منذ الاكتشافات المتعلقة بمقبرة توت عنخ آمون، وتمثل الصورة الفوتوغرافية عاملا مهما في الآثار، سواء الصور التي تنشر علي صفحات التواصل الاجتماعي في عصرنا، أو تبثها الصحف ووكالات الأنباء العالمية، إلا أن بعض الاكتشافات القديمة التي كانت تنشرها الصحف نادراً ما تصاحبها صورة فوتوغرافية لأسباب خاصة، كنشوب الحروب أو معوقات خاصة بالتلغراف الذي كان منوطا به إرسال الصور للصحف والمجلات، أو احتكار المنقبين للصور لصالح مجلة أو صحيفة بعينها مثلما حدث في اكتشافات مقبرة توت عنخ آمون .
موضوعات مقترحة
وتنشر "بوابة الأهرام" قصة الصور الفوتوغرافية المصاحبة للاكتشافات، وأهم الاكتشافات التي لم تصاحبها صورة فوتوغرافية في الصحف والمجلات المصرية القديمة، حيث أوردت مجلة "اللطائف" في عشرينيات القرن الماضي وقت اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، قصة العثور علي ألواح أقدم صحيفة إخبارية في العالم.
وكتبت اللطائف: "دلت وقائع التاريخ المسجلة أن يوليوس قيصر، القائد الروماني الشهير، كان يأمر بنشر رسائله في ميادين القتال وغيرها على شعبه، وذلك بكتابتها بقطعة من الفحم علي الجدران البيضاء في روما، وكان يعاد نشرها بعد ذلك على طلبة المدارس على الطريقة نفسها، على أنه لم يسبق للمنقبين أن عثروا علي آثار تلك النشرات الصحفية التي كانت تروي أخبار الحوادث الرسمية وكل ما وجد من الأدلة، كان ينحصر في كتابات علي حوائط بومباي، وعلي أعمدة أقواس النصر، وأمثاله رسالة أوغسطس التي اكتشفت في أنقرة باسيا الصغري".
ورغم أن قصة الصحيفة الإخبارية كانت معروفة في العالم، إلا أن العثور عليها كان صعبًا، وهو ما تؤكده اللطائف التي لم تنشر صورة الألواح المكتشفة للصحيفة، فكتبت: "أما الآن فتفيد الأخبار الواردة إلينا من روما، أنهم عثروا في الحفريات الأثرية في الميناء علي نماذج لتلك النشرات اليومية، التي تثبت أنها كانت تروي الأخبار الخارجية والمحلية، وأنباء الانتخابات والتعينات الحكومية والمعارك الحربية، وبين ما وجد فيها لوحة نشر فيها خبر وفاة بومباي مزاحم يوليوس قيصر 49 سنة قبل الميلاد ووصية يوليوس قيصر وهباته لشعب روما، وقائمة بأسماء القناصل المعينين ونبأ بصدور قرار بإعفاء الفقراء من الأجور المستحقة عليهم لعام كامل لاغير".
واختتمت اللطائف الخبر بقولها "أفلا يحق لنا أن بعد هذا الخبر أن نعتبر يوليوس قيصر زميلا لنا في الصحافة وأبا لأوروبا في الصحافة ونترحم عليه".
وقد قام اللورد البريطاني كارنارفون، ممول اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، في عام 1922م، بعقد اتفاق مع جريدة التايمز الإنجليزية لتوريد أخبار الاكتشاف واحتكارها لصالح الجريدة بمبلغ مال كبير، ما أدى لمنع الصحفيين المصريين من تتبع أهم اكتشاف حدث في القرن العشرين، ويؤكد المؤرخ الأثري فرنسيس آمين أن الصحفيين المصريين دخلوا في نضال بعد منعهم من متابعة تغطية اكتشاف جدهم توت عنخ آمون، ومنذ ذلك الوقت، مثلت الصورة عاملا مهما في الاكتشافات الأثرية، موضحاً أن المنع كان يمثل معضلة كبرى، أمام الصحفيين والمراسلين الذين كان عليهم الإتيان بأخبار عن الاكتشاف الذي كان حديث العالم آنذاك، مما حدا بالصحافة أن تنشر "حسبنا الله مما منعنا من متابعة أخبار ملكنا المصري".
وأوضح فرنسيس أمين، أن صحيفة "الأهرام" تعتبر أول صحيفة مصرية تؤسس قسماً يهتم بالصور الفوتوغرافية لأهميتها في الصحافة، مؤكداً أن مجلة اللطائف المصرية في أزمة اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون ومنع الصور، قامت بعمل كاريكاتير ساخر يظهر "توت عنخ آمون" يخرج من قبره ويصرخ في اللورد كارنارفون ممول الاكتشاف، قائلا له "إننا أمة ذات تاريخ عريق، فما الذي يفعله أبناء جلدتك الإنجليز باحتلال بلدنا المجيد؟"، أما البرلمان المصري فقد عقد جلسة طارئة وحث الصحفيين المصريين علي تتبع الاكتشاف وتصويره أيضا.
وقامت صحيفة "البصير" التي أسسها رشيد شميل بك، بعد اكتشافات توت عنخ آمون بسنوات، بتغطية اكتشافات البعثة الأثرية لجامعة ميلانو الملكية في منطقة ماضي الأثرية بالفيوم، ولكن لم تنشر صور الاكتشاف لأسباب لم توردها رغم قيامها بنشر صفحة مطولة عن الاكتشاف الذي كان من أهم الاكتشافات الأثرية في ذلك الوقت عام 1938م ، حيث تم اكتشاف بداية أطول طريق أثري في العالم بالمدينة.
وكان اكتشاف «ماضي» بالفيوم مهما، حيث أكدت صحيفة البصير أن الحفائر توصلت لتماثيل لأبوالهول ومنازل من العصر الأغريقي و1000 قطعة من عصر الملك هدريان وكتابات عليها باليونانية واللغة الديمقوطية إحدي اللغات المصرية القديمة.
تاريخ الاكتشافات الآثرية والصور الفوتوغرافية
تاريخ الاكتشافات الآثرية والصور الفوتوغرافية
تاريخ الاكتشافات الآثرية والصور الفوتوغرافية