كانت لائحة 20 يوليو 1856م التي أصدرها "سعيد باشا" بالإسكندرية، حجر الزاوية في تاريخ حفر قناة السويس، فهي اللائحة التي تم استغلالها من قبل ديليسبس في السخرة، واستعباد المصريين لحفر القناة، وعرفت اللائحة في التاريخ المصري بلائحة "استخدام العمال المصريين في حفر قناة السويس 2 يوليو 1856م".
موضوعات مقترحة
ويحتفل المصريون اليوم الأحد 26 يوليو، بالذكرى الـ 64 لتأميم قناة السويس عام 1956م، عندما أعلن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بميدان المنشية فى محافظة الإسكندرية، عن قراره التاريخي بتأميم قناة السويس، حيث كانت كلمة السر "ديلسيبس" هي بداية السيطرة علي القناة، ونقل تبعيتها للحكومة المصرية مع دفع تعويضات للأجانب، لتتحطم أحلام القوي الاستعمارية آنذاك، والتي أرادت تدويل قناة السويس ومد امتيازاتها بعد عام 1968م.
"بوابة الأهرام" تنشر قصة لائحة شهر يوليو 1856م بناء علي المذكرة النادرة الصادرة في عام 1948 للمؤرخ عبدالعزيز الشناوي، والتي جمعها في كتاب المحاضرات العامة لمدرسة المعلمين الابتدائية بأسيوط، والتي تناولت ضحايا السخرة في حفر قناة السويس.
قال "الشناوي" إن فرمان 30 نوفمبر 1854م خلا من أي إشارة لمشكلة الأيدي العاملة، فاقتصر علي مواد عامة لأهداف المشروع، إلا أنه بسبب استخدام القوى الأوروبية الفاعلة في العالم والصحف الأوروبية، لمشكلة الأيدي العاملة واستخدام ديلسبس للسخرة، قام "سعيد باشا" مجبرا بإصدر لائحة لائحة فرمان 20 يوليو 1856م، والتي بلغت 11 مادة.
حددت اللائحة أن يكون أجر العامل البالغ مابين قرشين ونصف لثلاثة قروش في اليوم، عدا جراية الطعام ويقدر ثمنها بقرش واحد، أما العمال الذين تقل أعمارهم عن 12 سنة، فحددت أجورهم بقرش صاغ عدا الجراية، وقد قدمت "لائحة يوليو" أيضا قانون مرنا، فهي لم تحدد العمال الذين يشتركون في الحفر، وقد إستغل "ديلسبس" المادة، فقام بجلب أعداد غفيرة تقدر بالآلاف للعمل، رغم موت معظمهم ومحاولات هروبهم.
حدثت مؤامرات سياسية من إنجلترا من جهة، وتركيا من جهة آخري، لخلع سعيد باشا، لذلك تم الاتفاق بين "ديلسبس" و"سعيد باشا" علي عدم تنفيذ لائحة 20 يوليو، وأن تقوم الشركة بجمع أعداد كبيرة من العمال، وقد قامت الشركة بعمل دعاية في القري والنجوع المصرية، تم تعليقها علي المنازل الطينية، وذكرت أنها أقامت مساكن للعمال ومسجد، وأن مياه الشرب متوفرة، كما طمأنت الشركة العمال بأنها ستمنع الرؤساء الأوروبين من ضرب العمال المصريين وإهانتهم، وأقامت مكاتب في الوجه البحري والصعيد لجلب العمال.
في 25 إبريل 1859م بدأ الحفر في المشروع، ووجدت الصحف الأوروبية في الأمر فرصتها للحديث عن آلام العمال، الذين يساقون للحفر مشيا علي الأقدام، ويقول "الشناوي" إنه رغم مساعدة "سعيد باشا" لديليسبس، إلا أن الشركة عجزت عن استمالة الفلاحيين المصريين، وتنفيذ لائحة يوليو الصادرة في الإسكندرية، لذلك تم الضغط علي "سعيد باشا" لتنفيذ لائحة 20 يوليو 1856م، حيث طلب وزير الخارجية الفرنسي أنذاك، والقنصل، والإمبراطورة أوجيني، 30 ألف عامل مصري للعمل في القناة، وهذا ماحدث أيضا.
كان السبيل الوحيد لسعيد باشا أن يرضخ لتنفيذ لائحة 20 يوليو الصادرة بتوقيعه في الإسكندرية، وذلك بسب الأزمة الاقتصادية الطاحنة، ليبدأ جمع آلاف العمال المصريين بالسخرة والسوط، مما جعل منطقة الحفر تغطي بملايين العمال الآدميين، بل قام سعيد باشا بوضع فرقة مكونة من الجيش المصري للمساعدة في الحفر، وهي الفرقة التي أعلنت مساندتها للعمال المصريين ورفضها للسخرة، وقامت بثورة عارمة أدت لحركة عصيان من الصعايدة في الحفر، وقد قمعها ديلسبس وسعيد باشا.
مات آلاف العمال المصريين في الحفر نتيجة العطش، ورغم ذلك قاموا بدور بطولي، حيث احتفلت الشركة ببلوغ مياة البحر المتوسط وربطها ببحيرة التمساح في 18 نوفمبر 1862م ، وقال "الشناوي" في مذكرته النادرة، أنه من المؤسف أن الشركة كانت تعطي عملة كرتونية للعمال المصريين، وذلك لدفع أجور 25 ألف عامل، وهي عملة بدون غطاء نقدي، ولا يتم التعامل بها خارج حدود السويس، مما جعل العمال يتركونها ويهربون لعدم جدواها، مما يعني انهم كانوا يعملون بدون مقابل، وقد استغل الخديوي إسماعيل الذي تولي الحكم بعد سعيد باشا هذه العملة الكرتونية، فطالب بخصمها من قيمة التعويض الذي حكم به علي مصر من خلال القوي الأوروبية مقابل إلغاء السخرة في حفر قناة السويس، وذلك قبل افتتاح قناة السويس رسميا.
في شهر يوليو أيضا وفي مدينة الإسكندرية، أصدر الرئيس الراجل جمال عبدالناصر قانونا بتأميم قناة السويس، وجعلها مصرية خالصة، ونقل ملكية القناة من الحكومة الفرنسية للحكومة المصرية، وقد تطلب اتخاذ القرار دراسة أبعاد الموقف الدولي حيال تأميم القناة، واحتمالات التدخل العسكري، علاوة على جمع البيانات والمعلومات الكاملة عن قناة السويس لاتخاذ التدابير اللازمة لإحكام السيطرة عليها دون خسائر.
استغل "جمال عبدالناصر" رفض البنك الدولي تمويل المشروع العظيم لإقامة السد العالي، ليصدر قرار التأميم المكون من 6 بنود، لتكون قناة السويس مصرية خالصة بعد أن حفرها المصريون بعرقهم ودمائهم.
ذكرى تأميم قناة السويس ذكرى تأميم قناة السويس ذكرى تأميم قناة السويس