قال باحثون من بريطانيا إن جفافًا حادًا هو الذي أدى أواخر الألفية الأولى بعد الميلاد لاندثار حضارة مايا، التي نشأت قبل نحو أربعة آلاف سنة، وسادت في منطقة جنوب المكسيك وجواتيمالا وبليز وهندوراس.
موضوعات مقترحة
ولا يزال الغموض يكتنف حتى اليوم الظروف التي أدت للأفول المفاجئ لحضارة مايا، التي كانت سائدة على مدى 4000 سنة في منطقة أمريكا الوسطى، وبلغت أوجها في الفترة بين عام 800 و1000 ميلادي.
وهناك دراسات تشير إلى أن جفافا حادا أدى آنذاك إلى انتهاء هذه الحضارة.
ولمعرفة حجم هذا الجفاف والقحط، درس فريق من الباحثين تحت إشراف نيكولاس إيفانس من جامعة كامبريدج البريطانية، ترسبات في بحيرة تشيشانكاناب المنعزلة تماما في شبه جزيرة يوكاتان، التي لا تبعد كثيرا عن مدينة ميريدا جنوب المكسيك.
وقال الباحثون في دراستهم التي نشروا نتائجها، اليوم الخميس، في مجلة "ساينس" العلمية، إنهم تتبعوا خلال تحليل هذه الرواسب، المكونات الجيرية التي ترسبت في فترات الجفاف.
ورصد الباحثون سمك هذه الرواسب، وتتبعوا جزيئات المياه التي ظلت داخل هذه الرواسب، متتبعين بذلك النظائر المختلفة للأكسجين والهيدروجين لهذه الجزيئات المائية.
وحيث إن النظائر الخفيفة تتبخر بشكل قوي أثناء الجفاف، فإن وجود نسبة كبيرة من النظائر الثقيلة، مثل نظائر أكسجين 18 ونظائر هيدروجين 2، يشير إلى أنه كانت هناك فترة جفاف.
وللمقارنة حلل الباحثون طبقات مترسبة تعود للفترة بين عام 1994 و2010م، والتي وثقت خلالها درجات الحرارة ومقدار الأمطار.
ثم أدخل الباحثون هذه البيانات في نماذج حاسوبية مختلفة، وحاكوا بذلك الظروف المناخية التي كانت سائدة آنذاك "فوجدنا احتمالات مرتفعة لحدوث جفاف خاصة في بداية الفترة التقليدية المتأخرة أي في الفترة بين عام 750 و850 ميلادية، وفي نهايتها أي في الفترة بين عام 950 و1050 ميلادية" حسبما ذكر الباحثون.
وحسب الباحثين فإن كميات الأمطار كانت أثناء مرحلة الجفاف أقل بمتوسط 47% من كميات الأمطار الحالية، مع تذبذبات بنسبة 20 إلى 70%، وكانت رطوبة الجو التي تعكس مدى تشبع الهواء ببخار الماء أقل بنسبة 4% عن المعدلات السائدة في الوقت الحالي.
وقال الباحثون إنه من الممكن الاعتماد على هذه البيانات الآن، كأساس للحسابات التي تبين مدى إضرار الجفاف بالزراعة آنذاك.
وأوضح إيفانس في بيان عن جامعته بشأن الدراسة: "تعد دراستنا تقدمًا جوهريًا لأنها توفر تقديرات إحصائية يمكن الاعتماد عليها بشأن الأمطار والرطوبة أثناء أفول حضارة مايا".