Close ad

وثائق مصرية بالصومال.. مدينة عصرية في "بربرة "ومنع اقتتال القبائل 12 سنة | صور

17-12-2017 | 08:54
وثائق  مصرية بالصومال مدينة عصرية  في بربرة ومنع اقتتال القبائل  سنة | صور وثائق مصر في الصومال
قنا - محمود الدسوقي

في عام 1939م، نشر المؤرخ الدكتور محمد صبري كتابه "مصر في إفريقيا الشرقية" الذي يعج بالكثير من الوثائق المهمة والصور النادرة، حيث سرد المؤرخ صبري الحضور المصري في إفريقيا ومجهودات مصر في تعمير الصومال في عهد الخديو إسماعيل وإقامة المهندسين المصريين لمدينة بربرة بشكل عصري.

موضوعات مقترحة

وثائق مصر في الصومال

كانت مصر قد أرسلت منذ عدة أيام طائرة عسكرية محملة بالمساعدات لمطار العاصمة مقديشو مهداة للشعب الصومالي الشقيق وعلى متنها طاقم طبي مجهز بأحدث الأجهزة الطبية لمرافقة الحالات الحرجة في المستشفيات العسكرية المصرية بناء على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وتنشر "بوابة الأهرام" بعض الوثائق التي حواها الكاتب النادر وهي ضمن وثائق محفوظات سراي عابدين  ورسومات نادرة قام المصريون برسمها لقبائل الصومال المختلفة بالإضافة لوثائق الخارجية البريطانية ووثائق حوتها المراجع الأجنبية التي تتحدث عن فترة الحكم المصري في الصومال الذي استمر لمدة 12 سنة وحقق إنجازات كبيرة في منع الاقتتال الداخلي بين القبائل وإشاعة الأمن والعمران بين المواطنين الصوماليين.

غلاف الكتاب

ويقول صبري "تنازل الباب العالمي عن زيلع لمصر مقابل 1500 جنيه تركي سنويا فأخذ إسماعيل ينشئ حكومات في البلاد، واعترف الإنجليز بأن المصريين جعلوا البلاد المتوحشة متمدنة، وقد تم مد خط تلغراف بينها وبين سواكن في السودان ومنها لمدينة بربرة في الصومال. كما أكد الأنجليز أنه يوجد في كل قرية في الصومال موظف مصري معه طائفة من الجنود كما يوجد بريد شهري منتظم بين السويس ومصوع بإريتريا ومنها لبربرة.

وبربرة التي عمرها المصريون في الصومال مدينة تقع شمال غرب الصومال. وكانت لعدة قرون عاصمة لأرض الصومال وأيضًا العاصمة الاستعمارية للصومال البريطانية من عام 1870 حتى 1941. وموقعها استراتيجي بسبب طريق النفط.

وثائق مصر في الصومال

وصف المصريون أرض الصومال وصفاً دقيقاً كما قال صبري حيث "الصومال أمة عربية تمتد من خليج تاجورا إلي نهر تانا وضلعاه ساحل المحيط الهندي وساحل عدن وهي مملكة غنية بمواردها من صمغ ومر ونعام ومطاط وخيول وأنعام لاحصر لها بفضل سهولها وجبالها ومراعيها الزاهية وأهم أنهارها هو نهر الجب الذي ينبع في هضبة الجالا وهم قوم أشداء رحل يعيشون من تربية الأنعام والتجارة لكن سبب نزوعهم للسلب والنهب كان سببا في كساد التجارة".

وثائق مصر في الصومال

مر جعفر باشا مظهر حاكم السودان المصري علي ساحل البحر الأحمر حتي المحيط الهندي ورفع الراية المصرية علي بربرة علي ساحل الصومال وفي رأس حاقون علي المحيط الهندي وقد كتب تقريره في مروره عام 1867م وخلاصته أن سواحل البحر الأحمر بسواحله من السويس إلي باب المندب بجميع جزائره القريبة من سواكن بالسودان ومصوع بإريتريا والسودان ليست لواحدة من الدول الأجنبية ماعدا زيلع فهي تابعة للدولة العثمانية ومعطاة بطريق الالتزام لأبي بكر شحيم أميرها.

وفي أوائل نوفمبر عام 1867م تحرك أسطول مصري في البحر الأحمر بقيادة جمالي بك وتم تعيين عبد القادر باشا حلمي حاكماً علي عموم سواحل إفريقيا الشرقية وتوطيد الحكم المصري في إفريقيا وكانت قبائل الدناكل تعيش علي ساحل البحر الأحمر من مصوع إلي باب المندب والصومال ومن باب المندب إلي المحيط الهندي وكانوا في عراك مستمر وقام جمالي بك بالمصالحة بين قبيلتي بلهار وبربر ونشر السلام فكتب إليه حاكم عدن الانجليزي معترضا فأرسل شريف باشا إلي إنجلترا قائلاً بحزم " إن تبعية هذه البلاد لمصر ثابتة".

أتت إنجلترا ببدعة وكذبة كبيرة مكنتها من هذه البلاد فيما بعد كما يقول الكتاب النادر حيث قامت بالتحالف مع شيوخ البلاد لكي يتنازلوا عنها لهم وفتحت إنجلترا المجال لفرنسا وإيطاليا فيما بعد أن يحذوا حذوها في استعمار هذه البلاد، لكي يؤكد الخديو إسماعيل حقوقه في الصومال أرسل ممتاز باشا والياً علي إفريقيا من السويس حتي جردفون ووصل ممتاز إلي بلهار ورفع الراية المصرية ووزع الإعانات علي الفقراء والمساكين وكان سكان هذه المنطقة يبلغون نحو 5 آلاف من عرب الصومال.

