Close ad

السياسية والقبلية و"Metoo"... أشباح تطارد أبطال "Milkman"

17-10-2018 | 19:33
السياسية والقبلية وMetoo أشباح تطارد أبطال Milkmanغلاف الرواية
أميرة دكروري

في إعلانه حيثيات فوز الأيرلندية "آنا بيرنز"، بجائزة "مان بوكر" عن روايتها "Milk Man"، قال كوامي أبياه، رئيس لجنة التحكيم: "لم يقرأ أحد منا مثل هذا من قبل، صوت بيرنز مميز تماما يتحدي التفكير والشكل التقليدي في أسلوب نثري مفاجئ ومغامر"، تلك الغرابة التي يشير إليها أبياه، حتى وإن قصد معنى الدهشة، تبدو التوصيف الأقرب للرواية الإنجليزية التي ترصد عبر الكوميديا السوداء مجتمع مضطرب، حتى أن أبطاله رفضوا أن يحتفظوا بأسمائهم.

موضوعات مقترحة


رواية Milk man

تقول "آنا بيرنز" إن روايتها لا تحتمل "أسماء فقد جربت وضعها في بداية الكتابة، إلا أنها فقدت جو الكتاب وسلطته، فالقصة أصبحت ثقيلة ورافضة للتحرك، إلى أن قررت أن تنزع تلك الأسماء مرة أخرى".

تبدأ أحداث الرواية بظهور من وصفته المؤلفة بـ"رجل الحليب Milkman" (وهو توصيف ذكوري ساخر واضح الدلالة) "ميلكمان" الغامض، في حياة من أطلقت عليها بيرنز الأخت الوسطى، وهي فتاة في الثامنة عشرة، ويحاول ذلك الرجل الأربعيني، استخدم الروابط الأسرية والضغوط الاجتماعية والولاءات السياسية كأسلحة للإكراه الجنسي والمضايقة تجاهها.

"ميلكمان" رجل متزوج، ولديه سمعة سيئة مع الفتيات الصغيرات، ذو نفوذ عسكري، لذا فهو خطير، إنه يتعامل معها كأحد ممتلكاته يلاحقها ويسير جانبها في المتنزهات ويلاحظان معاً من قبل الناس، ويصيران محط القيل والقال، لكن ذلك كله يضع الأخت الوسطى محط اهتمام الجميع لأول مرة في حياتها، وهو شيء لم تكن تطمح إليه أبداً، لكن لا أحد يصدق ولا حتى أمها أنه بالفعل لا تربطها بالرجل أية علاقة، لكن مع كل هذه الضغوط ونظرًا لحالة الرجل وسلطته داخل هذا المجتمع المحاصر، يجب على الراوية أن تحتمل وجوده فقد هددها بقتل صديقها إذا ما استمرت في رؤيته، ولم يتواني في إخضاعها بكل السبل المتاحة له، وتستفيض الأخت الوسطي في توضيح ما تتعرض له من إهانات جنسية ونفسية من المجتمع وذوي النفوذ والأهل.


آنا برنز

تسعى بيرنز لتقديم تشريحًا للمجتمع لا يعتمد على البعد التاريخي، رغم أن روايتها لا تدور أحداثها في الوقت الحاضر، فهؤلاء الناس والمشكلات التي يواجهونها، يمكن أن تتواجد في الكثير من المجتمعات، ولعل السبب في إغفالها أسماء الشخصيات، فعلى الرغم من أن الرواية تأخذ مكانها في أيرلندا الشمالية خلال سبعينيات القرن العشرين، إلا أنها تطرح أفكار أنظمة وحركات سياسية واجتماعية أخرى وترصد آثارها على الإنسان، مثل روسيا الستالينية، وطالبان، وحركة "Me too" التي تتبادر للذهن أثناء القراءة .

ولعل بطش الأنظمة السياسية ليس محور الرواية، فقد عنت بيرنز بما هو أهم بحسب الجارديان، كالقبلية والطبقية والعنصرية الدينية والنظام الأبوي والعيش بانعدام ثقة و خوف دائم.

وترى صحيفة التليجراف أن الوتيرة المتأنية التي اعتمدتها بيرنز في الرواية هي الأنسب لأن حبكتها تُعتَمد كأحداث غير مرغوب فيها تماما، فكان لدى بيرنز الوقت لرسم مشهد اجتماعي ملون، ملئ بالمآسي سواء عن طريق البطلة أو احد أشقاء زوجها الذي يصبغ تحرشه بأسئلة تبدو عادية عن الفن، أو أخيها الذي يتحدث عن نفسه بصيغة الجماعة أو تلك الفتاة التي تتردد علي الحانات وغيرهم .

ويتداعي لذهن كلاين كلروي، محررة الجارديان، عدد من الأعمال من الأدب الأيرلندي الذي يمتاز بصوته الساخر البحت عند قراءة هذه الرواية، لكنها تؤكد أنه بالرغم من كل المقارنات فإن لدي milkman صوته المتفرد و طاقته الخاصة.

وتبدو إرادة المجتمع في البداية مهيمنة ولا تقهر، لكن أيضاً تعطي الرواية طاقة أمل عن طريق عدد من شخصياتها كالزوجين اللذان تخطا الكثير من الصعاب معاً لتحقيق شهرة عالمية كراقصين، ما ألهم الأطفال المحليين لمضاهاتهم وهناك "قضية المرأة" وهي جماعة نسوية ناشئة وأيضا يوجد "رجل حليب حقيقي" لا يقف لامتلاك أسلحة مدفونة في حديقته، ولا يستخدم أساليب الإخضاع والابتزاز.

ما يبدأ كدراسة حول كيفية سير الأمور بشكل خاطئ، يتحول إلى دراسة عن كيفية سير الأمور بشكل صحيح، فالذي يعرقل الراوية في ميلكمان، هو الوضع الراهن ليس من خلال كونها سياسية أو بطولية أو معارضا قوية، بل لأنها طبيعية ومرحة وفريدة ومختلفة ويمكن وصف الرواية بأكملها بذات الأوصاف.

ويقول أبياه، رئيس لجنة تحكيم الدورة الأخيرة من البوكر:"أعتقد أن هذه الرواية ستجعل الناس تفكر في حركة me too وأنا أحب الروايات التي تساعد الناس في التفكير في التحديات و الحركات الحالية، ونعتقد أن هذه الرواية ستستمر طويلا فهي ليست من الأشياء التي تعالج أو تذهب في الوقت ذاته"، وأضاف "أعتقد أنها رواية قوية جدًا عن ضرر وخطر الشائعات".

ميلكمان هي الرواية الثالثة لـ"آنا بيرنز"، وهي الروائية الأولي من شمال أيرلندا التي تفوز بجائزة البوكر الإنجليزية، وتقول آنا، إنها اندهشت عند فوزها وأن هذه الرواية استغرقت منها سنوات لتكتبها فهي كتبت بناءً علي خبراتها الشخصية"، بحسب الجارديان.

كلمات البحث
اقرأ أيضًا:
الأكثر قراءة