Close ad

3 سنوات على رحيل ألفين توفلر.. الرجل الذي سبق عصره وتنبأ بمستقبل العالم | صور

7-7-2019 | 14:42
 سنوات على رحيل ألفين توفلر الرجل الذي سبق عصره وتنبأ بمستقبل العالم | صورألفين توفلر
مصطفى طاهر

لم يؤثر أي حديث عن المستقبل في واقع السياسة الدولية وفكر القادة والسياسيين وعلماء الاجتماع، كما فعل الكاتب والمفكر الشهير "ألفين توفلر" التى تواكب هذه الأيام الذكرى الثالثة لرحيله.

موضوعات مقترحة

فقد كانت دقة توفلر ومنطقيته في التفكير عندما تقرأ له و هو يحكي لك عن مستقبل العالم سياسيًا و اقتصاديًا و اجتماعيًا كفيله بأن يجعلك تشعر أنه يحدثك عن شيء يراه بالفعل حاضرًا أمام عينيه. 

 "آلفين توفلر" الكاتب و المفكر الأمريكي و عالم دراسات المستقبل الذي غيبه الموت في لوس أنجلوس في مثل هذا اليوم منذ ثلاث سنوات، والذي أبهر العالم بتوقعاته، المولود عام 1928 في بدايات الربع الثاني من القرن الماضي، و العالم المؤسس في مجال دراسات المستقبل (Futurology) الذي تُرجمت كتبه و دراساته إلى أكثر من عشرين لغة حوال العالم، و قام بالتدريس لعدة رؤساء دول و حكومات أبرزهم "ميخائيل جورباتشوف" آخر رؤساء الاتحاد السوفيتي، والرئيس الهندي "أبو بكر زين العابدين"، ورئيس وزراء ماليزيا السابق "مهاتير محمد" وغيرهم الكثير من أبرز قادة و حكام العالم سياسيًا و اقتصاديًا .

كان توفلر في أعماله يحلق خارج السرب دوما سواء في اختياره لموضوعاته أو في الكيفية التي يتناولها بها .. فلفت أنظار العالم وهو يناقش الثورة الرقمية، وثورة الاتصالات، وثورة الشركات ،والتطور التكنولوجي، و حقق نجاحات كبيرة عندما عمل نائبا لرئيس تحرير مجلة فورتشن الشهيرة .

ركز توفلر في كتاباته المبكرة على التكنوجيا وتأثيرها على الناس، و لكن في جوانبها المثيرة مثل تأثير المعلومات الزائدة أو الفائضة على البشر، ثم تحول بعد ذلك إلى دراسة ردات الفعل والتغيرات في المجتمعات .

أصبح توفلر الذي يصنف من أهم علماء الإجتماع في التاريخ، بفضل كتابه "صدمة المستقبل" الذي ترجم لعشريـن لغة، و بيعت منه 15 مليون نسخة في خمسين دولة، و الذي بحث فيه موضوع التغيير الاجتماعي المستقبلي في دول العالم المتحضر تحديدًا ، بالإضافة إلى كتبه الأخرى في نفس السياق التي كتبها بالاشتراك مع زوجته هايدي توفلر، واحدًا من أبرز المستشرفين في العصر الحديث ، وكان صدور صدمة المستقبل هو بداية إعتماد كبار القادة العالميين والأثرياء على استشاراته فيما يخص علم الاجتماع و علم دراسات المستقبل.

و نجح توفلر كثيرا و أدهش الجميع فتنبأ بدرجة كبيرة من الدقة بالتطورات الاقتصادية والتكنولوجية الحديثة - بما فيها بزوغ ونمو علم الاستنساخ والحاسوب الشخصي والإنترنت، بالإضافة إلى التأثيرات الاجتماعية التي ساعدت هذه التطورات في الظهور، ومن ضمنها العزلة الاجتماعية، و انهيار دور الأسرة البيولوجية، وزيادة معدلات الجريمة واستخدام المخدرات، وتغيير القيم الاجتماعية والأخلاقية السائدة .

كما شكلت كتاباته و دراساته بعد ذلك أهمية كبيرة عن تركيز الدول بشكل واضح في القرن الواحد والعشرين على تطوير المعدات العسكرية وانتشار الأسلحة وتطوير التكنولوجيا وعلى الرأسمالية .