وذهب ممتاز باشا إلي بربرة وأصلح بين قبائلها وكان سكان هذه المناطق لايميلون للزراعة وكانوا يميلون للتجارة ولكن حب السلب والنهب ولد الفوضي والانحطاط لديهم وكان المصريون يزرعون ويحثون علي الزراعة وإنشاء البساتين وكانوا ينشرون الأمن بجندهم علي سواحل البحر الأحمر.

وتوضح وثائق الكتاب "أن المهندس عبدالرازق بك طلب بعد رحلته لاكتشاف ماوراء نهر الجب يطلب من الخديو إسماعيل عدد 312 رجلاً من جميع الحرف من مهندسين وأطباء ونجارين وخبازين وبنائين وغيرهم وقد قام باكتشاف منطقة نهر الجب لكن الإنجليز لم يمهلوه لإتمام حملته في نشر ربوع الحضارة في هذه البلاد.

شاهد المصريون آثارا قديمة في الصومال هناك وقد كانت بربرة ذات سمعة سيئة منذ قتلوا بحارة السفينة الإنجليزية كون ميري عام 1825م والاعتداء علي البحارة بيرتون أول أوربي يزور هذه المناطق في زي عربي عام 1855م.
وقام المصري رءوف باشا بمحاربة الأمية المتفشية ونشر الإسلام في ربوعها وحارب القبائل المتناحرة وكانت قبيلة الصومال تفاخر بقتل قبيلة الجالا نهاراً وتضع ريشة في شعورهم كنوع من الوسام ونهاهم رءوف باشا عن الهمجية.

كتب الكولونيل استانتون من الإسكندرية إلي وزير الخارجية البريطاني في عام 1874م يخبره قائلا "إن إيجاد إدارة منتظمة علي سواحل الصومال تقضي علي أسباب النزاع بين القبائل وعلي المعارك التي تعطل التجارة وهذا ماتفعله مصر".

من مدينة بربرة أخذت الحضارة المصرية تتوغل في البلاد وكان هناك مركب مصري يرسو فيها طوال الشتاء كما يؤكد كتاب مصر في إفريقيا وكان قائدها مسئولاً عن حفظ الأمن في وقت المحافظ رضوان باشا وفي ظهر هذا المركب كان يقيم جماعة من المهندسين أمثال عبدالرازق نظمي ومحمد بهرام الذي خلف نظمي في اكتشاف ماوراء الميناء حيث رسموا خرائط واستحدثوا مدينة جديدة بدلا من العشش.

وفي مسافة 5 سنوات قام المصريون ببناء مدينة في بربرة بها منارة تهدي السفن وفيها مراسي سفن وأرصفة وفيها مخازن مشحونة بالفحم لتموين المراكب البخارية وفيها بيوت منتظمة وشوارع مرصوفة لا أثر فيها للأقذار المتراكمة التي كانت مصدراً للأوبئة كما أقاموا فيها جامعا كبيرا وبستانا ضخما.

وقد فاض الماء الحلو قادما من جبل الدوبار في مواسير ممتدة ولما كان الماء ينفجر من الصخر فتكون درجة حرارته مرتفعة فقد قام المصريون ببناء صهاريج لتبريده قبل مروره من السهل إلي الخزانات حيث لايزال الحصن القديم الذي بناه المصريون متواجدا يحرس المنبع إلي اليوم في وقت كتابة الكتاب النادر عام 1939م، كما أقام المصريون مستشفي وصيدلية ومخابز وطواحين ومكتب بريد ومصابيح تضاء بالغاز كنظائرها في شوارع مصر في الأزبكية وشاعت العملة المصرية النقدية وأقبل عليها التجار في التعاملات كما يؤكد الدكتور صبري في كتابه مصر في إفريقيا.

كما جعل المصريون مدينة بربرة ميناء عالميا تتضاءل أمامها عدن، وقد اعترف قنصل إنجلترا في الصومال في رسالة مؤرخة عام 1884م بأن المصريين فعلوا في بربرة ماتجعلها تتفاخر بها أمام أية إدارة في العالم وفي عام 1877م أرغم الإنجليز الخديو إسماعيل علي قبول معاهدة وإعفاء الضرائب والجمارك علي ميناء بربرة فأصبح دخل المدينة لايزيد على 170 جنيها في السنة مع أن المركب الحربي المصري الذي يحفظ المدينة من اقتتال القبائل كان يكلف الحكومة 300 جنيه في الشهر ومنها بدأت معاناة الحكم المصري في المدينة.

ويضيف صبري في كتابه النادر "أن كافة القناصل الأوروبيين أعجبوا بما فعله المصريون في مدينة بربرة ومنهم القنصل الفرنسي بمدينة بربرة حيث سرد الكثير عن مبني الحاكم المصري علي الطراز الأندلسي وكان أسلوب البناء مطابقا لحالة الجو".

في عام 1884م وبعد احتلال إنجلترا لمصر بعامين كانت مازالت تعيش فيها حامية مصرية في الصومال حتي أرغم الاحتلال الإنجليزي مصر علي الرحيل كاملاً من الصومال واحتلال المدينة التي أنشأها المصريون وهي بربرة.
 

كلمات البحث
اقرأ ايضا:
الأكثر قراءة