Close ad

في الذكرى الـ 103 لميلاد الزعيم.. رسائل ناصر وكيندي الفلسطينية.. الرئيس الأمريكي يكتب حول القضية « العاطفية»

15-1-2021 | 14:53
في الذكرى الـ  لميلاد الزعيم رسائل ناصر وكيندي الفلسطينية الرئيس الأمريكي يكتب حول القضية « العاطفية> ناصر يستقبل مذيعي شبكة « كولومبيا» الأمريكية بحضور هيكل
يسرا الشرقاوى
الأهرام اليومي نقلاً عن

تحل اليوم الذكرى 103 لميلاد الرئيس المصرى الأسبق جمال عبدالناصر ( 15 يناير 1918ــ 28 سبتمبر 1970).

موضوعات مقترحة

وفى مثل هذه الأيام أيضا، وقبل 60 عاما بالكمال والتمام، كانت علاقات الحكومة الناصرية تمر بمرحلة تحول إيجابي بدعم من حكومة الرئيس الديمقراطى جون كيندى (29 مايو 1917- 22 نوفمبر 1963).

وقتها وثقت الأهرام حركة المراسلات النشطة ما بين الرئيسين الأمريكى والمصري. فقد كانت العلاقات الثنائية تشهد نشاطا إيجابيا وتتجه نحو مزيدا من التفاعل، وإن جاء اغتيال كيندى وتولى خلفه ليندون جونسون ليضع حدا لهذه التطورات الإيجابية. وكانت أهم محطات رسائل التقارب، ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، وما كان من توافق الزعيمين حول حقوق اللاجئين الفلسطينيين على أساس «مبدأ العودة أو التعويض عن الممتلكات».


كان كيندى يوالى القضية الفلسطينية اهتماما متذبذبا، إذا كانت من أهم بنود «أجندته الانتخابية» فى أغسطس 1960. ودكنها هي القضية ذاتها التي وصفها كنيدي، وفقا للأهرام، بأنها «بالغة التعقيد».

بخلاف الشأن الفلسطيني، شهدت العلاقات الأمريكية ــ المصرية قدرا من الانفتاح، كان من مؤشراته اختيار الدكتور جون بادو، الذى عمل من قبل أستاذا ورئيسا بالجامعة الأمريكية، ليكون سفير أمريكا لدى القاهرة، والذى أكد وفقا إلى تغطية «الأهرام» فى 22 يونيو 1961، شوقه الشديد للعودة إلى العاصمة التى عرفها سابقا، كاشفا عن تكليف من جانب كيندى بتوثيق العلاقات مع «الجمهورية العربية المتحدة»، فى إشارة إلى اتحاد مصر وسوريا والذى تم إعلانه فى 22 فبراير 1958.


رسالة كيندي.. ومصير اللاجئين

زادت الأهمية الاستراتيجية لرسالتى فلسطين بين الزعيمين الأمريكى والمصرى، عندما بادرت لاحقا «الأهرام» تحت لواء رئيس تحريرها وقتها محمد حسنين هيكل، بنشر النص الكامل للرسالتين فى عدد 21 سبتمبر 1962، وذلك تحت عنوان « بصراحة: أخطر الوثائق ــ النص الرسمى والحرفى لخطابين تبادلهما كيندى وعبد الناصر بشأن فلسطين فى صيف 1961». والهدف كان رد اتهامات بعض الأطراف العربية بشأن سياسة ناصر وقتها إزاء القضية الفلسطينية.

وتم نشر نص الرسالتين بعد مقدمة كتبها العملاق هيكل فى ملحق الجمعة بالعدد نفسه. فأورد أولا رسالة كيندى إلى ناصر ، وكان بعض ما جاء فيها كالتالي:

«البيت الأبيض ،

واشنطن،

11 مايو 1961،

عزيزى السيد الرئيس

لقد تركز اهتمام العالم فى الاشهر الاخيرة حول عدد من المواقف الدولية القابلة للانفجار، والتى يمكن ان تظهر نتيجتها الفرق بين الحرية والعبودية، وبين السلام والحرب، بالنسبة لملايين عديدة من الناس، وربما بالنسبة للجنس البشرى كله فى نهاية الامر. واعلم ان هذه المشاكل أثارت اهتمامكم العميق، كما اثارت اهتمامي، وانى على كل حال، واثق من انكم تشاركوننى فى الاعتقاد بان من الممكن تبديد السحب المتجمعة فى سماء الموقف الدولى الآن بفضل الجهود التى يبذلها باخلاص الرجال ذوو النيات الطيبة فى كل مكان بالعالم...»

و ينتقل كيندي لاحقا: «وانى منذ أن توليت الرئاسة فى يوم 20 يناير، وان كنت قد شغلت كثيرا بالعديد من المسائل الدولية التى اقتضت الاهتمام العاجل بها.. وكثيراً ما اتجهت أفكارى نحو الشرق الأوسط ، تلك المنطقة التى أسهمت كثيراً فى التراث الدينى والثقافى السائد فى العالم اليوم، والتى مازالت تنطوى على إمكانات عظيمة للمساهمة فى الحضارة...» ويكمل: «وانى لفخور كذلك بالتشجيع الحقيقى الذى قدمته حكومتى والشعب الامريكى لامانيكم وامانى مواطنيكم، فيما مضى، خاصة اثناء ايام عام 1956الحرجة. إن حكومة الولايات المتحدة ــ وهى فى حد ذاتها نتيجة لاتحاد تم بين عدة ولايات مستقلة ــ سرها ان تعترف بقيام الجمهورية العربية المتحدة يوم 22 فبراير سنة 1958، وهو يوم مولد واشنطن اول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية...»

ويحول الشزن الفلسطيني تحديدا، كتب كنيدى إن «النزاع العربى الإسرائيلى باق دون حل، وانى اعلم ان ثمة مشاعر عاطفية عميقة متصلة. إن الحكومة الأمريكية والشعب الأمريكى يعتقدان أنه من الممكن إيجاد تسوية مشرفة ومتسمة بطابع إنسانى وهما مستعدان للمساهمة فى الأعمال والأعباء التى لا بد أن تنجم عن حل لمثل هذه المشكلة العويصة إذا رغب الأطراف الذين يعنيهم الأمر فى هذه المساهمة إننا مستعدون فى حل مأساة مشكلة اللاجئين العرب على أساس المبدأ القاضى بإعادتهم إلى ديارهم أو تعويضهم عن ممتلكاتهم. كذلك نحن على استعداد للمساهمة فى إيجاد حل منصف ومعقول للمشكلة الناجمة عن المشروع الخاص بتنمية موارد مياه نهر الأردن. كما أننا على استعداد للمساعدة فى إحراز تقدم بشأن أى ناحية من نواحى هذه المشكلة المعقدة.

وإنى لمسرور لأن الجمعية العامة للأمم المتحدة أبرزت أخيراً ضرورة الإسراع بتنفيذ توصياتها السابقة بشأن مشكلة اللاجئين وأود بهذه المناسبة أن أذكر بوضوح أن موقف هذه الحكومة حيال تلك المشكلة يستند وسيظل مستنداً إلى التمسك بتأييد توصيات الجمعية العامة بشأن اللاجئين مع الاهتمام بدون تحيز إلى تنفيذ تلك التوصيات بطريقة تعود على اللاجئين بأكبر قسط من المنفعة.

وإن الولايات المتحدة بوصفها عضواً فى لجنة التوفيق الفلسطينية وبوصفها دولة مهتمة كل الاهتمام بتقدم شعوب الشرق الأوسط على المدى الطويل تنظر بعين الجد إلى المهمة التى عهدت بها الأمم المتحدة إلى تلك اللجنة وإننا مصممون على أن نستخدم نفوذنا حتى تضاعف هذه اللجنة جهودها للعمل على إحراز تقدم فيما يتعلق بإيجاد حل سلمى وعادل للمشكلة الفلسطينية .

وحول العلاقات الثنائية، كتب كنيدى: «بالإشارة إلى العلاقات بين الجمهورية العربية المتحدة والولايات المتحدة، أعترف بأن آراءنا حيال المسائل المهمة ليست متشابهة دائماً إلا أنى فى الوقت نفسه أشعر بسرور لأن العلاقات مستمرة بيننا فى كثير من الميادين بطريقة تعود بالنفع على الجانبين... ولقد حدثنى السفير راينهارت فى أثناء مشاوراته الأخيرة فى واشنطن عن البرنامج العظيم الذى وضعته الجمهورية العربية المتحدة لإنشاء قاعدة للصناعة تسمح بزيادة الرفاهية وبرفع مستوى المعيشة لمواطنيكم أجمعين .. ونظرا للترابط بين كل الناس الذين يرغبون فى أن يبقوا أحراراً أود أن أتيقن ألا تتكون لديكم أنتم وغيركم من زعماء العرب فكرة خاطئة عن موقفنا حيال الشعب العربي، إن موقفنا ما زال موقفاً ينطوى على الصداقة المخلصة وأعتقد أن المستقبل سيزيد من العلاقات الودية بين بلدينا وبين شعبينا المحبين للسلام، وما دامت هذه العلاقات قائمة على أساس احترام كل جانب لآراء الآخرين وعلى أساس الاهتمام المشترك بتحسين حال البشرية وكذا على أساس المساهمة المشتركة فى الجهود الخاصة بإزالة أسباب التوتر بين الدول.

