Close ad

شاعر الأسبوع.. نازك الملائكة رائدة القصيدة الحرة

11-11-2018 | 15:52
شاعر الأسبوع نازك الملائكة رائدة القصيدة الحرةنازك الملائكة
يوسف العوال

قد هبطنا في شاطىء الشعر والفن فماذا فيه من الأفراح؟

موضوعات مقترحة
ها هو الشاعر الكئيب وحيدا تحت سمع الآصال والأصباح
أبدا ساهم يراقب أيّام حياة لا تنقضي بلواها
لا يرى الواهمون غير ضحاها ويعيش الفّنان تحت دجاها

لم تكن العراقية نازك الملائكة (23 أغسطس 1923-20 يونيو 2007) شاعرة فقط، بل نموذج لانعكاس اجتماع مقومات ثقافية كثيرة في شخص واحد، ساعدتها على أن تكون رائدةً من رواد الشعر الحر، الذي اتجه إليه الشعراء بديلا للقصيدة التقليدية التي تتكون من شطرين، التي نشأ عليها الشعر العربي منذ عصره الجاهلي.

ففي بلاد الرافدين التي شهدت حضارات عظيمة، ولدت نازك في بغداد لأب شاعر وأم شاعرة أيضا، وتنوعت دراستها ما بين الموسيقى والأدب، الذي حصلت فيه على درجة الماجستير من جامعة ويسكونسن-ماديسون في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقول نازك:

لم يزل مجلسي على تلّي الرمليّ يصغي إلى أناشيد أمسي
لم أزل طفلة سوى أنني قد زدت جهلا بكنه عمري ونفسي
ليتني لم أزل كما كنت قلبا ليس فيه إلا السّنا والنقاء
كلّ يوم أبني حياتي أحلاما وأنسى إذا أتاتي المساء
في ظلال النخيل أبني قلاعا وقصورا مشيدة في الرّمال


اجتاح العالم بعد الحرب العالمية الثانية تغييرات اجتماعية وثقافية وسياسية، ودخل الشعر العربي في قلب هذه التغييرات، وهنا ظهرت ثورة في عالم الشعر وهو الاتجاه لقصيدة التفعيلة، والتي تعتمد على بناء القصيدة على السطر الشعري، وليس على البيت الشعري، وكانت قصيدة "الكوليرا" لنازك ميلادا جديدا لهذا الفن الشعري، وتقول نازك في قصيدتها الكوليرا، التي كتبتها عام 1947:

سكَن الليلُ
أصغِ إلى وَقْع صَدَى الأنَّاتْ
في عُمْق الظلمةِ، تحتَ الصمتِ، على الأمواتْ
صَرخَاتٌ تعلو، تضطربُ
حزنٌ يتدفقُ، يلتهبُ
يتعثَّر فيه صَدى الآهاتْ
في كل فؤادٍ غليانُ
في الكوخِ الساكنِ أحزانُ
في كل مكانٍ روحٌ تصرخُ في الظُلُماتْ
في كلِّ مكانٍ يبكي صوتْ
هذا ما قد مَزّقَهُ الموتْ
الموتُ الموتُ الموتْ
يا حُزْنَ النيلِ الصارخِ مما فعلَ الموتْ


وضربت نازك مثالا للمرأة العربية الرائدة دائما، التي لم تتفوق في مجالها فقط، بل كانت رائدة فيه، وناجحة على المستوى الأسري، ونتيجة للتغييرات السياسية في العراق غادرتها إلى الكويت، ومن ثم غادرت الكويت بعد غزوها من قبل العراق عام 1990، لتكمل حياتها هنا في القاهرة، إلى أن توفيت في عام 2007، وتقول نازك في قصيدة بعنوان "إن شاء الله":

ناديت الوردة ذات صباح : " يا وردة إني عطشى "
فرنت وانتفضت وابتسمت
وجها، قلبا، شفة، رمشا
منحتني العطر، اللون، الحبّ، وما بخلت
فرشت لي خدّيها وحنت
وسألت حبيبي أن ألقاه
فتطلّع فيّ وقال : أجل، إن شاء الله..
بضعة ألفاظ ثم مضى
وعد منه وحماس من قلبي ورضى
وغدا أو بعد غد يحضر إن شاء الله..
إن شاء الله..
وعد في شفة الزنبق غطّى المرج شذاه
وتألّق فجر منبثق خلف مسافات مبهوره
ونسائم تعبر في وديان مسحوره
إن شاء الله  رؤى أغنية طافحة وندى وصلاه
إن شاء الله  تسابيح وصدى أجراس
وبشاشة كأس لامس كأس
إن شاء الله  تفجّر أعياد وحياه
وتلاقي أعناب ومياه
فجّرت العالم بالخضره
إن شاء الله  وجاش البحر وأعطانا
سمكا ولآلي ورشاشا رطّب أوجهنا ورؤانا
إن شاء الله  وألف يد مرّت وتيقّظ ألف وتر
وتألّق حولي ألف قمر
وأنا ما زلت أعيش وأحلم أن ألقاه
فمتى يشرق لي فجرك يا إن شاء الله ؟
هل ومتى  لحن جفون ضارعه وشفاه
هل تحضر ؟ هل يأتي المطر ؟
هل يسخو العطر وينهمر ؟
إن شاء الله
إن شاء الله
ومتى يسري نسغ السكّر
في الرمّان الحامض ؟ والفجر متى يظهر ؟
والشاطىء بعد ضنى الأسفار متى سنراه
إن شاء الله ؟

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: