كانت السفن والزحام عليها وهروب المسافرين من الحجر الصحي، سبباً رئيسا في انتشار وباء الكوليرا بمصر، وعدد آخر من الأوبئة والأمراض، إلا إن الطائرات حين ظهرت وامتلكت الشيوع في العالم ومصر، جعلت البعض يظن أنها أكثر أمنا، فمستخدموها قليلو العدد، وقد تنجي من وباء الكوليرا بسبب عدم هروب المسافرين من الحجر الصحي، أو هروبهم دون المراقبة من قوانين الصحة.
موضوعات مقترحة
ظهرت سلسلة من الإعلانات النادرة في الصحف المصرية، والتي تربط بين الطائرات وعدم انتشار الوباء، قبل أن يؤكد الأطباء المصريون في مذكراتهم الطبية النادرة أن هذا غير صحيح، بل وأن الطائرات تتسبب في شيوع الأوبئة، لذا ربما كان هذا الإعلان الذي ربط بين عدم انتشار الوباء والطيران، وربما يكون هو أول وأخر إعلان لم يتكرر في الصحف ثانية، وذلك لعدم دقته العلمية.
تنشر "بوابة الأهرام" إعلان نادر ظهر في عام 1947م في بداية انتشار الكوليرا في مصر، حيث قال الإعلان "تجنب عدوي الكوليرا واستعمل الطائرات في جميع انتقالاتك ،بورسعيد – إسكندية في ساعة وربع ،القاهرة – بورسعيد في 55 دقيقة، القاهرة –أسيوط في ساعتين القاهرة – إسكندرية في 50 دقيقة، بينما اختمم الإعلان الذي أظهر صورة راكب وطائرة استعلامات المسافرين عن حجز التذكرة.
عام 1902م وهو العام الذي شهدت فيه مصر سباق الطائرات الشراعية، ضرب وباء الكوليرا قرية موشا بأسيوط، بسبب الحجاج القادمين من السفن، حيث انتقل للوجه البحري/ وأدي ذلك لتفشي الوباء في أكثر من 20 ألف قرية مصرية، بسبب رفض عمدة قرية موشا التبليغ عن المرض، وأدي شيوع الوباء لحصد أرواح 34 ألف مواطن، وذلك ما دفع أمير الشعراء أحمد شوقي أن يربط في قصيدة بين قرية موشا والموت.
كان الحجاج العائدون من مكة المكرمة سرا عن طريق البحر الأحمر، من خلال ميناء القصير، أو عن طريق البر، أو الهاربون من محجر الطور ، بالإضافة إلي ركاب وعمال البواخر والسفن الذين يقفزون من البواخر قرب قناة السويس، وهم محملون بالمرض، ثم يتجهون إلي القري والمدن، ليتسببوا في شيوع الكوليرا، كل ذلك جعل ركاب السفن يمثلون أزمة للحكومة في مصر، حتي ظهرت الطائرات بمصر وامتلكت الشيوع.
كانت الكوليرا التي ضربت مصر عام 1902م هي السبب في أن ترسل مصر وفوداً طبية مع الحجاج، كما يقول الطبيب نصر أبو ستيت في مذكراته الطبية النادرة عام 1947م، حيث بدأت مراقبة الحجاج بكل دقة في حلهم ورحالهم، خوفاً من الذين يقفزون من السفن، ويهربون من الحجر الصحي.
يؤكد المؤرخون أن المصريون شاهدوا الطائرات في زمن الحملة الفرنسية، حين قرر الفرنسيون تطير مناطيد في الأزبكية، وقد باءت المحاولة بالفشل كما يؤكد المؤرخ الجبرتي في تاريخه، إلا إن الطائرات ازدادت شيوعا في بدايات القرن العشرين، حيث وصفت جريدة الأهرام عام 1930م أول طيار مصري، وهو محمد صدقي ورحلته، كما وصفت الأهرام بعدها أول فتاة مصرية وعربية تحلق في الجو وهي لطيفة النادي عام 1934م، حيث كانت "لطيفة النادي" سفيرة غير رسمية للمرأة المصرية الحديثة، وشاهدت الكثير من المآسي، وهي تتدرب جراء اصطدام الطائرات واحتراقها بالطيارين، وقالت "الأهرام" أن لطيفة النادي فكرت في اعتزال الطيران لكي تعيش هادئة البال وهذا ما حدث.
عام 1947 ظهرت الكوليرا بمصر بعد اختفائها لمدة 45 سنة، وكان بداية ظهورها في قرية أم قرين بالسويس، وكان السبب في ذلك أن قناة السويس كانت مرتبطة بحرا وجوا بالهند، وقامت القوات البريطانية باستخدام موانى السويس دون المرور علي الحجر الصحي، ودون الهبوط في مطارات بها حجر صحي، حتي تفشى المرض في عموم مصر.