المخلص .. جون كيندى»

رد ناصر.. تفنيد «العقدة العاطفية»

أما رد ناصر، فقد جاء فى 20 صفحة كاملة وافية، ومما ورد فيها:

«عزيزى الرئيس جون. ف. كيندي، لقد تلقيت بمزيد من الارتياح والتقدير خطابكم إلى بتاريخ 11 من مايو سنة 1961 الذى تفضلتم فيه بإثارة بعض جوانب المشكلة ذات الأهمية البالغة والخاصة بالنسبة للأمة العربية على اختلاف شعوبها وهى ــ دون شك ــ قضية فلسطين وإذا كنت قد تأخرت فى الرد على هذا الخطاب فلقد كان باعث التأخير هو إعطاؤه ما يستحقه من فرصة الدراسة الدقيقة المتأنية. ولعل مبعث الارتياح الذى شعرت به حين تلقيت خطابكم كما أشرت فى العبارة الأولى من هذا الخطاب ــ أننى كنت من جانبى أقلب النظر فى فكرة الاتصال بكم بشأن نفس هذه القضية، التى أثرتم فى خطابكم بعض جوانبها. ولقد كان فكرى فى الاتصال بكم يرتكز على مجموعة من العوامل:

أولا: أن ما تم بالفعل من تبادل المراسلات بيننا فى عدد من مختلف المشاكل العالمية كان واضحا فى دلالته على أنكم تحاولون فتح أبواب التفاهم وإبقاءها مفتوحة بينكم وبين عدد من الشعوب الأخرى التى تولى قضايا السلام اهتمامها الأول حفاظاً على هذا السلام وصونا للجنس البشرى مما يتهدده من أخطار. وفى اعتبارى أن الوصول إلى التفاهم المشترك بين الشعب إنما هو فى الوقت نفسه إقامة فرص للسلام على أمتن الأسس وأصلبها.

ثانيا:قضية فلسطين وما تفرع عنها من مشاكل إنما هى بجانب كونها من القضايا الرئيسية التى تمس السلام العالمى مباشرة فى عصرنا ــ فى الوقت نفسه ذات اتصال وثيق بالعلاقات مابين شعبينا. وأحب هنا أن أضيف أننى لا أربط احتمالات التفاهم بضرورة التقاء وجهات نظرنا فى هذه المشكلة على نحو كامل من التطابق وإنما الذى أقوله هو أنه من الأمور الحيوية فى هذا الصدد أن تكون لدى كل منا صورة واضحة للحقيقة بقدر ما يمكن أن يبدو منها إنسانياً من وراء ضباب الزمان ودخان الأزمات.

ثالثا: إننى تابعت باهتمام كل مرة تعرضتم فيها لهذه المشكلة سواء فيما ألقيتم من خطابات فى الكونجرس حين كنتم تمثلون ولاية «ماساشوستس» أو ما صدر عنكم خلال حملة انتخابات الرياسة ولست أخفى عليكم أننى قبل أن يصلنى خطابكم كنت ــ من تأثير فكر الاتصال بكم فى موضوع فلسطين ــ أحاول أن أستشف صورة لموقفكم منه..».

وينتقل ناصر لعرض موقفه عبر نقاط محددة، قائلا:

«1 ــ لقد أعطى من لا يملك من لا يستحق وعداً ثم استطاع الاثنان «من لا يملك» «ومن لا يستحق» بالقوة وبالخديعة أن يسلبا صاحب الحق الشرعى حقه فيما يملكه وفيما يستحقه .

تلك هى الصورة الحقيقية لوعد بلفور الذى قطعته بريطانيا على نفسها وأعطت فيه ــ من أرض لا تملكها وإنما يملكها الشعب العربى الفلسطينى ــ عهداً بإقامة وطن يهودى فى فلسطين. وعلى المستوى الفردى ــ يا سيادة الرئيس ــ فضلا عن المستوى الدولى فإن الصورة على هذا النحو تشكل قضية نصب واضحة تستطيع أى محكمة عادية أن تحكم بالإدانة على المسئولين عنها .

