Close ad

بالصور.. التشكيلي ياسر منجي لـ"بوابة الأهرام": أتمرد على تجربتي بالبحث والتجريب

8-7-2015 | 11:06
بالصور التشكيلي ياسر منجي لـبوابة الأهرام أتمرد على تجربتي بالبحث والتجريبالفنان التشكيلى ياسر منجى
حوار - سماح إبراهيم
قال الناقد والفنان التشكيلي الدكتور ياسر منجي: إن البحث والتجريب يمثلان محورًا أساسيًّا من محاور تجربتي بصفة عامة، بل وإلى درجة قد تصل للتمرد في بعض الأحيان.
موضوعات مقترحة


ودلل "منجى" فى حواره لـ"بوابة الأهرام" على قوله بمراحله السابقة، مشيرا إلى فوزه في الدورة العاشرة من صالون الشباب بالجائزة الكبرى، وكانت المرّة الأولى التي تحظى فيها أعمال جرافيكية (حفر) بهذه الجائزة المرموقة، التي كانت قبل ذلك شِبه موقوفةٍ على مجالات أخرى كالتصوير والعمل المركب.

أعمال الفنان التشكيلي الفنان التشكيلى ياسر منجى

وأضاف: في الدورة الـ11، نلت "جائزة الصالون" بمجال التصوير، وهو ما كان مثار دهشة الكثيرين من الزملاء والنقاد، الذين رأوا أن مشاركتي وقتها بمجالٍ غير مجال تخصصي أمرٌ لا يستقيم مع (المنطق).

وتابع: غير أنني كنت أرى عكس ما يرون؛ إذ كان أهم شيءٍ في تقديري – ولا يزال – هو فكرة "التجربة والتجريب"، ومحاولة توسيع المدارك وسلك مسارات غير مطروقة، التي هي في النهاية جوهر القِيَم المنشودة في صميم تجربة أي فنانٍ مخلصٍ لرؤيته الذاتية، بعيداً عن أي حساباتٍ قد تُمليها ضرورات الجوائز أو آليات السوق.

وأردف: سرعان ما قدمتُ دليلاً عملياً على ذلك في الدورة الـ13، حين نِلتُ الجائزة الثالثة في مجالٍ مختلف، هو الرسم، ليتخذ بعدها منحنى التحولات اتجاهاً آخر، حين قررتُ أن أتفرغ تماماً لمُعتَرَك النقد التشكيلي، فكان أن حصلت في الدورتين الـ14 والـ15 على الجائزة الأولى في مجال النقد التشكيلي، لتكون خاتمة لمشاركاتي في الصالون، وتم في أعقابها تكريمي ضِمن عشرة من أبناء الصالون، في معرض جماعى بعنوان "نجوم الصالون"، أقيم بالتوازي مع الدورة الـ16 من صالون الشباب عام 2004، لتكريم الفنانين الذين سبق لهم الحصول على الجائزة الكبرى بالصالون، والذين سجلوا على امتداد دوراته إنجازات تستوجب التنويه.

أعمال الفنان التشكيلي الفنان التشكيلى ياسر منجى

وذكر منجى: لقد آثرتُ في هذا المعرض أن أقدم عملاً مُرَكّباً "تجهيز في الفراغ"، وهو ما رآه البعض مغامرة في غير محلها، نظراً لأن تكلفة العمل كانت كبيرة، ولم يكن يعوضها مقابل، سواء من الجوائز أو مقتنيات الدولة أو الأفراد، لطبيعة العمل المركب من ناحية، ولكون المعرض معرضاً تكريمياً من ناحية أخرى. غير أنني أصررتُ، وعرضتُ عملاً مستلهماً من تراث التصوف لدى "جلال الدين الرومي"، ممزوجاً بمجسمات نحتية متحركة، مستلهمة من أشكال آلَتَي "الأسطرلاب" و"الجيروسكوب".

أعمال الفنان التشكيلي الفنان التشكيلى ياسر منجى

ينشغل "منجى" أيضاً بتناول التراث إلى حدٍ بعيد؛ وهو ما ظهر في العديد من تجاربه الفنية المتنوعة. ومنها معرضه "مناخوليا": حوار مع ديورر"، وهو معرضٌ قامت فكرته على حوار بصري مع تراث واحد من أهم أساطين عصر النهضة الشمالية، وهو الفنان "ألبرشت ديورر"، وذلك من خلال عمله المعروف باسم "ميلانخوليا".

وأشار "منجى" إلى أن كلمة "ميلانخونيا كثيراً ما تستخدم لدى العوام خارج إطارها الطبي، وفق التحريف اللفظي (ماناخوليا)، وبمعنى غير المقصود منها، كما تستخدم بمعنى الاضطراب العقلي أو التشوش الذهني.

ولفت إلى استخدامه لها بالمعرض تفكيكاً للوحة "ميلانخوليا" بجميع مفرداتها، ومن ثم إعادة بنائها برؤى خاصة، من خلال فهمه الخاص لفكرة الاضطراب والتشوش الذهني، والرموز البصرية والثقافية للعصور الوسطى، وتداخلاتها مع مفاهيم السحر وطاقة الكون وغيرها من الأفكار.

وفى إطار سعيه للتجديد ضم معرض "منجى" الأخير "إنشاء الدوائر: تحية لابن عربى" مجموعة من الأعمال الفنية المنفذة بوسائط جرافيكية يدوية، اعتمد فيها بشكل أساسي على طريقة الطباعة الفنية بالقوالب الخشبية الملونة.

وأرجع "منجى" السبب الأساسي لاستخدامه طريقة الطباعة بالقوالب الخشبية – أو الطباعة من سطح بارز، لكونها واحدة من أعرق طُرُق فنون الجرافيك اليدوية، إن لم تكن أعرقها على الإطلاق؛ إذ تضرب بجذورها في تقاليد فنون الشرق الأقصى، مروراً بأوروبا خلال العصور الوسطى، آخذةً في التطور عبر المدارس الفنية المختلفة، وصولاً إلى الأشكال المعاصرة في التناول التقني والفكري.

وأكد: من هنا فإن اختيار هذا الوسيط الطباعي، يُعَدُّ محاولة لإحداث نوع من التوازي بين المحتوى التراثي العريق، الذي يمثله تراث "ابن عربي"، والذي تمتزج به أفكار تعود بدورها لحضارات قديمة وثقافات مختلفة، وبين الوسيلة الأدائية التي يتم بها تنفيذ الجانب البصري لتجربة المعرض، وهو ما يعني باختصار: محاولة التوفيق بين الجانب الفكري والجانب التقني في التجربة، عن طريق اختيار الوسيط الملائم لطبيعة المحتوى.

يرى "منجى" أن مشكلة فهم اللوحة أو غموضها بالنسبة للمشاهد قضية تعتمد في المقام الأول على ثقافة المشاهد، أو المتلقي بالمفهوم المعاصر لفكرة المشاهدة التفاعلية.

وهذا السؤال في حد ذاته من ضمن الأسئلة التي تكاد يكون طرحها قاصراً فقط على النطاق المحلي، لعدة عوامل يطول شرحها، يمكن تلخيص أهمها في ضعف ثقافة الفنون البصرية لدينا، مقارنة بغيرها من ألوان الثقافة وأنماطها، وذلك كنتاج نهائي لسلسلة طويلة من سوء العلاقة بين المناهج التعليمية والفنون، والضعف الكبير والملحوظ في الدور المتحفي الفني، وانحصار تداول الأعمال الفنية واقتنائها.

وتابع: بالتالي القراءة عنها وفهمها، بين أفراد شرائح مجتمعية قليلة، وهو ما يؤدي في النهاية لعدم اكتراث الشريحة العظمى من المواطنين بالفنون البصرية، إضافةً لعدم متابعة مستجدات الطرح الفني المعاصر على مستوى العالم، حتى بين كثيرٍ من المحسوبين على الفن والنقد، مما يؤدي لانغلاق الرؤى، التي تظل دائرة في فلك مفاهيم عفى عليها الزمن، تتناول الأعمال الفنية المعاصرة تناولاً من خارج سياقها، وتحاول فهمها قياساً على شروط لا يمكن اختبارها إلا على مذاهب وأساليب فنية قديمة، يَصعُب تعميم أفكارها خارج سياق زمنها وظروفها الخاصة التي كانت تبررها وقت ظهورها وازدهارها، قبل أن تفقد مبررات تألقها وتخبو، تاركة المشهد لنماذج أخرى وليدة لحظتها.

الذات الإبداعية عند الفنان، هل تمحورها المدرسة التي ينتمي إليها؟ يرى "منجى" أن هذا الأمر من الإشكاليات التي ما زالت تؤدي إلى لَبسٍ كبير على المستوى المحلي، سواء على مستوى التَلَقّي العام أو التناول النقدي المتخصص، حيث إصرار عدد كبير من المُتَلَقين، إضافة إلى العديد من الفنانين والنقاد، على محاولة تصنيف الفنانين وفق النماذج التاريخية لمفهوم المدارس الفنية.

وأردف: هي تصنيفات لم يعُد معمولاً بها على الإطلاق في إطار الممارستَين الفنية والنقدية المعاصرتَين؛ حيث أصبح كل فنان يكاد يمثل حالياً مدرسة قائمة بذاتها، ولم يعد أحدٌ مضطراً لتكرار قوالب منهجية محددة وضعتها مدرسة سالفة، كما لم يعد الانتماء لجماعة فنية أو تيار محدد أمراً ذا أهمية على أي مستوىً من المستويات.

والخلاصة أن الذات الإبداعية للفنان تتبلور معالمها وفقاً لشروط تتعلق بتكوينها الخاص، وكيفية تفاعل هذا التكوين مع كافة المعطيات والمُدخَلات التي يتفاعل معها المبدع، سواء في إطار محيطه المحلي أو في سياق الجاري عالمياً.
كلمات البحث
الأكثر قراءة