ما قبل عصر «السوشيال ميديا»، كان الفنان يعيش في جزر منعزلة عن الجمهور، وأحيانا يضطر إلي اللجوء للشارع لمعرفة همومهم ومشكلاتهم، حتي يستطيع التعبير عنها بصوته، لكن مع دخول العصر الرقمي بات الأمر أسهل كثيرا، وغيرت السوشيال ميديا من تواصل الفنان بجمهوره، فأصبح الالتقاء بهم أسهل عبر إحدى منصاتها، والتواصل أيسر للاطلاع على أفكارهم، ومسايرة التطوير والتجديد الموسيقي، وهذا ما يحرص عليه النجم اللبناني عاصي الحلاني، خاصة أنه من الفنانين الذين يعبر صوتهم عن لسان حال الشعب.
موضوعات مقترحة
«السوشيال ميديا» صنعت نجومية العديد من الموهوبين.. واليوتيوب سيف ذو حدين، حيث أكد الحلاني أن السوشيال ميديا باتت جزءا لا يتجزأ من حياة الفنان، لافتا إلى أن الأمر في البداية كان يزعجه، ولكنه أدرك في النهاية أهميتها إذ بات يعتمد عليها في الترويج لأعماله وحفلاته الغنائية، ومشاركه الجمهور أفكار البوماته.
التقت «لغة العصر» بالفنان عاصي الحلاني لمعرفة دور «السوشيال ميديا» في حياته كفنان، وكيف تم تطويع الطفرة التكنولوجيا في تطوير موسيقاه.. وإلى نص الحوار:
- لنبدأ معك من عند الظاهرة الكورونية الطارئة التي عصفت بالعالم.. أمام هذا الواقع الجديد والحالة الراهنة إلى أي مدى لمست جدوى المنصات الإلكترونية التي عجت بالمحتوي الفني بعد إغلاق المسارح وتعليق الأنشطة والحفلات الغنائية لمحاصرة الوباء؟
من حسن حظ البشرية أن أتت هذه الجائحة "فيروس كورونا" في زمن الرقميات والبرمجيات الحديثة التي أتاحت للفنانين مجالات واسعة لمواصلة نشاطهم الفني، على عكس أزمنة ما قبل الثورة التكنولوجية الكبرى، التي لم يكن متاحا لها سوى الانعزال، فقد اتجه عدد كبير من الفنانين والمبدعين والمثقفين من تنظيم المهرجانات الثقافية والغنائية عبر منصات التواصل الاجتماعي والتطبيقات الرقمية وهو ما يمثل حالة إيجابية.
عاصي الحلاني
- هل ترى أن المنصات بديل مؤقت لحالة العزلة الراهنة التي فرضها فيروس كورونا؟
المنصات الإلكترونية والسوشيال ميديا باتت واقعا مفروضا وليس حلا مؤقتا، وعلينا كفنانين أن نساير الموجة الرقمية خاصة بعدما باتت "لغة العصر" الآن.
لجأ عدد كبير من نجوم الغناء العربي إلى "السوشيال ميديا" لإقامة حفلات غنائية، نجح أغلبيتها وحققت أصداء إيجابية، هل يمكن أن تدخل في منافسة شرسة مع حفلات "لايف"؟
الظروف الراهنة التي فرضتها أزمة الكورونا، أدت لإيقاف المهرجانات الغنائية نتيجة التباعد الاجتماعي، فهل يعني ذلك أن نتوقف حتى تنحسر الأزمة؟ بالتأكيد لا، المبدع هو الذي يستطيع أن يحول الأزمات إلى فرص، فلما لا يتم استثمار هذه التقنية لتحقيق ما يتطلع له الفنانون والموهوبون في نشر كلمتهم وتفعيل دورهم والتقائهم في العالم الافتراضي، خاصة أن المجتمع الثقافي والفني من أكثر المجتمعات المتضررة من الوباء، فعدم توفر الفرص لعقد الندوات والمهرجانات الغنائية دفعت بالمبدعين إلى اللجوء إلى منصّات التواصل الاجتماعي لإثبات وجودهم وتفاعلهم مع ما يحدث، ولا يمكن للكلمة أن تبقى سجينة إذ لابد لها أن تبحث هنا وهناك عن منبر لتنطلق من خلاله، فكانت وسائل التواصل الاجتماعي المنبر الوحيد المتاح في ظروف الحصار هذه، وطوق نجاة للفنانين في التواصل مع الجمهور، ولكن هذا لا يعني إلغاء عصر حفلات اللايف.
إذا تحدثنا عن الـ "يوتيوب" باعتباره أحد أشهر مواقع الفيديوهات المجانية، أبرزت هذه المنصة موهوبين وأنصاف موهوبين. كيف ترى ذلك؟
اليوتيوب سيف ذو حدين، فهو بالفعل ساهم في تقديم مبدعين وتعريف الجمهور بهم، وصنع نجومية البعض منهم، كما ساهم أيضا في تقديم أنصاف الموهوبين، ولكن اللوم لا علي الـ"يوتيوب" وإنما في الثقافة والفكر، هو منصة مجانية متاحة للجميع، وفي النهاية الساحة متاحة للجميع والفن أذواق والجمهور يتجه للذوق الذي يروق له.
