أثناء الحرب العالمية الثانية وفي عام 1943م، عاود وباء الملاريا التفشي في الصعيد، وحصد آلاف الأرواح في محافظات قنا وأسوان وامتد لأسيوط، مما حدا بهيئة السكة الحديد المصرية، أن تتخذ احتياطاتها لعدم نقل الوباء من الصعيد للقاهرة وبعض محافظات الدلتا، وكانت من ضمن هذه الاحتياطات نشر أبحاث لمتخصصين عن بعوضة الجامبية الناقلة لوباء الملاريا، والبحث عن إجابة لسؤال هل تنتشر الملاريا في القاهرة والجيزة؟.
موضوعات مقترحة
واحد من أهم الأبحاث العلمية التى أجريت وقتها، تنشرها "بوابة الأهرام" نقلًا عن مجلة «سكك حديد وتلغرافات الحكومة المصرية»، في عام 1943، كان بعنوان «بعوضة الجامبية ولماذا لم تدخل القاهرة؟».
طمأنت السكة الحديد أهالي الجيزة والقاهرة والإسكندرية من أن الملاريا لن تنتقل إليهم، في موسم الشتاء بالأخص، لعدة أسباب ذكرتها الأبحاث العلمية التى ربطت بين ارتفاع درجة الحرارة في محافظات الصعيد، وبين الوباء حيث إنها بمثابة بيئة خصبة لانتشار الملاريا، خلاف القاهرة والمحافظات الأخرى.
ومع ذلك فإن أحد الأسباب لمعاودة وباء الملاريا القاتل مرة ثانية في وقت نشوب الحرب العالمية الثانية كان فتح حركة المواصلات في الصعيد أمام القوات الأجنبية، مما أدى لتسرب الذبابة الناقلة للمرض من إفريقيا لأسوان حسبما يؤكد اللواء "حامد أحمد صالح" في كتابه "معركة مصر في الحرب العالمية"، لافتًا إلى أن وزارة الصحة المصرية قامت بدور كبير في معالجة المرضى من القوات المتحاربة من أوبئة الجدري والملاريا بدون أجر.
وأكد صالح في كتابه أن الملاريا التى قدمت بسبب الحرب العالمية الثانية أخلفت ضحايا بالآلاف، في وقت كان يعانى الصعيد فيه من الفقر والجوع ونقص المستشفيات، فكان الوباء علاوة على ذلك يدمر أجساد المصابين به بسبب الحمى وتضخم الطحال وتدمير كرات الدم الحمراء الناتجة عن الفيروس.
وقال محمود حامد، مساعد مدير الطبيعيات، في بحثه العلمي، المنشور في مجلة السكة الحديد عام 1943م، إنه كان هناك ظن قديم بأن ري الحياض في المديريات وتحويل أراضي الصعيد لبحيرات وقت الفيضان هو السبب في انتشار الملاريا، لذا قرت الحكومة ردم البرك والمستنقعات والآبار كقوانين إلزامية. لكن الأبحاث العلمية أكدت بعد ذلك أن الجو والمناخ هو السبب الرئيسي لأن بعوضة الجامبية الناقلة للمرض موجودة في المناطق الاستوائية الحارة، مضيفا أن حرارة الجو ضمنت بقاء الملاريا في أسوان وقنا وجعلتها تمتد لأسيوط. في حين أن القاهرة لايمر شتاء إلا ويشعر الناس بأوقات تتحول فيها الأيام والليالي لدرجة حرارة منخفضة جدا قد تصل تحت الصفر مثلما حدث عام 1937م، والمعروف أن موجات البرد لا تتماشى مع البعوضة الناقلة للمرض ويجعلها خاملة.
ولفت «حامد» إلى أن توطن الملاريا في قنا وأسوان خلف ضحايا وانهيارات اقتصادية كبيرة، في حين أن مناخ القاهرة والجيزة وبعض المحافظات الأخرى كان السبب الرئيسي لحفظ تلك المحافظات من انهيارات مماثلة.
الجدير بالذكر أن هيئة سكك الحديد المصرية أطلقت، في الفترة الأخيرة، حملة موسعة لتطهير القطارات والمحطات وتعقيمها ضد فيروس كورونا، ضمن إجراءات وزارة النقل للمحافظة على القطارات والمحطات نظيفة دائما ضد فيروس كورونا، حيث يقوم عمال النظافة بتطهير وتعقيم القطارات ودورات المياه بها، مع تعليق ملصقات فى المحطات والقطارات للتوعية بالفيروس وأعراضه وكيفية التصرف فى حالة شعور الراكب بأعراض محتملة للفيروس، مع الالتزام بارتداء الكمامة الطبية الواقية.
مجلة السكة الحديد صفحة من مجلة السكة الحديد خريطة من مجلة السكة الحديد