و وصفت مؤسسة أكسنتور للاستشارات الإدارية توفلر بأنه ثالث أهم شخص بين رواد الإدارة في الولايات المتحدة عبر التاريخ بعد بيل جيتس وبيتر دراكر، كذلك وصفته الجريدة البريطانية العريقة "فاينانشال تايمز" بإنه "أشهر عالم دراسات مستقبل في العالم".

كما صنفته صحيفة "الشعب" اليومية الصينية بين الخمسين أجنبي الذين ساهموا في صياغة الصين الحديثة ، وجاء في الصحيفة الصينية نصًا "أنه على مر تاريخ الصين الطويل، فإن العصر الذي بدأ من عام 1840 تميز بأكبر وأسرع وأشرس وأعقد تغيير في تاريخ الصين،وقد كان هناك الكثير من الأجانب الذي كان يمكن أن يؤثروا في تلك الفترة بالذات، لكن بشكل عام فهناك خمسون منهم بلا شك قد قدموا أفضل وأكبر تأثير برهن على الميزات التاريخية التي تصادمت بها الصين مع العالم".

صنع "توفلر" مع الصحافة حالة شديدة الرقي في تجربته الناجحة مع مجلة فورتشن (Fortune Magazine) وهي المجلة الدولية الأشهر التي تصدر من الولايات المتحدة، و تُعنى بقضايا المال و الأعمال ، وتصدرها شركة تايمز الإعلامية، ولها تاريخ عريق بدأ مع إنشائها عام 1930 على يد مؤسس مجلة تايمز هنري لوس، و تعد مجلة فورتشن من أكثر الإصدارات تأثيراً في العالم، فهي تصدر بشكل دوري أبحاث و دراسات تعنى بترتيب الشركات 500 الأكبر في أمريكا و العالم من حيث رأس المال, بالإضافة إلى ترتيب رجال السياسيين و رجال الأعمال و النساء الأكثر تأثيراً . و لا يوجد لها منافس عالميا باستثناء "مجلة فوربس" التي تعد الند العنيد لمجلة فورتشن, خاصةً في الأبحاث التي تُعنى بترتيب الشركات .

كان "توفلر" يملك نظرة استثنائية لشكل المجنمعات الحديثة فيحدثنا عن أفكاره عن طبيعة المجتمع بقوله: "يحتاج المجتمع إلى أفراد يهتمون ويعتنون بالمسنين وكبار السن وإلى أفـراد يكونون رحماء فيما بينهم وصادقين مع بعضهم.، يحتاج المجتمع إلى أفراد يعملون في المستشفيات ويحتاج المجتمع إلى كل أنواع المهارات والمعارف التي لا تكتفي بكونها مهارات فنية لا غير، بل أن يكون حاملو هذه المهارات والفنيات يتمتعون بعواطف ووجدان، لا تستطيع الحفاظ على المجتمع بالأوراق والكمبيوتر وحدهما".

ويصف توفلر أمية القرن الواحد والعشرين في كتابه "إعادة تفكير في المستقبل" فيقول: "الأميون في القرن الواحد والعشرين ليسوا من لا يقرؤون ولا يكتبون، لكن أميين القرن الجديد هم الذين ليست عندهم قابلية تعلم الشيء ثم مسح ما تعلموه ثم تعلمه مرة أخرى".

و في كتابه الأشهر "الموجة الثالثة" يتنبأ توفلر بمستقبل العالم و موجته الثالثة حينما يقسم المجتمع إلى ثلاثة أنواع من المجتمعات، مستندًا على مفهوم يسميه "الموجات". فكل موجة تزيح طبيعة المجتمعات وطبيعة الثقافات السابقة عليها جانبا .. و الموجة الأولى هي مجتمع ما بعد الثورة الزراعية الذي أزاح وتجاوز ثقافة مجتمع الصيد .. أما الموجة الثانية فهي المجتمع أثناء الثورة الصناعية. التي يرجع تاريخها تقريبا إلى أواخر القرن السابع عشر وحتى أواسط القرن العشرين.

المكونات الرئيسية لمجتمع الموجة الثالثة هي الأسرة النووية أو الأسرة النواة ، و نظام التعليم المصطنع ونظام المؤسسات التجارية. فمجتمع الموجة الثانية طام مجتمع صناعي قام على أساسات عديدة. قام على الإنتاج الضخم، والتوزيع الواسع المجال، وعلى الاستهلاك الكبير، التعليم الإلزامي، ووسائل الإعلام ذات الجمهور العريض، وانتشار وسائل التسلية والترفيه، حتى نصل إلى انتشار أسلحة الدمار الشامل. ثم تجتمع هذه الأساسات مع مفاهيم مثل توحيد المقاييس أو التوحيد المعياري، ومفهوم المركزية، ونظام التواصل والتزامن السريع. ثم نخرج بنموذج تنظيمي إداري ندعوه البيروقراطية".

وصف البيان الذي خرج من شركته الاستشارية في وقت رحيله والذي نعاه فيه تلاميذه قائلين "تحقق الكثير من توقعاته ، وثبتت صحة الفكرة الرئيسية التي بنيت عليها هذه التوقعات وهي الفكرة القائلة إن اقتصادًا معلوماتيًا حديثًا سيأخذ مكان العصر الصناعي"

كما كان له فضل كبير في تطوير طريقة تفكير رئيس الحكومة الصينية الأسبق زهاو زيانج . كما أعترف بعبقريته الملياردير المكسيكي كارلوس سليم الذي ساعده "توفلر" كثيرًا على التنبؤ بالفرص التجارية المستقبلية والتعرف عليها.

في عام 1987 كان هناك حدث فارق في إنجاز توفلر ربما هو الذي يهمنا الأن كثيرا فقد صدرت وقتها في معظم عواصم أوروبا الشرقية ترجمات محدودة خاصة بصنّاع القرار، منها ترجمة كتاب توفلر "الموجة الثالثة "Third Wave ففي هذا الكتاب بعيدا عن أشكال المجتمعات الثلاثة يتنبأ توفلر بانهيار الاتحاد السوفيتي السابق، ويقدّم دلائل علمية وذكيّة تؤيد تصوراته وتدعم بقوة احتمال انهيار وشيك . وهذا ما تحققّ بعدها بثلاث سنوات . لقد انهار الاتحاد السوفيتي فعلا كما توقع توفلر . .في نهاية الكتاب، يستكمل توفلر نبوءته بالقول أنه بعد 25 عاماً على الأقل من انهيار الاتحاد السوفيـتي على العالم أن ينتظر بعدها انهيار الولايات المتحدة الأمريكية نفسها وتفككّها إلى ولايات مستقلة .

يرى توفلر في إطار نظريته المستقبليّة احتمالات عدّة لسيناريوهات الإنهيار منها، أن تبدأ ( ثورة السود) وامتدادها إلى كل الولايات. حرائق ومظاهرات ، وأعمال شغب وقتل وانهيار أمني ثم انفصال و هكذا، سوف يبدأ الانهيار .. شرارة واحدة تشعل غضب الملونين .. لايشّك توفلرإطلاقا بإن نبوءته عن تفككّ الولايات المتحدة الأمريكية قد لا تحدث ، فتنبني أفكاره على قراءة واقعية لما سيجري في العالم . فتلك كانت نبوءة. فقد انهار الاتحاد السوفيـتي بالفعل، وها قد مضى ما يقرب من 25 عاماً.فهل يمكن اعتبار نبوءة توفلر عن انهيار الولايات المتحدة أمراً محتملاً؟

ربما يكون كل ما يجري من تفكيك، منذ عام 1990- وما بعد انهيار الاتحاد السوفيـتي- يؤكد أن العالم كله، يتجه فعلا نحو التفككّ: من الاتحاد السوفيتي الذي تحوّل إلى روسيا الإتحادية ، مروراً بأوروبا الاشتراكية نفسها ( حيث انشطرت تشيكوسلوفاكيا إلى دولتين: التشيك- وسلوفاكيا) وربما لا ينتهي بما يجري اليوم في منطقة الشرق الأوسط ، في العراق واليمن و سوريا، و مازال خبراء السياسة و الاجتماع في أمريكا و العالم مستغرقين في البحث في توقعات توفلر و مازالت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية خائفة من صدق النبوءة هذة المرة أيضًا .

عاش توفلر حياة زوجية حافلة في لوس أنجلوس أمتدت لستيـن عاما مع زوجته السيدة هايدي توفلر وهي كاتبة أيضا وعالمة دراسات مستقبلية. ساعدت توفلر في صناعة كتبه دائما، و ساعدته في إنجاز مهمته التي أدهشت العالم و قدمت للقاريء مشهدا استثنائيا لن يراه إلا مع آلفين توفلر .. مشهدا من المستقبل .


ألفين توفلرألفين توفلر

ألفين توفلرألفين توفلر

ألفين توفلرألفين توفلر

ألفين توفلرألفين توفلر

ألفين توفلرألفين توفلر
كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة