عن عمر يناهز 89 عامًا، واحد من أعلام الإبداع العربي المتميزين، وله تجربة فذة في الثقافة العربية، التي بدأت بالتحدي، وانتهت بالاندماج.
موضوعات مقترحة


فقد امتلك "الخراط" في مطلع شبابه حساسية فائقة واقتدارا متمكنًا من اللغة العربية، وتعمقت تجربته، على التوازي في اللغة الإنجليزية، لكنه حُرم، من دراسة اللغة العربية، فأضمر في قرارة نفسه، أن يكون من كتابها الأوائل الذين تدور الدراسات في الجامعات العربية على إبداعهم، وأسعفه إتقانه اللغة الإنجليزية من ناحية، وانخراطه في الحركة اليسارية بالإسكندرية من ناحية أخرى، أن يصطلي بنار التجربة في شبابه مناضًلا ومبدعًا في آن واحد.

مثل "إدوار" ظاهرة فريدة بين أبناء جيله بروحه، وهويته الثرية، فتركبت هويته بأطيافها المحددة، فرعونية وبيزنطية، قبطية وإسلامية، بكل زخمها وتفاعلها الحي، في أعمال دخلت أعماق التاريخ الأدبي الوطني، بلغته ووطنه وأمته.

وفي تحليل مُختصر لمشوار "الخراط"، يُشير الدكتور شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة الأسبق، إلى أنه من ناحية الكم غزير الإنتاج، والكيف متنوع ومتعدد، فقد شق عالمه بكتاباته في القصة القصيرة والرواية، والفن التشكيلي، والكتابات النقدية، والأدب، والترجمة، إضافة إلى رعايته للأدباء الشبان الذين أصبحوا بعد ذلك، من كبار الكُتّاب، كسعيد الكفراوي، وإبراهيم عبد المجيد، ومحمود الورداني، وغيرهم.

وذلك إضافة إلى محاولاته في تجديد فن الرواية، والقص بشكل عام، بداية من أعماله الأولى "حيطان عالية" مرورًا، بـ"رامة والتنين" و"محطة السكة الحديد"، و"ترابها زعفران"، و"مخلوقات الأشواق الطائرة".

ووقف "الخراط" على مشارف الحداثة، على المسافة الفاصلة بين الحداثة وما بعد الحداثة، والاهتمام بالقضايا الكبرى، مثل الخير والشر، والحقيقة، والصدق والحب المستحيل، والعلاقة بين المرأة والرجل، والحياة والموت. وتميّزت أعماله، بالتهكم والسخرية، والولع باللغة العربية، وعالمه مليء بالأحلام.

ونعت الكاتب يوسف القعيد "الخراط" بأنه "رائد في الحداثة السردية على المستوى العالم العربي"، قدم تجربة المسيحيين المصريين وحياتهم، وحياة الإسكندرية في القرن العشرين، بصورة إنسانية، مُبتدعًا أصولًا مبتكرة في عالم الكتابة الأدبية.

ويروي الشاعر عبد المنعم رمضان ذكرياته مع "الخراط"، بقوله: في أواخر السبعينيات، وأوائل الثمانينيات، كنا ومعى كثيرون من أبناء جيلي، نبحث عن طريق للخلاص، أحببنا نجيب محفوظ وفتحي غانم، وصلاح عبد الصبور، وأحمد حجازي، ولكننا في الوقت ذاته، كنا نرغب في تحويل إنتاجهم إلى تراث، نبحث عن طريقة جديدة بمختلف عنهم، في ذلك التوقيت، عرفنا "إدوار الخراط"، كان أكبر منا، وأكثر خبرة، وكانت له مجموعتان قصصيتان افتتن بهما، هما "حيطان عالية"، وساعات الكبرياء".

"واكتشفنا أن "الخراط" بخبرته يبحث هو أيضًا عن التجديد، أو يقوم بالفعل بشق طرق جديدة، فلم يكتب الأدب العاطفي الساذج، ولا يهتم كثيرًا بإنشاء حكاية، بل عنى باللغة كغاية لا كوسيلة، وتعامل مع الأدب المكتوب ضمن سياق كامل، يشمل الموسيقى والفن التشكيلي والشعر، بهرنا "الخراط"، فلم يحاول ان يكون أبًا لنا، وأصر على أن يكون منافسًا لنا، ومع ذلك قد كتب عنا، وقدمنا إلى تلك النخبة أو الخاصة التي تقرأ أدب إدوار الخراط.

ويرى "رمضان" أن أدب "الخراط" لم يكن مرشحًا لأن يكون أدبًا عامًا ولم يسع إلى ذلك، والتجريب عنده أجبره على ألا يسعى إلى ذلك، كما يظن أنه حتى الآن لم يُقرأ جيدًا، وإن انتشرت أعماله في الثمانينيات والتسعينيات، ثم خفت تأثيرها مع تدهور الحياة الثقافية، خلال العشرين سنة الأخيرة.

وختم "رمضان" حديثه لــ"بوابة الأهرام" بعبارته: "إدوار الخراط، لم يمُت، لكنه اختفى".

وقالت الكاتبة مي التلمساني، عبر صفحتها بموقع "الفيسبوك"، عن صورة إدوار الخراط الشهيرة في مكتبه، صورته المحاطة بهالة من الكتب والمعرفة العميقة والقدرة على الإنصات والتشجيع والمراجعة والتأويل، هنا تحدثنا عن مجموعتي الأولى "نحت متكرر"، وهنا كتب عنها، هنا أعطيته نسخة من روايتي الأولى وهنا ناقشنا مشروع رواية لم يكتمل بالفرنسية، هنا كتبنا سويا رواية مسلسلة نشرت في مجلة سيدتي منذ سنوات، عام 2002 تقريبا، هنا زرناه وزرنا مكتبته بانبهار كتاب في الثلاثين من عمرهم.

ونعاه الروائي إبراهيم عبد المجيد واصفًا إياه بمعلم الأجيال، والكاتب المجدد المبشر بالأمل والكتابة في معناها العميق.

وطالب "عبد الحميد" و"القعيد" بضرورة إعادة طبع أعماله في طبعات اقتصادية، حتى تكون في متناول الجميع، لأنه يُستحق أن يُقرأ، كذلك تدشين جائزة تحمل اسمه، للمبدعين الشباب.
كلمات البحث