سيطر إحساس الخسارة والفقد على أحاديث الروائيين والنقاد السينمائيين لـ«بوابة الأهرام» اليوم السبت، بعد رحيل الكاتب الكبير وحيد حامد.
موضوعات مقترحة
الناقد السينمائي محمد سيد عبد الرحيم قال لـ"بوابة الأهرام" إن برحيل السيناريست الكبير وحيد حامد تفقد مصر والأمة العربية واحد من أبرز فنانيها الذين صنعوا لنا تاجا مزينا بالجواهر عبر أفلامه ومسلسلاته التليفزيونية والإذاعية المختلفة والمتعدددة، لم يكن مجرد صنايعي ماهر فقط حيث استطاعت أعماله أن تجذب الجمهور دائما لقاعات السينما وحتى في بيوتهم حول التليفزيون في شهر رمضان ولكنه أيضا كان ذا فكر ثاقب استشرافي قادر على معرفة المشكلات الآنية التي تهدد المجتمع المصري وتحليلها وعرض أسبابها وآثارها من أجل أن يرى المشاهد بنفسه أزمته وأزمة مجتمعه.
وأضاف عبد الرحيم: العدالة هي الفكرة الرئيسية التي سنجدها في جل أعمال وحيد حامد بداية من "طائر الليل الحزين" حتى "احكي يا شهرزاد" ومرورا بأعمال مثل "الغول" و"ملف في الآداب" و"البرىء" و"المنسي" و"اضحك الصورة تطلع حلوة" و"سوق المتعة". العدالة كانت همه الشاغل والتي شعر أنها المشكلة الرئيسية التي تهدد كيان ومستقبل المجتمع المصري، والفساد الذي نجده في أفلامه والذي يمارسه بعض الوزراء ورجال الأمن والقضاة وبالتأكيد رجال الأعمال هو غياب للعدالة. صداماته ومشاكله الكثيرة والعنيفة مع الرقابة التي حذفت وعدلت الكثير من أفلامه هو غياب للعدالة. وحتى مقالاته التي كان ينشرها في الجرائد كانت تنتقد غياب العدالة والفساد الذي لم يترك حتى المؤسسات الخيرية! بالإضافة بالتأكيد إلى محاولاته الدائمة للعمل مع مخرجين شباب والذي يندرج بدوره تحت سعيه المستمر لكسر حالة استحواذ المخرجين الكبار على السوق وعدم إعطاء فرصة للشباب الذين أثبتوا مع وحيد حامد أنهم كانوا أهلا للثقة، ليكونوا بعد ذلك من أهم المخرجين في تاريخنا. كانت أفكاره السينمائية متسقة مع أفكاره في الحياة عن الحق والخير والجمال. وهذا بالتأكيد هو الذي جعل الجماهير المصرية والعربية الغقيرة تحب والأهم تثق في هذا الرجل وأعماله، برحيل وحيد حامد فقدنا أشهر سيناريست في تاريخ مصر. السيناريست الوحيد الذي يعرفه الجمهور بالاسم والوحيد القادر على جذب الجمهور حينما يجدوا اسمه مرصعا الأفيش. كان وحيد حامد "الوحيد" بحق من ضمن كتاب السينما والتليفزيون الذي استطاع أن يملأ قلوب المشاهدين.
الكاتب والقاص منير عتيبة، مدير مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية، تحدث لـ"بوابة الأهرام" وقال: إننا كنا نظن أن عام 2020 هو عام الفقد. لكن ها هو 2021 يأتي بفقد في أيامه الأولى فتفقد الإسكندرية بعض أعلامها مثل الشاعر إسماعيل الشيخة الرئيس الأسبق للتليفزيون السكندري. ثم نفجع برحيل رجل تربينا على إبداعه المرأي في السينما والتليفزيون، وهو وحيد حامد الذي أثار جدلا في كل مراحل حياته ذلك الجدل الذي يليق بالمفكرين والمبدعين الناشطين الذين يرغبون في تغيير المجتمع ويستطيعون التأثير بإبداعهم لتحقيق هذا التغيير. رجل قد تختلف معه فكريا أو فنيا قليلا أو كثيرا. لكنك بالتأكيد ستشهد له بالموهبة المتفوقة والشجاعة الفائقة والذكاء اللامع. لذلك فأنا أعزي نفسي والأمة في رحيل شخص وحيد حامد، لكنني أعلم أنه ترك ما لن يجعله يرحل من حياتنا أبدا. فسلاما لروحه ولروح من سبقوه سواء كان الناس يعرفونهم أو لا. فلكل راحل ألم فقد مرير في قلوب ما.
أما الناقد رامي المتولي، فقد أشار في حديثه إلى أن من أكثر التفاصيل الملفته والمحببة فى أعمال وحيد حامد هو طريقة تقديمة للشخصيات الثانوية أو صاحبة المشاهد القليلة فى أعماله، والتي لم يكن وجودها مجرد ملء للفراغ، أو داعمة لحبكة فرعية تظهر وقت الاحتياج لها فقط ثم تغيب بعدها كما يحدث فى أعمال كثيرين غيره، على العكس الشخصيات الثانوية فى كل أعماله مبهرة، وكالعادة تحمل نفس هموم الشخصيات الرئيسية، وعلى الرغم من ظهورها القليل فى الأعمال التي تحمل توقيعه لكنها تعتمد دائما ممثلين ذوى خبرة ومحترفين، كما أن وجودهم يكون بشكل مكثف فى كل عمل مثل: علاء ولي الدين وأشرف عبد الباقي وسامي سرحان فى "الارهاب والكباب"، بيير سيوفي ومحمد هنيدي ومصطفي متولي فى "المنسي"، سناء يونس وزين عشماوي فى "آخر الرجال المحترمين"، عمر الحريري فى "معالي الوزير"، وبالتأكيد صاحبة الشخصيات الأبرز فى أعمال وحيد حامد، الكبير أحمد راتب ليس كشخصية ثانوية قدر ما هي شكل مختلف لصديق البطل القليل فى مشاهد ظهوره، لكن تأثيره أقوى أو يعادل فى القوة شخصيات رئيسية، وبالتالي يصبح حمل هذه الشخصيات على ممثلين محترفين وكبار من وزن أحمد راتب.. وحيد حامد بلا جدال أو مبالغة هو أفضل سيناريست مصري فى السينما والتليفزيون، خاصة إذا اعتبرنا أن المعيار هو الاحترافيه والأفكار المطروحة لا الكم والعدد أو الخطابة والمونولوجات الطويلة أو الابتزاز العاطفي والسياسي.