تصدرت مجموعة من مقاطع الفيديو، مواقع التواصل الاجتماعي الأيام الماضية يظهر فيها الشخص بجوار سيارته الخاصة يؤدي رقصة معينة أثناء سير السيارة على نغمات أغنية للمطرب الكندي دريك؛ ليصبح بعد ذلك من يقوم بهذه الرقصة قد فعل "تحدي كيكي" الذي اشتهرت به تلك الفيديوهات والتي انهال عليها عدد كبير من الشباب في جميع أنحاء العالم يقلد كل منهم الآخر، على الرغم من أن كثيرًا منهم لا يدرك معنى الأغنية التي يؤدي عليها "تحدي كيكي" لنجد أنفسنا أما ظاهرة "التقليد الأعمي" ولم تكن تلك البداية؛ حيث شهدت مواقع التواصل منذ أشهر قليلة موجة لفيديوهات عُرفت بـ "ميوزيكلي" يظهر الشخص في الفيديو مؤديًا أحد المشاهد الكوميدية على أنغام الأغاني الشعبية أو مقاطع صوتية من الأفلام والمسلسلات، وقد سبقها موجة أخرى لأغنية "ديسباسيتو" الأسبانية التي تسارع الشباب على التفاعل معها ونشر فيديو عبر "فيسبوك".
موضوعات مقترحة
إن ظاهرة التقليد الأعمى التي يُقدم فيها الشخص على فعلة معينة دون إعطاء فرصة للعقل أن يعمل ويتساءل حول الهدف من هذه الفعلة وماذا تعني وما العائد من تقليدها تمكنت من الكثير بناء على عدد الفيديوهات التي انتشرت على "فيسبوك" لـ "
تحدي كيكي" وحرص الشباب على تقليد هذا التحدي وهنا تتساءل "بوابة الأهرام" حول الظاهرة..
لماذا لاقت قبولًا كبيرًا من الشباب وكيف تمكنت "أغنية أجنبية" من خلق مكانة لها وسط مجتمع شرقي؟
يقول الدكتور محمد عفيفي، رئيس قسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة، والأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة، في تصريحات لـ "بوابة الأهرام" إن التقليد ظاهرة عالمية ظهرت مع التوسع الإعلامي في الميديا منذ ظهور الراديو والتلفزيون وصولا بظهور "فيسبوك" الذي أصبح منبرًا إعلاميًا لقطاع كبير من المجتمع وهو الشباب .
ويبرهن علي الظاهرة مستندًا إلى التاريخ فيقول إن فترة الخمسينيات شهدت موضة "الفرانكو آراب" وهي الأغاني التي تتضمن جزءًا باللغة العربية وجزءًا بالأجنبية وكانت أشهرها أغنية "يا مصطفى يا مصطفى" وفي أواخر الستينيات وبداية السبعينيات ظهرت موضة الفرق الموسيقية التي خرجت عن المألوف في هذه الفترة.
ويشير إلى الإعلام ودوره فيقول إنه الوسيلة للنجاة من "تقليد الغرب" دون إعمال العقل؛ حيث الثقافة التي تملك إعلامًا قويًا تستطيع أن تفرض نفسها بقوة على غيرها من المجتمعات وتأثرنا بالأغاني الأجنبية مثل "in my feelings" و" Despacito" يُعد إشارة لإعلام ضعيف في مواجهة ثقافات الغرب، وحسب التاريخ فإن الثقافة الأمريكية غزت اليابان بنسبة كبيرة واستطاعت أن تتمكن من المجتمع بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية مؤكدًا: "وجود إعلام قوي يساهم بقوة في نشر ثقافة المجتمع؛ بل وفرضها".
أما "فيسبوك" الذي أصبح منصّة لكل ما هو جديد من ثقافات وعادات الشعوب وساهم بقوة في نقلها إلي أفراد المجتمعات الأخرى، فيؤكد عفيفي أنه أصبح بالفعل وسيلة إعلامية تنتقل من خلالها ثقافات الدول وعادات الشعوب الأخرى، وأنه ليس بإمكاننا منع هذا التطبيق فشأنه شأن وسائل الإعلام الناشئة جديدًا كالراديو في بداية ظهوره والتلفزيون وحتي السينما وكل هذه الوسائل شهدت تخوفًا في بداياتها وهذا طبيعي فكل ما هو جديد يحمل معه إيجابيات وسلبيات مؤكدًا أن المنع ليس حلًا وإنما ما ينبغي فعله هو التوجيه للاستخدام الصحيح لهذه الوسيلة الحديثة مضيفًا: "فيسبوك وسيلة إعلامية تحتاج رؤية وسياسة للاستخدام".