2 ــ ومن سوء الحظ يا سيادة الرئيس أن الولايات المتحدة وضعت ثقلها كله فى غير جانب العدل والقانون فى هذه القضية مجافاة لكل مبادئ الحرية الأمريكية والديمقراطية الأمريكية، وكان الدافع لذلك مع الأسف هو اعتبارات سياسية محلية لا تتصل بالمبادئ الأمريكية ولا بالمصلحة الأمريكية على مستواها العالمى ولقد كانت محاولة اكتساب الأصوات اليهودية فى انتخابات الرياسة هى ذلك الدافع المحلى ولقد قرأنا لأحد السفراء الأمريكيين السابقين فى المنطقة أن سلفكم المستر هارى س. ترومان لما ألقى بكل قوته وفيها بالطبع قوة منصبه الخطير على رأس الأمة الأمريكية ــ ضد الحق الواضح فى مستقبل فلسطين ــ لم يكن له من حجة إزاء الذين استرعوا نظره من المسئولين إلى خطورة موقفه غير قوله: «هل للعرب أصوات فى انتخابات الرياسة الأمريكية؟

3 ــ إن خرافة الانتصار العسكرى الذى تحاول بعض العناصر أن تقيم على أساسه حقاً مكتسباً للدولة الإسرائيلية فى فلسطين ليست إلا وهماً صنعته الدعايات التى بذلت جهدها لإخفاء معالم الحقيقة. ولست أريدك أن تسمع – فى هذا إجمالا – شهادتى كجندى عاش هذه التجربة بنفسه وإنما وثائق الأمم المتحدة وتقارير وسيط الهدنة الدولية فى فلسطين ولجانها تستطيع أن تثبت لك. إن القوات الإسرائيلية لم تستطع احتلال ما احتلته من الأراضى خلال المعارك وإنما من العجيب أن ذلك كله تم خلال الهدنة .

ولقد كان ما فعله العرب فى ذلك الوقت أنهم أحسنوا الظن بالأمم المتحدة وتصوروها قوة قادرة على فرض العدل خصوصاً إذا كان العدل أساساً هو كلمتها وقرارها ولقد ظن العرب أن الجانب الإسرائيلى سوف يعاقب على خرقه لأحكام الهدنة الدولية وأن ما تسلل إليه من الأرض تحت ستار الهدنة سوف يعاد إلى مكانه الأصلي. ومن سوء الحظ أننا عوقبنا فيما بعد على أن نظرتنا إلى الأمم المتحدة كانت نظرة مثالية تنبع من الثقة .

4 ــ إن الخطر الإسرائيلى بعد ذلك كله لا يمثل مجرد ما تم حتى الآن من عدوان على الحق العربى وإنما هو يمتد إلى المستقبل العربى ويهدده بأفدح الأخطار.

وإذا ما لاحظتم استمرار الهجرة اليهودية إلى إسرائيل وتشجيعها وفتح الأبواب أمامها رأيتم معنا أن هذه الهجرة تصنع ضغطاً داخل إسرائيل لا بد له أن ينفجر ويتجه إلى التوسع ودليل ذلك هو التفسير المنطقى للتحالف القوى بين إسرائيل وبين مصالح الاستعمار فى منطقتنا فإن إسرائيل منذ قيامها لم تبتعد كثيراً عن الفلك الاستعماري. وكان واضحاً أنها تشعر بترابط مصالحها مع الاستعمار كذلك كان الاستعمار من ناحيته يستخدم إسرائيل كأداة لفصل الأمة العربية فصلا جغرافياً بعضها عن بعض وكذلك كان يستخدمها كقاعدة لتهديد أى حركة تسعى للتحرر من سيطرته ولست فى حاجة للتدليل على ذلك إلا بتذكيركم بالظروف التى تم فيها العدوان الثلاثى علينا والتواطؤ الذى سبقه سنة 1956.. ردت أن أقول لكم: إن موقفنا من إسرائيل ليس عقدة مشحونة بالعواطف وإنما هو عدوان تم فى الماضى وأخطار تتحرك فى الحاضر ومستقبل غامض محفوف بأسباب التوتر ...»


> الرئيس الراحل بصحبة قرينته وخلفه محمد أنور السادات مطلع الستينيات > الصور أرشيف الأهرام



> الرئيس الراحل بصحبة قرينته وخلفه محمد أنور السادات مطلع الستينيات > الصور أرشيف الأهرام

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: