كشفت محاضرة علمية نادرة بعنوان "الفيضانات العالية واتقاؤها" للدكتور حسن زكي مفتش النيل بالوجه البحري عام 1939م عن دور مصر في تهذيب نهر النيل في إفريقيا، حيث كان مهندسو الملك العظيم رمسيس دورهم في تعديل مجرى النيل بالنوبة عند جرف حسين، كما رصد أقوى الفيضانات العالية التي وصلت لنحو 1240 مليونًا من الأمتار المكعبة يوميًا في فيضان 1878م.
موضوعات مقترحة
كانت وزارة الري المصرية أعلنت في بيان لها مساء أمس، أن مياه الفيضان الواردة خلال شهر أكتوبر تفوق معدلات الأعوام السابقة وأن الإيراد العام للنهر مبشر جدًا؛ حيث بدأ حول المتوسط حتى منتصف أغسطس، ثم ازدادت معدلات الأمطار بدرجة كبيرة وأن كانت المياه الواردة خلال شهر أكتوبر فاقت كل المعدلات السابقة
.
وأكدت الوزارة أنها تقوم بتطبيق الضوابط التي حددها القانون لإزالة المخالفات داخل مجرى نهر النيل بالتعاون والتنسيق الكامل مع المواطنين والجهات المعنية، حفاظا على حدود نهر النيل وفرعيه وأيضا نوعية المياه ومنع التعدي عليه من خلال عدم إقامة أي أنشطة داخل خط تهذيب النهر والمناطق المحظورة لمجرى نهر النيل
.
وتنشر «بوابة الأهرام» المحاضرة النادرة التي نشرتها جمعية المهندسين الملكية المصرية عام 1939م والتي تثبت مجهودات مصر في كافة العصور والحقب التاريخية على القيام بدورها لتهذيب نهر النيل، حيث تكشف المحاضرة النادرة بالإحصائيات والأرقام قيام الملك مينا "نارمر" موحد القطرين في بداية عهد الأسرات بإنشاء الجسر الأيسر، أما الملك سيزوستريس فقد قام بعمل طراد بالبر الأيمن مقتفيا آثار جده مينا
.
لكن المصريون القدامى حين قاموا بحصر النيل في مجرى أيمن وأيسر فوجئوا بأن النهر سيطغى على الوجه البحري ومصر الوسطى ليكتسحها ويجرف الجسور، هذا ما يؤكده الدكتور حسن زكي في محاضرته النادرة مؤكداً أنهم قاموا بإنشاء بحيرة موريس خزانا ينفذ إليه الفائض من مياه الفيضانات العالية، التي يحتجزها وكان خزان موريس أروع عمل هندسي في العصر الفرعوني
كانت المشكلة التي أرقت المصريين كيف نصل لضبط مياه النيل والوقاية من الفيضانات العالية فالنيل معبود الفراعنة، لذا استمر المصريون في بناء الجسور وتأسيس مراصد النيل، وتؤكد المحاضر أن أعلي فيضان شهدته مصر عبر تاريخها الحديث كان عام 1878م حيث وصل لنحو 15و94 مترا عند أسوان وكانت كمية المياه تبلغ نحو 1240 مليونا من الأمتار المكعبة يوميا
.
يقول حسن زكي مفتش النيل إن نهر النيل في موسم الفيضانات يتغذى من الموارد التالية: النيل الأبيض 14% وهي تساوي 7 مليارات من المياه، والنيل الأزرق بنحو 67% وهو يساوي 5و23 مليار متر مكعب من المياه ورافد عطبرة بنحو 19% وتساوي 9 مليارات متر مكعب ليكون المجموع نحو 100 % بمجموع تصل لنحو 30 مليار متر مكعب في شهور أغسطس وسبتمبر وأكتوبر
.
ولم ترصد مناسيب النيل منذ أمد بعيد أول أرصاد منتظم يصح الاعتماد عليه لما قبل تاريخ 1869م وهو المرصاد الذي أنشأته مصر في الخرطوم بالسودان، إلا إن مرصاد جزيرة الروضة القديم قام برصد مناسيب الفيضان عام 641م مؤكدا أن رصد مناسيب الفيضان توقفت في إفريقيا حين نشبت ثورة المهدي ولكن تمت القراءة له عام 1900م لتستمر مصر في رصد الفيضان وقوته
.
أنشأت مصر مقياس حلفا عام 1890 م وأنشأت مقياس أسوان عام 1869م حيث قام بتصميمه العالم الشهير محمود باشا الفلكي، وتم إنشاء أرصاد في قناطر الدلتا عام 1846م وبذلك تكون أعلى الفيضانات في تاريخ النهر بمصر فيضان 1878م الذي روع البلاد وشيب الأطفال ودمر القرى حيث بلغت أقصى ذروة له في بداية أكتوبر 94.15 متر وكذلك فيضان 1874م والذي بلغت ذروته عند أسوان حوالي 93.97 متر أما فيضان 1887م الذي توقفت فيه حركة المواصلات تماماً والسكة الحديد فهو رغم قوته إلا إنه لم يتسبب في هدم الجسور رغم أنه حمل الجثث من السودان حتى مصر
.
رصدت المحاضرة النادرة الفيضانات العالية بذكر الأعوام، حيث تعرضت الجسور للتلف وتكبدت فيه مصر أموالا طائلة للسيطرة علي قوته، مؤكدا أن الكثير من الباحثين فكروا في إيجاد علاقة تربط سلسلة الفيضانات العالية للأنهار بالدورة الزمنية للفلك وهي رؤية رغم اقتناع البعض بها إلا أنها تحتاج لإثبات علمي فلا نستطيع أن نجزم بماهية الفيضان قبل سقوط الأمطار أعالي النيل ومعرفة الأرصاد إلا إننا أسعد حالا من أجدادنا الذين كانوا يفاجئون بالمياه بين أيديهم
.
تحدثت المحاضرة والتي تم نشرها قبل إنشاء السد العالي الذي حمى مصر من خطر الفيضان، عن الطرق المصرية التي اتبعتها في الوقاية من الفيضانات العالية وهي تقوية الجسور وتهذيب المجرى وتعديل التعاريج والحجز علي قناطر فرع دمياط أثناء دمياط والحجز علي خزان جبل الأولياء الذي بنته مصر وسلمته للسودان والحجز علي خزان أسوان مع التريث في تحويل الحياض للري
.
تؤكد المحاضرة أن قوة الطبيعة لا يمكن السيطرة عليها والأنهار بنوع خاص لم يفلح أحد في السيطرة عليها بالقوة والعنف بل هي تقاس بالنظريات العلمية والتجارب العلمية وهي ما فعلته مصر في تهذيبها للنهر في وطنها وخارج حدودها في إفريقيا
.
محاضرة علمية نادرة بعنوان "الفيضانات العالية واتقاؤها" محاضرة علمية نادرة بعنوان "الفيضانات العالية واتقاؤها" محاضرة علمية نادرة بعنوان "الفيضانات العالية واتقاؤها"