عاشت مصر بين عامي 1902-1903 أوبئة غريبة بداية من وباء "الكوليرا" والذي يعرف بوباء "موشا" الذي ضرب الصعيد وامتد لعموم مصر ودُونت بشاعته في قصائد الشعراء، ثم عاودت الحصبة والحمي الراجعة والتيفود والجدري التفشي عام 1903م لتعيش مصر عامين متصلين من الأوبئة.
موضوعات مقترحة
الأوبئة لم يسلم منها البشر في مصر ولا الحيوانات، فقد كان الجدري يضرب إمبابة وتختفي الحصبة في جرجا وتعاود الظهور في الشرقية، ويتفشي التيفود في الدقهلية، وتعاود أوبئة الحيوانات الظهور فتقوم الحكومة بغلق أسواق القليوبية والجيزة وبني سويف، وتبقي فقط على سوق إمبابة وسوق بندر الجيزة، تحت الحجر الصحي لأجل توريد ما تحتاجه القاهرة من اللحوم.
كان على الحكومة أن تصدر القرارات في الوقائع الرسمية لمحاصرة الأوبئة سواء عام 1902م، فيما يتعلق بسير المراكب النيلية، وتحديد قواعد جغرافية لها لمحاصرة وباء الكوليرا، وكان عليها أن تصدر عقوبات ضد المخالفين في العام الذي يليه 1903م في الحصبة والجدري والتيفود وغيرها من الأوبئة التي شهدتها مصر عام 1903م
مارس 1903م.
ونشرت الوقائع الرسمية آنذاك قرارًا عقوبات الحبس لمدة 7 أيام وبالغرامة 100 قرش، لمن يقوم بالاستحمام أو غسل الملابس وشرب المواشي في نيل سوهاج، ،وإيقاف مراكب النيل والذهبيات التي كانت وسيلة المواصلات الوحيدة بين المحافظات آنذاك، كما حددت القوانين أن أهالي الأقصر يستخدمون المياه المحدد لهم بين اللوحة الموضوعة على مسافة 100 متر من نقطة لوكاندا الأقصر بين منزل المسيو انستجرام، مع تحديد إن القرارات والعقوبات، هي للاشتراطات الصحية.
تفشى الجدري في بني سويف 16 يونيه عام 1903م كما تفشى في إمبابة، وكانت معظم المنازل مبنية بالعشش في بعض المراكز مما جعل الحكومة تعيد نشر القرار القديم الصادر في مايو عام 1895م، والذي كان يخص وباء الكوليرا فقد حددت بإيجاد فتحات في العشة لجلب الهواء، وكل من يخالف ذلك يتعرض للعقوبات، كما حددت تبييض المنزل بالجير كأحد وسائل التعقيم القديمة، وإبلاغ العمدة بحالات الإصابة فورًا وتوريدها للحكومة والصحة.
الجدري الذي تسبب في تشويه وعمى الضحايا، كان ينتقل كعدوى من خلال فراش وأدوات المصاب، وهو من أقدم الأوبئة التي توصلت لها البشرية بلقاح وتطعيمات لها، وهو اللقاح الذي توصل له إدوارد جينر عام 1796م، حيث كان يتم التطعيم بالتشريط والدق في أذرع المصريين من خلال حلاقين الصحة الذين يقومون بإعطاء شهادة على نجاح التطعيمات التي كانت قاسية، قبل أن يتوصل الطب الحديث للحقن.
في ذات شهر يونيه الذي تفشي فيه وباء الجدري ظهرت الحصبة، بمركز ببا التابع لبني سويف وحصدت مئات الأوراح، مما جعل الحكومة تصدر قرارات أخرى، كما تفشي الجدري والحصبة معا في مركزي العياط وطوخ وسمنود والمنصورة، مما جعل الحكومة تصدر قرارات بين يومي 29 و30 يونيه عام 1903م، أما شهر يوليو 1903م فقد تفشى مرض الجدري بمركز مغاغة بالمنيا.
قرارات الوقائع النادرة التي تنشرها "بوابة الأهرام" تنقلنا في عام 1903م لظهور مرض الحمي التيفودية في أسيوط بصعيد مصر والتي انتقل منها وباء الكوليرا حيث تفشى فيها المرض فأصدرت الوقائع قرارًا في 21 يوليو 1903م بالتبليغ الفوري عن الحالات في أقل من 24 ساعة، ومن يخالف ذلك يجازي بالغرامة مائة قرش وبالحبس مدة لاتزيد عن أسبوع.
كما تفشي الجدري بناحية أولاد رايف بمركز أسيوط بجانب الحمي التيفودية، وبعد القضاء على الجدري في نواحي العياط، وغيرها قفز في أغسطس 1903م ليضرب قرية بهجورة بنجع حمادي بقنا، فيما عاودت الجدري والحصبة الظهور في بعض نواحي بني سويف سبتمبر 1903م، وكذلك في الدقهلية في ذات الشهر سبتمبر عام 1903م.
قرارات صارمة للمخالفين قرارات صارمة للمخالفين قرارات صارمة للمخالفين