للمرة الأولى يتم الحديث عن جائزة نوبل خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب، أشهر وأكبر جائزة في الآداب، حيث قدم الباحث والمترجم زكريا أحمد ضمن الفعاليات الثقافية للدورة الرابعة والثلاثين لمعرض الشارقة الدولي للكتاب محاضرة حول جائزة نوبل، منذ بداياتها، معرفاً بها وبصاحبها، ولماذا جاءت وفي أي الحقول، لافتاً إلى أن صاحبها هو ألفريد نوبل مخترع الديناميت.
موضوعات مقترحة
وبدأت الجائزة منذ عام 1901 ومنحت حينها لشاعر فرنسي على الأرجح لا يستحقها، حسب أحمد، فهو ليس من الصف الأول ولا الثاني، ولفت إلى أن الفريد نوبل، سويدي الجنسية، ولد عام 1833 وتوفي عام 1896، وفي عام 1895 قرر أن يطلق مجموعة من الجوائز، بلغ عددها خمس جوائز في خمسة فروع، من بينها جائزة نوبل للآداب، تمنح لمن ينجز عملاً مثالياً يسعد البشرية.
وأضاف: وللجائزة لجنة تتكون من 18 عضوا، وهذه الجائزة جاءت في القرن التاسع عشر، وها هي ذي اليوم تصل إلى القرن الحادي والعشرين بالنهج والأسلوب والأخطاء أنفسهم، فهي متذبذبة، وليست شفافة ولا تمتلك معايير واحدة.
وتابع: هناك عدة أمثلة على ذلك، من بينها أنها مُنحت عام 1953 لونستون تشرشل السياسي البريطاني الشهير، ولم يتوقف هذا النهج الخاطئ في منح الجائزة منذ السنة الأولى، واستمرت في منتصف القرن العشرين، وما زالت حتى الآن كذلك، حيث تم منحها لصحافية روسية، ولفت إلى أن عدداً كبيراً من الأدباء الذين حصلوا على نوبل لا يستحقونها، مشيراً إلى أن السياسة كان لها تأثير دائم على الاختيارات، مع أنهم يقولون غير ذلك.
ولفت إلى احتمالية تدخل "سي آي إيه" من أجل منح الجائزة إلى الروائي الروسي المنشق "السوفياتي"، سولينجستين، الذي تم منحه الجائزة مع أن الشروط لا تنطبق على الرواية، من حيث الشكل والمضمون والإجراءات، لافتاً إلى أنه وفق شروط جائزة نوبل كان من المستحيل أن تدخل تلك الرواية في الترشيحات. موضحاً أن من يحق له أن يرشح أحداً للجائزة، هم كل المؤسسات الثقافية في العالم، وكل الذين فازوا في نوبل، ومن تختارهم اللجنة من الشخصيات.
وأشار إلى أنه في أول فبراير تتوقف الترشيحات، وبين فبراير ومايو هناك القائمة الطويلة المكونة من 120 اسماً، ومن ثم يتم اختيار خمسة من بينهم، ومن بين الخمسة سيكون الفائز. وقال: العام الماضي صدر كتاب تحدث عن دور السي آي إيه في الوصول إلى نوبل.
وأضاف: "نوبل أكبر وأشهر جائزة مليئة بالمتناقضات والاختيار السيء، مثلاً أحد الفائزين في إحدى السنوات كان مهرجاً إيطالياً، إنها جائزة لا يوجد فيها شفافية، فلا أحد يعرف الأسماء التي تشارك، والتي تصل للقائمة الطويلة، وغير ذلك من التفاصيل".
وأشار إلى أن جائزة نوبل وفق المتعارف عليه مفتوحة لكل التيارات الأدبية والثقافية، لكن الأعضاء، حسب وصفه، لا يجيدون كل اللغات، وبالتالي كيف يقومون بالاختيار، وأشار إلى أنه تقدم لجائزة العام الماضي 222 أديباً، وتم اختيار 20 من بينهم، ولا أحد يعرف من هم أولئك.
وذكر أحمد أن الجائزة جمعت كل المتناقضات في سلة واحدة، وأنها دخلت القرن الحادي والعشرين بعقلية القرن التاسع عشر، وبالتالي يرى أنه قد آن الأوان لأن يعاد النظر بالجائزة ومعاييرها وأسسها ومختلف تفاصيلها.
واختتم زكريا حديثه قائلاً عن الجائزة: "كأنها مخصصة لأوروبا والغرب عموماً، ففي نظرة سريعة على مدار 114 عاماً: فرنسا 15 فائزاً، وبريطانيا 10 فائزين، وأمريكا 10 فائزين، بينما الهند فائز واحد، والصين فائز واحد رغم أنه منشق ولم تعترف الصين به. ويبدو أن لها موقفا من المرأة، فلم تفز المرأة إلا 12 مرّة فقط. وتابع: أكرر بأنها غير شفافة، ومتناقضة في المعايير والاختيار والتفسير، وتحتاج إلى تغييرات جذرية".
في سياق متصل، نظم "المقهى الثقافي" ندوة تحت عنوان "إبداعات.. ملكية تستحق الحماية" بهدف تعريف المؤلفين بأهمية معرفة حقوقهم وواجباتهم وما لهم وما عليهم، حيث تحدث بالندوة جمال الشحي مدير دار كتّاب للنشر، وعبد الرحمن النعيمي أمين سر جمعية الملكية الفكرية والباحث القانوي منير شريف، وأدارها المحامي عبدالله دعيفس.
وناقشت الندوة عدة محاور كان أهمها، "المتخصصين في المنتج الفكري" ودور الكتاب في حماية أفكارهم، وأهمية تعريف الكاتب والمؤلف بالمحافظة على ملكيته الفكرية.
وتحدث عبدالرحمن النعيمي في بداية الندوة، عن دور الإمارات في المحافظة على الملكية الفكرية، حيث تم تأسيس جمعية في نهاية عام 2010، تمثل القطاع المدني "الملكية الفكرية"، مؤكداً أن دور الجمعية التي تم تأسيسها هو الترشيد ومراقبة الأعمال الإبداعية في الكتابات كافة والمحافظة عليها، لافتاً إلى الإبداعات التي شاهدها في المعرض.
من جانبه تناول جمال الشحي ثقافة معرفة الحقوق التي وصفها بأنها غائبة عند الكثير من الكتاب والمؤلفين، لافتاً إلى أنه لا يلومهم كونهم لا يعرفونها، ولكن لهم الحق بمعرفتها من قبل الناشرين، فهم أصحاب الأعمال التي يقوم الناشرون ببيعها، حيث أن الناشر يكون ملزما ببيع النسخ لفترة زمنية معينة من مؤلفات الكاتب، وبعد انقضاء هذه الفترة، فيجب أن ترجع الحقوق للمؤلف ولكننا نرى العكس.
أما منير شريف فتحدث عن قانون دولة الإمارات في حماية حقوق الكتاب والناشرين من ناحية الملكية الفكرية، التي منها حقوق المؤلف التي تحتوي على أكثر من 50 مادة قانونية تحميه، مؤكداً على وجود بيئة قانونية في الإمارات تضمن حفظ الملكية الفكرية.
كما ناقشت ندوة ثالثة موضوع الحراك الثقافي وأهميته بالنهوض بالمجتمعات الإنسانية، وتشكيل وعيها الجمعي القادر على تحقيق النماء والازدهار، وذلك من خلال ندوة تحت عنوان "ثقافة الآتي"، بمشاركة كل من الكاتب والناقد العربي الدكتور محمد برادة، والصحفي والكاتب والباحث الإماراتي ماجد بوشليبي، والصحفي والروائي السوداني حمور زيادة، وأدارها الكاتب والناقد عزت عمر.
في كلمته قال د.محمد برادة: الموضوع المقترح للنقاش يحتاج إلى إعادة تحديد، فإذا سلمنا أن هناك حراكا ثقافيا عربيا وأن ما ينقصه هو التنمية نكون قد قفزنا إلى ما فوق الواقع؛ فالبرغم من أن استعمال اللغة الواحدة يعتبر ميزة، فإن مايمثله الواقع الثقافي في الوطن العربي أقل مما تطمح إليه الشعوب، ولنكون أكثر واقعية ودقة وليكون النقاش أوضح فلابد من إعادة صياغة الموضوع.
أما بوشليبي فقال: مررنا بتجربة تحول كبيرة وعظيمة، فالإمارات كمنطقة "جيوسياسية" محاطة بثقافات متعددة منذ تاريخ بعيد حيث كانت معبراً للتجارة من أقصى الغرب إلى أقصى الشرق، واستطاعت أن تحقق تلاقحاً وتلاقياً فكرياً، هذه المحددات أوجدت ثقافات الإمارات العربية.
في حين قال زيادة: تعتبر الثقافة أحد أعمدة التنمية للمجتمعات المحلية، وهي تعني مقدرة الإنسان على تصنيف وترتيب الأفكار وتطبيقها في حياته الخاصة، وبهذا المعنى كل دولة لها ثقافاتها المحلية.