Close ad

وزير الثقافة الأسبق لـ"بوابة الأهرام": لست من "شلة المثقفين".. وسأصدر كتابًا يرصد ما قدمته خلال منصبي | صور

4-9-2018 | 22:33
وزير الثقافة الأسبق لـبوابة الأهرام لست من شلة المثقفين وسأصدر كتابًا يرصد ما قدمته خلال منصبي | صورالدكتور عبدالواحد النبوي
منة الله الأبيض

يعكف الدكتور عبدالواحد النبوي، وزير الثقافة الأسبق، على إعداد كتاب حول دور مصر الثقافي تاريخيًا وحاليًا، ويسجل بين ثنايا الكتاب تجربته  كوزير للثقافة، إذ تولى الوزارة في مارس ٢٠١٥ وتركها في سبتمبر من العام نفسه، ورغم قصر تلك المدة، إلا أن فترته الوزارية شهدت الكثير من الأحداث الجدلية، فلأول مرة في تاريخ الوزارة يذهب جماعة من المثقفين إلى رئيس مجلس الوزراء ويطالبونه بالتصحيح الثقافي وإقالة الوزير، في سابقة من نوعها.

موضوعات مقترحة

وفي هذا الحوار الذي تجريه معه "بوابة الأهرام"، يتحدث النبوي بصراحة ويقلب في الماضي، ويضع روشتة للمستقبل من وجهة نظره.

وإلى نص الحوار:

  •  مرت حوالي ثلاثة سنوات منذ تركت وزارة الثقافة، أين أنت الآن وما هي مشاريعك؟

عدت إلى عملي الرئيسي، حيث أعمل أستاذًا بجامعة الأزهر، في قسم التاريخ والحضارة، تخصص تاريخ حديث ومعاصر، مجالي يقترب من العلوم السياسية أكثر، أي الفترة القريبة من وقتنا الحالي، تحديدًا منذ بداية التسعينيات حتى الآن، وأنا مهتم بشكل كبير بتاريخ مصر والمنطقة التي نعيش فيها والتطورات والصراعات التي حدثت، وكيف أعادت الدول بناء نفسها بعد الاحتلال البريطاني، بمعنى آخر كيف أعادت الشعوب العربية تكوين مؤسساتها الخاصة، وبخاصة كيف بدأت تعيد صياغة حكمها بعد قوة احتلالية تسيطر عليها وتتدخل في شئونها، وإذا فهمنا كيف بنينا مؤسساتنا سنفهم واقعنا الحالي وإشكالياته.

 

  • وهل تعمل على مشروع بحثي حاليًا؟

أنا مهتم بالتطور الثقافي لمصر، وأعد كتاب عن تجربة مصر في بنائها ثقافيًا وكيف أصبحت قوى ناعمة، وعن بناء مؤسساتنا الثقافية، وأحاول أن أجيب على سؤال محوري في الكتاب؛ كيف استطاعت مصر أن تكون مؤثرة في الثقافة العربية والعالمية؟ وكذلك أسجل تجربتي في الوزارة بالمستندات وأقول ما لي وما عليّ.
وتبعًا لابن خالدون، فإن نظرية ارتقاء الأمم وأفولها، تعني أن الدول تبدأ كطفل وشاب ناضج ثم تهرم وتنهار، وقد مررنا بهذه التجربة، ونحن الآن - بخاصة من بعد ثورة 30 يونية-  في مرحلة إعادة بناء الدولة، بعد أن انهرنا، والآن نعيد بناء مؤسساتنا على ركائز وتاريخ سابق.

وأكثر ما يقلقني، أن كثيرا من النخبة والمثقفين، لا يدركون لطبيعة المرحلة والواقع الحالي، وما يجب أن نفعله في هذه المرحلة، تتكون الدولة  من عقل وإدارة ونخبة تقوم بإنتاج الأفكار، والعقل المتمثل في الإدارة يتغذى على أفكار النخبة، ويحدث ذلك بألا نتوقف عن الإنتاج، ولكن يجب أن نعلم ما الذي يجب أن ننتجه، والإنتاج يجب أن يكون مرتبطا بهذا الوطن وبمشاكل واقعنا.

 

  •  ترمي العبء كله على المثقف.. أين دور وزارة الثقافة؟

وزارة الثقافة تدير الإبداع ولا تنتجه، العبء الأكبر على المثقفين، الذين يجب أن يرتبط إنتاجهم بحالة المجتمع الحالية، وحلمنا في أن يتحرك للأمام ويتغير، والثقافة يجب أن تكون مرآة عاكسة لحالة المجتمع وتغيره للأفضل.

مهمة الوزارة أن تسهل وتيسّر للفنان أن يقيم معرضًا وينتقل في أقاليم مصر المختلفة، وتروج للإنتاج، وتعرضه على مسارح الدولة بمبالغ زهيدة، وأذكر أن أحد عمالقة الشعر العامي في مصر، جاءني حين كنت وزيرا وقال لي: أنتم تتركون بعض الجهات تنتج ما ليس له قيمة، قلت له: أعطني عملا وسأعطيك فرصة، وللأسف ذهب ولم يعد.

وأذكر أيضًا أنني عندما جئت إلى وزارة الثقافة، كانت تمتلك 20 مليون جنيه، منحتها لها وزارة المالية لدعم الأعمال السينمائية، ما أقصده هنا أن الوزارة تستطيع أن تدعم وتنفق، ولكن أين وفي أي اتجاه وما هو المحتوى؟ وللأسف لا يوجد دولة في العالم تستطيع أيا كانت إمكاناتها المالية أن تتولى إنتاج الثقافة بنسبة 100%.

  •  كيف؟

وزارة الثقافة  يجب أن تنفق على المجالات الثقافية فيما لا يزيد على٣٠٪، وخاصة في الصناعات الثقيلة في الثقافة التي قد لا تؤدي إلى شيء مربح.

على سبيل المثال هناك كتب يحتاج الشعب المصري أن يقرأها ، وكي أنتجها يجب أن أدعمها، وأطبعها بسعر زهيد، وكذلك المسرحيات والأفلام والمعارض التشكيلية.

فمثلًا؛ "سمبوزيوم أسوان للنحت"، من أهم المعارض والمهرجانات التشكيلية التي تدعمه وزارة الثقافة،  انطلق بعد ثلاثة أيام من حلفي اليمين في مارس 2015، ذهبت لأبعث رسالة للعالم أن الثقافة وأقاليم مصر في عقل وقلب القيادة السياسية، وأنه بالرغم من أن الكثيرين يحرمون فن النحت، فإن مصر تمتلك وزيرا للثقافة يشجعه ويدعمه، وهنا فكرة أن تدخل الوزارة في مثل هذه الصناعات الثقيلة والأخطر في هذا الموضوع كيف يمكن أن تخطط الثقافة تخطيطًا جيدًا يجعلنا عندما نرصدها بعد فترة من الزمن نجد أنها أحدثت تغيرًا وتطورًا في الشعب المصري، أي غيرت من مفاهيم المصريين.

وبمعنى آخر ما الذي يمكن أن نقدمه من ثقافة لهذا المجتمع ذات القيم والتقاليد الذي يعيش في وقت مضطرب وأنا دائمًا أقول أن مصر مهددة من حدودها الأربعة، لذا فلا يجب أن ينفصل المثقفين عن هذه المشاكل فيجب أن يكونوا سندًا للدولة المصرية ومع القيادة السياسية فيما يرفع من شأن هذا المجتمع ويجعلوه يتخطي المشاكل.

لكنني أرى أن كثيرا من المثقفين قد اعتزلنا والبعض يعارض خفاء، والبعض منهم  يحرص على مكاسبه فيحدث نوعًا من التوازنات، وهكذا لكن إذا أدركنا اللحظة الراهنة، وأنا دائما أقول إننا في مرحلة فاصلة من تاريخ مصر ما بين دولة تداعت أركانها قديما ودولة حديثة من المفترض ان تبني بناء جديدا، لذا نحتاج إلى مزيد من الإنتاج الثقافي في كل المجالات ويجب أن نلتفت إلى جميع أقاليمنا.

  • حصرت المثقفين في ثلاثة تصنيفات؛ المنعزلون والمعارضون في الخفاء، وأصحاب المصالح والتوازنات.. لماذا؟

المثقفون؟ ما هو تعريف المثقف أصلًا؟

  • صحيح إنه لا يوجد تعريف واحد للمثقف، لكن يمكن أن نستبدله بالنخبة وأبرزهم الذين ذهبوا للمهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء آنذاك واشتكوا من سياساتك في الوزارة.

لكن ليس هؤلاء فقط النخبة المصرية أو المثقفين المصريين، لأن إذا كان هؤلاء من المعارضين لي، فهناك آخرون كانوا مؤيدين وكتبوا ذلك علانية، وأذكر أن أحد الكُتّاب قال عني إن هذا الهجوم عليّ كان سببه أنني خارج الشلة، شلة المثقفين، ويهدد المصالح، بحسب ما كُتب آنذاك.

  • وهل فعلًا هاجموك لأنك كنت من خارج "شلة المثقفين"؟

أنا لا أعترف بمصطلح "شلة المثقفين"، ما أراه أن مصر بكل تكويناتها، أنتجت مجموعة من الأشخاص القادرين على الإبداع وإطلاق الأفكار، وبالتالي من الممكن أن يكون هذا المثقف موجودًا في أسوان والإسكندرية وسوهاج وغيرها، ولم يصل لدائرة الضوء، فهذا يعتبر مثقف أيضًا، باعتباره قادرًا على التغيير بالأفكار حتى لو هو في قرية نائية.

كنت أرى في هذه الفترة أن علينا أن نتعاون من أجل هذا البلد، والبعض يرى أن المعارضة الشديدة فيها خدمة لوطنه، لكنه في الحقيقة، شدة المعارضة فقد تؤدي إلى فقد البوصلة، والبوصلة أن هذا الرجل الموجود على رأس هذه السلطة، وهي وزارة الثقافة، يجب أن نخضع أعماله للمعايير العلمية السليمة ونري هل هو سوف يدفع الوزارة للأمام في الناحية الثقافية ويؤدي وظيفته خادما للشعب المصري بكل طوائفة، أم أنه سيأخذ الوزارة في اتجاه آخر.

  •  قلت من قبل إنه كان لديك مشروعا لم يكتمل..

أعتقد أننا إلى حد ما استطعنا في الفترة القليلة في ظل حالة الهجوم والشراسة أننا نتحرك قليلًا في بعض الأمور، وما أعرفه أنني جئت وللدولة توجه في أن تصل الثقافة للأقاليم في المناطق المختلفة، وأحمد الله أنه خلال ولايتي، عاد المسرح القومي لازدهاره، وعرضت مسرحية "ألف ليلة وليلة" وحققت نسبة مشاهدة كبيرة، كذلك نشط قطاع الفنون التشكيلية والهيئة العامة لقصور الثقافة، ولفت مسرحيات كثيرة أقاليم مصر وعرضت في مناطق نائية، وجددنا دماء قيادات وزارة الثقافة، ودشنا مشروع "صيف ولادنا" وكنت أتمنى أن يستمر حتى الآن وأن يكمل الوزراء التاليين ما بدأناه، الحقيقة كان لدينا رؤية واضحة أكثر من 220 صفحة نعمل عليها.

  • ألاحظ أنك تعدد إنجازاتك وتذكرها كثيرًا، هل تعتقد أنك ظلمت ولم تكمل مشروعك؟

أنا سعيد بالفترة التي جلستها وكان لي مشروع وكنت أود أن أكمله، لكنني راض عما فعلته، وعندما تولى من بعدي الأستاذ حلمي النمنم، ذهبت له وهنأته وجلست معه ساعتين وتحدثت معه في كل ملفات وزارة الثقافة، لأنني درست تاريخ الوزارات في العالم، ورأيت كيف يحدث تسليم وتسلم الوزراء لبعضهم، لإيماني بضرورة أن يبني المسئول الجديد ما بناه السابق أو يهدم سياسته إن كانت خاطئة. وتجربتي سيقيمها التاريخ، وسأكتبها في كتاب كما سبق أن أشرت وسأذكر ما لي وما عليّ.

وأذكر أن الأديب الراحل جمال الغيطاني والشاعر الراحل عبدالرجمن الأبنودي وكانا يتفقان معي أننا  كبلد نلتف خلف القيادة السياسية، فالأعمال الإبداعية يجب أن تلتقي مع مشاكل الوطن باعتبارها جزءا من حل المشكلة، لكن البعض الآخر كان يري أن عبدالواحد النبوي صغير السن، أو خارج الجامعة الثقافية أو أزهري.

  •  لماذا مثل انتماؤك لمؤسسة الأزهر أزمة بالنسبة للبعض؟

لم أكن أراها أزمة، الأزهر مؤسسة وطنية من الدرجة الأولى ووقف موقفًا وطنيا وقويًا ومؤثرًا في ثورة 30 يونيو، وأكثر مؤسسة أصيبت من الإخوان عندما تولوا السلطة، وشيخ الأزهر ذاق هجومًا شرسًا، واقتحموا المشيخة وهُدّد بالقتل، ولا أؤمن بتصنيف الأشخاص بهذه الطريقة، التصنيف هو : هل هذا الرجل مصري وطني أم غير وطني ..فقط.

  •  دائمًا يرفض الوزراء السابقون التعليق علي أداء الوزراء الحاليين لكن هذا لا يعني أن ليس لديهم أفكار أو توصيات.

أتمنى أن الوضع الثقافي ينطلق انطلاقة تتفق مع توجه الدولة الحالية، والرئيس السيسي أكد في أول خطاب له في مجلس النواب في فترته الرئاسية الثانية، أن بناء الإنسان سيكون على رأس أولويات الدولة المرحلة القادمة، وذلك يجب أن يُترجم لبرامج عملية واضحة على أرض الواقع، وهو مسئولية الموجودين في الوزارة حاليا.

  •  ألا يحتاج القانون رقم 356 لسنة 1954 الخاص بدار الوثائق القومية إلى تشريعات جديدة خاصة في جزئية إتاحة الوثائق للجمهور؟

يوجد مشروع قانون بدأ في عام 2006 وكنت أحد المشاركين فيه، إذ لدينا قانون من سنة 1954 وطرأت عليه مجموعة من التعديلات، ولم يكن كافيًا وبعد 30 يونيه 2013، دار الوثائق القومية قدمت مقترح للجنة تعديل الدستور بأن يضاف بند، وهو ما أصبح المادة 68 من الدستور والذي ينص على أن مؤسسات الدولة تلتزم بإيداع أوراقها داخل دار الوثائق القومية، هذا الجزء لم يكن فيه إلزام للمؤسسة، أو كان إلزام دون عقوبة، وبعض المؤسسات كانت ترفض، والحقيقة أن هذه الأوراق هي الحاملة لتاريخ هذا الوطن والمسجلة لحركته وانتصاراته وانتكاساته، لذلك إيداعها مهم.

تأسس أرشيفنا الوطني على يد محمد علي، وفي 2018 لدينا أزمة بعد 190سنة، لفهم أهمية الأوراق، فلابد من إصدار قانون يعطي دار الوثائق القومية الصفة الكاملة لكيفية جمع الأوراق، ومن ضمنها إتاحة الوثائق للجمهور، وينظم هذه المسألة.

لذلك عندما وصلت جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية لحكم مصر، أردوا أن "يكتفوا" الدولة، ويغزوا مفاصلها الرئيسية، علي مستوى كل الوزراءات والمؤسسات، ودار الوثائق القومية كانت إحدى هذه المقاصد، لأهمية الدار لكن نظام دار الوثائق لديه مجموعة من الموظفين الوطنيين والنظام في دار الوثائق ليس سهلًا اختراقه والإطلاع على أي وثيقة يجب أن يمر بسلسلة من الاجراءات فالموضوع صعب جدا اختراقه.

  • هل  تمتنع  بعض الجهات الرسمية  فعلا عن تسليم الأوراق لدار الوثائق؟

نعم يوجد بعض الجهات تمتنع، لأنها لا تمتلك الوعي بالموضوع وتعتبرها أوراقا قديمة يجب التخلص منها، وجهات أخرى ترى أن الورق ملكها يجب أن تحتفظ به، والبعض يتعاون، ومن الجهات الأكثر تعاونًا، مجلس الوزراء مثلًا في حين أن من الممكن أن أصغر وحدة محلية موجودة في مصر لا تتعاون.


الدكتور عبدالواحد النبويالدكتور عبدالواحد النبوي

الدكتور عبدالواحد النبويالدكتور عبدالواحد النبوي

الدكتور عبدالواحد النبويالدكتور عبدالواحد النبوي

الدكتور عبدالواحد النبويالدكتور عبدالواحد النبوي
كلمات البحث
اقرأ أيضًا: