Close ad

شاعر الأسبوع: قيس بن الملوح.. "ومن الحب ما قتل"

20-10-2018 | 17:44
شاعر الأسبوع قيس بن الملوح ومن الحب ما قتلقيس بن الملوح - أرشيفية
يوسف العوال

وقالوا لو تشاء سلوت عنها فقلتُ لهمْ فانِّي لا أشَاءُ

موضوعات مقترحة

"ومن الحب ما قتل"، لا تعتبر هذه مقولة عابرة فقط يتم التعبير بها عما قد يصل بالعاشق، إلى أن يموت في سبيل الحب، بل إن قيس بن الملوح قد جسد هذه المقولة فعليا، وأصبح حبه لبنت عمه ليلى العامرية، أيقونة من أيقونات قصص الحب التي امتلء بها تاريخ الإنسانية، فلا يذكر قيس إلا وتذكر معه ليلى، والتي أصبحت هي أيضا رمزا لكل محب، وكل من يريد أن يتغنى بالحب، فيقول قيس:

يقولون تُبْ عن ذِكْرِ لَيْلى وحُبِّها وما خَلْدِي عَنْ حُبِّ لَيْلَى بِتائِبِ

تربى قيس منذ صغره مع ليلى ابنة عمه، وكان حبه يزداد لها مع الوقت، وصارت ليلى محور شاعريته، وتقدم لخطبتها من عمه، لكن العادات العربية، كانت تمنع أن يتزوج من يتغزل بفتاة أن يتزوجها خوفا من العار الذي سيلحق بهذه العائلة، وفرق والد ليلى بين العاشقين، وزوجها من رجل آخر يسمى ورد بن محمد العُقيلي، رغما عنها، ورحلت معه إلى الطائف، وهنا جن جنون قيس، ويقول:

أحِنُّ إلى لَيْلَى وإنْ شَطَّتِ النَّوَى بليلى كما حن اليراع المنشب
يقــولون ليــلى عـــــذبتك بحبها ألا حبذا ذاك الحبيب المعذب


اكتسب قيس لقب المجنون، فبعد ضياع ليلى منه، سار هائما في الصحاري، لا يعرف له أرض، ولا مكان، حتى صار يحس أن العشاق الموتى لا يريحهم الموت من عذابات الحب، فيقول:

لو سيـل أهل الهوى من بعد موتهم هل فرجت عنكم مذ متم الكرب
لقال صـــــادِقُهُمْ أنْ قد بَلِي جَسَدي لكن نار الهوى في القلب تلتهب
جفت مدامـع عين الجسم حين بكى وإن بالدمع عين الروح تنسكب


ورويت قصصا كثيرة عن جنون قيس، فقيل إنه ذهب إلى ورد زوج ليلى، في يوم شديد البرودة، وكان جالسًا مع كبار قومه حيث أوقدوا نارا للتدفئة، فأنشده قيس قائلاً:

بربّك هل ضـــــممت إليـك ليلى قبيل الصبح أو قبلت فاها
وهل رفّت عليــــك قرون لـيلى رفيف الأقحوانة في نداها
كأن قرنفلاً وسحيقَ مِسك وصـوب الغانيات قد شملن فاها


فقال له ورد: أما إذ حلّفتني فنعم.
فقبض قيس بكلتا يديه على النار ولم يتركها حتى سقط مغشيًا عليه.


ماتت ليلى من شدة حزنها، وزواجها التي أرغمت عليه، فظل قيس يبكي على قبرها، ويقول:

أيا قبر ليلى لو شهدناك أعولت عَلَيْكَ نِساءٌ مِنْ فَصيحٍ ومِنْ عَجَمْ
ويــا قـــــبرَ ليــــلى أكْرِمَنَّ مَحَلَّهَا يَكُنْ لكَ ما عِشْنَا عَلَيْنَا بها نِعَمْ
ويا قبرَ ليلى إنَّ لَـــــيْلَى غريبَة ٌ بأرضك لا خل لديها ولاابن عم
و يا قبر ليلى ما تضـمنت قبــــلها شَبِيهاً لِلَيْلَى ذا عَفافٍ وذا كَرَمْ
و يا قبر ليلى غابت اليوم أمهــــــا وَخَالَتُهَا وَالْحَافِظُونَ لها الذِّمَمْ


وقيل أن قيس وجد في النهاية ميتا، في صحراء بين الحجارة، ووجد بيتا كتبهم يقول فيهم:

تَوَسَّدَ أحجارَ المهامِهِ والقفرِ وماتَ جريح القلبِ مندملَ الصدرِ
فياليت هذا الحِبَّ يعشقُ مرةً فيعـــلمَ ما يلقى المُحِبُّ من الهجرِ


ظلت قصة قيس وليلى أحد أهم قصص الحب في الأدب العربي، وتحولت إلى أسطورة، وهنا نختتم بأحد أشعر قصائد قيس، فيقول فيها:

تــذَكَّرتُ لَـــيلى وَالسِـــنينَ الخَــــوالِيــا وَأَيّامَ لا نَخشى عَلى اللَهوِ ناهِيا
وَيَومٍ كَظِلِّ الرُمحِ قَصَّرتُ ظِــــلَّهُ بِــــلَيلى فَـــلَهّاني وَمـــا كُنـــتُ لاهِيا
بِثَمدينَ لاحَت نارُ لَيلى وَصُحبَتي بِذاتِ الغَضـى تُزجي المَطِيَّ النَواجِيا
فَقالَ بَصيرُ القَـــومِ أَلمَحتُ كَوكَبــاً بَـــدا فـــي سَــــوادِ اللَيلِ فَرداً يَمانِيا
فَقُلتُ لَهُ بَل نارُ لَيلى تَــوَقَّـــدَت بِعَـــليا تَـــسامى ضَــــوءُهــا فَبَــــدا لِيا
فَلَيتَ رِكابَ القَومِ لَم تَقطَعِ الغَضى وَلَيتَ الغَضى مـــاشى الرِكابَ لَيالِيا
فَيــا لَيــلَ كَـــم مِـــن حـاجَةٍ لي مُهِمَّةٍ إِذا جِئتُــكُم بِــــاللَيلِ لَم أَدرِ ماهِيا
خَليـــلَيَّ إِن لا تَـــبكِيانِيَ أَلتَـــمِس خَـليلاً إِذا أَنـــزَفـــــتُ دَمعي بَكى لِيا
فَمـــا أُشـــرِفُ الأَيفـــاعَ إِلّا صَبـــابَـةً وَلا أُنشِدُ الأَشــــعارَ إِلّا تَـــداوِيا
وَقَـــد يَــــجمَعُ اللَهُ الشَــــتيتَينِ بَــــعدَما يَظُــنّانِ كُلَّ الظَـــنِّ أَن لا تَلاقِيا

كلمات البحث
اقرأ أيضًا: