أكد الشاعر العراقى صلاح فائق، المقيم في الفلبين، في حواره لـ"بوابة الأهرام"، سعادته بتحقيق حُلمه بزيارة مصر، قائلا: "أن تأتي الزيارة متأخرة أفضل من ألا تأتي".
موضوعات مقترحة
وكان "فائق" قد قام بزيارة القاهرة مؤخراً للمرة الأولى، بعد مشاركته في مهرجان طنطا الدولي للشعر، فضلاً عن قيامه بعقد عدة أمسيات شعرية بالقاهرة، وإقامة حفل لتوقيع ديوانه الجديد "رباعياتي".
ويوضح: في نهاية مراهقتي كنت أحُلم بزيارة القاهرة؛ لأن قراءاتي بشكل أساسي كانت في مجلات وكتب مصرية، سواء في الشعر أو الرواية. مستدركاً: لكن ظروف الحياة أنني كنت في فترات بالعراق، إما مشغولا بأعمال سياسية أو سجينا.
ويتابع: ثم سافرت إلى بلدان أخرى بسوريا ولبنان. وخلال سنوات طويلة أقمت في بريطانيا، وبعدها أقمت في الفلبين، فلم تسنح لي الفرصة لأسباب حياتية ومعيشية، ولبعدي عن المنطقة بزيارة مصر.
ثم جاءت هذه الفرصة الممتازة، لتحقيق هذا الحلم ولو في وقت متأخر. مضيفا: الشيء الذي تحقق في هذه الزيارة كبير بالنسبة لي، سواء بالزيارة أو لقاء أصدقاء كنت أراسلهم ونتحاور عبر الفيس بوك والإيميل.أما الآن نحن نلتقي بشكل حقيقي، وسعيد بفهمهم كتابتي وتقديمي بشكل مريح للجمهور.
أصدر "فائق" ديوناً جديداً بعنوان "رباعياتي"، عن هذا الديوان يقول: بدأت نشر هذه القصائد عبر الفيس بوك، فكتب لي الأصدقاء بأنني بدأت بنشر "رباعيات" الآن، من هنا جاءت فكرة وعنوان الديوان.
ويستدرك: الرباعيات معروفة تاريخياً، ولكني لم أكن أعرف أن ما نشرته رباعيات، ولكن أعجبتني الفكرة، فاستمررت في هذه التجربة، وأشعر فيها بنوع من الجمالية والومضة والصعود إلى الذروة، وهكذا أكملت. لكني لم أخطط لكتابة رباعية.
يكتب صاحب ديوان "دُببة في مآتم" قصيدة النثر، إلا أنه يقول إنه لم يطرح نفسه كشاعر قصيدة نثر، قائلا: أنا فقط أكتب. ويرى أن عدم استخدام الوزن والبحور لا يعني أن الشاعر يكتب قصيدة نثر.
ويتابع: لا أعترض على هذه القصيدة، ولكني لا أعتبر نفسي أنتمي إلى مدرسة أو اتجاه أو مصطلح معين من هذا القبيل. لأن هذا يحد حرية اختياراتي وكتابتي.
وعن رؤيته للجدل الذي تعانيه القصيدة الجديدة يقول: لا يهمنى هذا الجدل ولا شأن لي به. أعتقد أن ما يحسم هذا الموضوع هو الاستمرار في الكتابة وإنتاج هذه القيم. الذين يتحدثون عن قيم قصيدة النثر عليهم أن يثبتوها كتابةً وليس تنظيراً.
صرح "فائق" بأحد لقاءاته بأنه يكتب كنحات أو رسام، يبدأ ولا يعرف ما سينتهي إليه، الشعر اكتشاف: ويبدو شاعرنا أنه مازل يكتشف الشعر بعد تجربته الكبيرة. وهنا يوضح مقولته: لقد أعطيت أمثلة لأصدقائي من خلال هذه المقولة.
ويشرح: أبدأ بجملة من كلمتين ولا أعرف ماذا سأقول بعدها، ثم أبدأ الاكتشاف واحتمالات ماذا سيحدث. مثل الرسم والموسيقى، لا نعرف المقطع أو الصورة المقبلة. لكننا نعمل في هذا الاتجاة. لافتاً: الكتابة عمل شاق يتطلب وقتا وجهدا وإعادة كتابة لمرات كثيرة حتى نصل لنتيجة.
يعشق صاحب ديوان "نملة تمشى في جنازة" الحيوانات، إذ لا يكاد يخلو ديوان له من أسماء الحيوانات، وهنا يكشف عن السبب قائلاً: منذ صغري أحب الحيوانات، كنت أعيش في مدينة مليئة بها، وفي شبابي عشت في الجبال لعامين، وكنت أشاهد الذئاب والدببة والأرانب والثعالب.
ويؤكد: عندى حب فطري بدائي للحيوانات. وأعتبرها جزءا كبيرا من حياة أي إنسان، بل يجب أن تكون حوله وتعيش معه. مضيفاً: عندما عشت في لندن كنت باستمرار أزور حديقة الحيوانات. فلدي ميل لأنسنة الحيوانات، وجعلها تلعب دوراً في قصيدتي وأنا سعيد بذلك؛ كونها تحقق قيماً كثيرة في القصيدة.
وعن قصة قراءته الشعر على كلبه يضحك قائلاً: هذه كانت إجابة عن سؤال طُرح علي عندما كنت في فرنسا حيث قيل لي: تعيش في جزيرة بعيدة ليس بها جمهور، فلمن تقرأ قصائدك؟ فقلت أقرأها على كلبي. ويبدو أنه يشعر بارتياح، إما من أسلوب قراءتي أو يجوز أنه يفهم أسلوب شعرى. فأثارت هذه الإجابة شيئاً من الضجة والضحك والتقدير.
لدى "فائق" 30 كتابا مترجماً لعدة لغات نشر أغلبها منذ فترات قريبة، وعن ذلك يقول: كتبت كثيراً ولكن لمدة عشرين عاماً لم أنشر حرفاً واحداً. وعندما جئت لجنوب فرنسا وبتشجيع من الأصدقاء بدأت التعرف على الفيس بوك.
تشجعت كثيراً على صياغة قصائدي وجمعها وكل ستة أشهر أنشر مجموعتين. إضافة لملفاتي القديمة التي لم تكن منشورة ومن ثم أعدت كتابتها لطباعتها.
ينتمي "فائق" إلى العراق، ذلك البلد الذي قدم لنا كبار الشعراء أمثال نازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي، وبدر شاكر السياب وآخرين. إلا أنه يرى ذلك البلد يخلو الآن من أي مشهد شعري.
ويستطرد: كل شيء مات وانقرض بسبب احتلال العراق وتحويله من بلد ثقافي كبير وحضاري إلى بلد مستعمر. وتحول المجتمع إلى طوائف تتقاتل. فقد البلد هويته الثقافية والحضارية والشعرية السابقة.
وعما إذا كان ينوي العودة إلى العراق، الذي ابتعد عنه عدة عقود يؤكد: أنا لن أعود أبداً حتى إذا تغير العراق، الذي أرى أنه أنه حتى بعد مائة عام لن يعود إلى أصله.
ويشير: العراق بلد محتل من أمريكا وإيران. تحول شعبه إلى طوائف. وحدثت مجازر ومذابح رهيبة، ذهب ضحيتها مليون عراقي قتيل وتشرد الملايين كمهاجرين. هذا العراق القديم لم يعد لنا. فلمن نعود؟ إضافة إلى أن كل أهلي تقريبا ماتوا بسبب سرطانات القنابل الأمريكية والمجاعات فلم يبق لي شيء بالعراق.
ينشر صاحب ديوان "غيمة في غرفة الضيوف" قصائده مؤخراً عبر الفيس بوك إذ يؤكد إعجابه بهذا الوسيط، حيث يرى أنه قدم له خدمات جليلة، ويقول: أعاد لي علاقات كانت مقطوعة مع أصدقاء كثيرين. كما أسس لعلاقات جديدة.
وأردف: قدم الفيس لى تسهيلات من ناحية نشر القصائد وجمعها وتحويلها إلى PDF ثم طبعها بكتاب وهذا شيء رائع. سابقا كنا نمكُث سنوات ننتظر رحمة أي ناشر. الآن يمكن للشاعر أن يحول كتابه إلى صيغة إلكترونية.
وفيما يتعلق بظاهرة الشاعر النجم يؤكد: لا أعرف عن هذه الظاهرة شيئاً. لأني لست متابعاً لها. ولكن أعتقد أنها أمر إعلامي، تتبع أما مؤسسة إعلامية أو حكومة معينة لأسبابهم الخاصة.
ويرى أن هذا لا يضيف ولا يغني الشاعر أو الجمهور. مضيفاً: إذا كان هذا شاعرا مختلفا ولديه حس نقدي ويضيف ويقدم عملا شعريا جميلا لا أعتقد أنه سيكون مقبولا إعلامياً أو رسمياً.