كيف أثر "يوتيوب" والمنصات الغنائية الرقمية على سوق الألبومات؟
العصر الرقمي طغي على سوق الألبومات، أغلب الفنانين يميلون إلى طرح أغانيهم بشكل منفرد عبر موقع يوتيوب، ومنصات الغناء الرقمية، إلى جانب عمليات القرصنة، حيثُ يتم تحميل الأغاني وطرحها عبر يوتيوب، وقد أدركت شركات الإنتاج ذلك وباتت متمكنة في التعامل مع الأمر بذكاء، لأنه كما قلت سلفا نحن أمام واقع لا يمكن تغييره، فهناك شركات إنتاج تقوم بطرح قناة خاصة بها على يوتيوب وتحميل أغاني الفنان الخاصة بعد التعاقد معه، يجب أن نساير الموجة، لكن لا نقضي بدورنا على سوق الألبومات، حيثُ أحرص على إنتاج البوكات خاصة بي لأنني أراها الأرشيف الحقيقي للفنان.
ما أهمية "وسائل التواصل الاجتماعي" بالنسبة لك؟
أفادتني كثيرا، لاشك في البداية كان الأمر مزعجا بالنسبة لي، خاصة بعدما وجدت اقتحاما من البعض في حياتي الشخصية التي باتت متاحة للجميع، لكن أي تطور في العالم له إيجابيات وسلبيات، ومزايا مواقع التواصل الاجتماعي تتفوق على مساوئه، حيث أستطيع من خلالها محاربة الشائعات التي تطاردني بين الحين والآخر بحكم طبيعة عملي كفنان، حيث أقوم بتصحيح المعلومات المغلوطة التي تتداولها مواقع "بير السلم" على حساباتي الشخصية بمواقع التواصل الاجتماعي.
عاصي الحلاني
ما هي أكثر المنصات ارتيادا ومتابعة لدي الجمهور العربي والأكثر تأثيرا أيضا؟
يعتبر فيسبوك أكثر المنصات ارتيادا لسهولة التعامل معه، فهو موقع بسيط وسلسل، ولكن أنا شخصيا أفضل تويتر عندما أريد توجيه رسالة معينة للجمهور، وإنستاجرام لمشاركة جمهوري خطواتي الفنية الجديدة، أما عن المنصات الأكثر تأثيرا فهي فيسبوك وتويتر.
هل «السوشيال ميديا» باتت بديلا لوسائل الترويج التقليدية التي كانت مقتصرة على الملصقات بالشوارع، والإعلان بالجرائد؟
هي ليست بديلا وإنما مساعد، وإن كانت السوشيال ميديا من وسائل الترويج الأنجح والأوفر في ذلك الوقت، حيث بإمكان أي شخص الترويج لفكرته أو منتجاته أو موهبته بشكل جيد عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث يصل لأكبر قاعدة جماهيرية، وكل هذا لا يتطلب أموالا فهي خدمة مجانية لذا زاد الطلب والاعتماد عليها بشكل كبير، مقارنة بوسائل الترويج التقليدية التي تحتاج لأموال كثيرة. ولم يكن نشر الأعمال الهدف وحده منها الترويج لها، بل رصد ردود الأفعال يعتبر هدفا آخر وأهم من الترويج للعمل، حيث أشارك جمهوري بعضا من فقرات الأغنية التي أقوم بتحضيرها أو برومو تحضيري مرفقًا بسؤال "رأيكم إيه؟" منها دعاية للأغنية الجديدة وأخرى معرفة ردود أفعال الجمهور حولها.
عاصي الحلاني كيف استفاد من التكنولوجيا في تطوير أفكار ألبوماته؟
من خلال مواقع التواصل الاجتماعى يمكن أن تصل بسهولة إلى فئات جديدة من الأشخاص من مختلف التوجها ،يمكن من خلالها معرفة نتائج ما أقوم به، ومعرفة ردود أفعال الجمهور حول أعمالي الغنائية، ومواقع التواصل الاجتماعي تساعدني أيضا فى فهم متابعيني وجمهوري وما يهتمون به، وهذا عن طريق تقديم تقارير عن نسب المشاهدات لكل منشور.
بعد أن استعاض بعض النجوم عن الآلات الموسيقية والتدوين الموسيقي بأجهزة التسجيل الإلكترونية، كيف تغيرت معالم الأغنية العربية؟
أولا يجب الاعتراف أن الموسيقى العربية الناجحة لا تعيش بمعزل عن موجة التطور التكنولوجي، النجاح سهل لكن استمراره صعب، وهنا يجب على الفنان الذي يريد مواصلة النجاح الذي بدأه مواكبة الحداثة والطفرة التكنولوجية، ولكن دون المساس بروح الموسيقي وثوابتها الجمالية.
ألبومك الجديد متي سيكون موجودا على "يوتيوب"؟
الألبوم تم إرجاؤه أكثر من مرة بسبب ظروف كورونا، إلى جانب الأحداث المأساوية التي تمر بها بلادي لبنان، ولكن قريبا سيكون متاحا على اليوتيوب.