تفشي وباء الكوليرا في أربعينيات القرن الماضي بمصر، بالتحديد عام 1947م، وذلك بعد سنوات طويلة من اختفاء وباء موشا بالصعيد عام 1902م، توجه الاتهام في تفشي المرض في هذه المرة للأطعمة والأغذية التي تنقل بالأيدي، وتجمع في أقفاص، ومنها البلح، مما جعل الشعراء الشعبيين يحذرون من الأطعمة بسبب الكوليرا، وذلك لأول مرة في تاريخ أوبئة الكوليرا، التي كانت قد قدمت لمصر 10 مرات من خارج البلاد.
موضوعات مقترحة
تقول مذكرات الأطباء الشعبية في الصعيد، كمذكرة الطبيب نصر أبوستيت، أن السبب في اختفاء الكوليرا ومعاودتها للتفشي عام 1947م بعد مرور سنوات طويلة من وباء موشا، هو الاحتلال البريطاني، الذي كان سببا رئيسيا في معاودة الوباء، بسبب قواته التي كانت تحط رحالها قادمة من الهند للسويس، دون المرور على الحجر الصحي، مما أدي لتفشي الكوليرا في مصر.
تنشر "بوابة الأهرام" قصة وباء الكوليرا الذي ضرب مصر، بعد تداول صفحات مواقع التواصل الاجتماعي للقطات أرشيفية من تاريخ الصحف المصرية، تتحدث عن إيقاف احتفالات شم النسيم في أربعينيات القرن الماضي، والذي كان يوافق في مفارقة زمنية تشبه أيامنا الحالية، قدوم شهر رمضان ، ورحيل وباء الكوليرا، الذي أوقع العديد من الضحايا.
يرتبط شم النسيم، ذلك العيد المصري القديم، بالحصاد وتجار البيض والأطعمة، وهذا ماجعل الصحف بعد انحسار وباء الكوليرا، تؤكد إن إيقاف احتفالات شم النسيم أمر ضروري للحفاظ علي الناس، وسيرا علي قواعد الصحة المعمولة في عدم التزاحم ومنع إلتهام الأطعمة من الباعة الجائلين.
في وباء الكوليرا عام 1947م، تم توجيه الاتهام للخضروات والبلح بسبب موت تاجر بلح في الإسماعيلية، وتم إيقاف الاحتفالات بسبب التزاحم، حيث ألزمت الحكومة الجميع بتطهير الخضراوات والبلح قبل توزيعها، وقد استخدم الأطباء المصريون الأرانب لاستخراج المصل واللقاح، كما أرسلت الهيئة الصحية الدولية، العديد من البعثات الأجنبية التي ساهمت في تطهير المنازل الريفية والتعقيم ومطاردة الذباب، وهذا كله دفع الشعراء الشعبيين للكتابة عن الكوليرا، وربط الوباء بالأطعمة، والهجوم علي الإنجليز، وكان من أشهر المقولات وقتها "خلي بالك من الرغيف.. أحسن العيش مش نضيف"، "أوعي تاكل جبنة بيضة تلقي حالتك تبقي عيضة.. أحسن الأسهال يجيلك وبتاع الصحة يشيلك.. البلد مكتوب عليها الكوليرا تمشي فيها".
انتشر الوباء في القرين بسبب قيام قوات الاحتلال البريطاني بعدم المرور علي الحجر الصحي حال مجيىء قواتها من الهند التي تعتبر موطن وباء الكوليرا، لذا يطلق عليها الكوليرا الهندية، يقول الدكتور نصر أبوستيت في مذكرته الطبية النادرة إن عامل انتشار الوباء في القرين كان خطيرا جدا لأن أكثرهم فلاحون يسكنون في منطقة البحر الصغير، الذي يمتد من المنصورة إلي بحيرة المنزلة، مؤكدا أنه تم توجيه الاتهام للبلح الحياني في أسواقه في الشرقية والدقهلية والقليوبية بسبب التلوث.
انتشرت في الصحف المصرية إعلانات الأدوية، كما انتشرت صور التلقيح والتطعيمات، إلا إن الوباء العاشر امتد لقري كثيرة في مصر، حيث حدثت وفاة في الإسماعيلية ومسطرد بالقاهرة، وبلبيس بالشرقية، ثم إتجه إلي منطقة التل الكبير، حيث انتشر في كافة القري القريبة من قرية القرين، ومعسكرات الإنجليز، وفي أسواق البلح الحياني أيضاً.
وأوضح نصر أبوستيت أن بلح القرين لعب دورا مهما في انتشار الكوليرا عام 1947م حيث تم اكتشاف أن ميكروب الكوليرا قادر على العيش في قشرة البلح بسبب وضعه في أقفاص ومياه ملوثة ما بين ثلاثة لأربعة أيام ، حيث أدي تلوث البلح من مريض بالكوليرا في انتقال العدوي.
أدي وباء الكوليرا العاشر في مصر إلي زيادة الأبحاث التي تم تداولها في الصحف المصرية آنذاك منها ارتباط الكوليرا بالمناخ وانتهاؤه بالفيضان وأن له امتدادات قد تحدث في العام المقبل عام 1948م مما جعل الصحف تحذر من عدم السير على الاحتياطات الصحية في إيقاف الاحتفالات والأعياد الشعبية والرسمية وعدم التهام أطعمة ملوثة ،حتي بعد انتهائه في الصحف.
وكان الدكتور مصطفي مدبولي رئيس الوزراء شدد مع اجتماعه مع المحافظين مساء أمس الأربعاء،على ضرورة استمرار التطبيق الحاسم لكافة الإجراءات الاحترازية المتبعة، لمنع أية تجمعات غلق كافة الحدائق العامة والمتنزهات وكورنيش النيل ومنع حركة المراكب النيلية الترفيهية ،وذلك لمنع أي تجمعات بمناسبة الاحتفال بأعياد شم النسيم وذلك في إطار الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا المستجد.
لقطات أرشيفية من تاريخ الصحف المصرية لقطات أرشيفية من تاريخ الصحف المصرية لقطات أرشيفية من تاريخ الصحف المصرية لقطات أرشيفية من تاريخ الصحف المصرية